د - محمد بن موسى الشريف
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9254
كان من أهداف الحملة الصليبية المتصهينة على العراق أن تقضي على المقاومة العسكرية والشعبية في أسرع وقت ممكن وذلك للأسباب التالية:
تقليل الخسائر البشرية والمادية في الجيش الصليبي المتصهين إلى أقل حد ممكن.
رفع الحرج عن الحكومات الإسلامية والعربية التي تقف موقف المتفرج على ما يحدث ، فإذا طالت الحرب وصل الحرج مداه ، وهذا الذي ابتدأ بالتصريح به بعض زعماء الدول العربية والإسلامية.
تقليل الرفض الشعبي العالمي والإسلامي لهذه الحملة الصليبية المتصهينة، فقد أظهرت الشعوب العالمية والإسلامية وعياً عالياً وضميراً حياً يقظاً إزاء ما يجري، وعشرات الملايين قد خرجوا في مظاهرات عارمة يعبرون غضبهم واستيائهم ، وهذا يسبب حرجاً لهؤلاء الغزاة الهمج المستكبرين.
استباق الحركات الجهادية وما يمكن أن تصنعه إزاء هذه الهجمة البربرية ، إذ أن أي عمل يعمله هؤلاء سيسبب حرجاً كبيراً جداً لهؤلاء الغزاة ، ويصعد الغضب الشعبي أكثر فأكثر.
قتل الأمل في نفوس كل من يحاول التصدي لهؤلاء الصليبيين المتصهينين في أي مكان في العالم، إذ كل من يريد أن يخرج عن سيطرتهم وكبرهم وعنجهيتهم سيصيبه سريعاً ما يصيب العراقيين الآن، فإن طالت المواجهة أحيت الأمل في نفوس كل الأباة والأحرار في إمكانية مقاومة وهزيمة هؤلاء أو التصدي لهم وإحراجهم طويلاً على أقل تقدير.
إذاً كان في أذهان المخططين لهذه الحملة ومن ساعدهم ووقف معهم سرعة إنها هذه الحملة على أي وجه كان، فماذا صار بعد ذلك:
الذي حدث أنه قد ظهرت مقاومة قوية من قبل العراقيين أحرجت هؤلاء إلى الغاية، ولم تكن حربهم نزهة كما صرحوا مراراً، وهناك دلالات مهمة لهذه المقاومة، منها:
أولاً : إن هؤلاء الصليبيين المتصهينين المتغطرسين المستكبرين يمكن مقاومتهم والوقوف في وجوههم ، وليس كما يزعمون ويزعم من يدافع عنهم أنهم كالسيل إذا انحدر لا يستطيع مقاومته أحد ولا الوقوف في وجهه ، وصوروا على أنهم القوة التي لا تقهر وأنهم أعظم من أن يقف في وجههم أحد ، فكلما طالت المقاومة كانت أدعى إلى تحطيم هذه المقولة الكاذبة والفرية الضخمة ، وأسعد لكل من يريد مقاومتهم والوقوف في وجوههم.
ثانياً : إن هؤلاء الصليبيين المتصهينين المتغطرسين مكروهون إلى الغاية ، مكروهون من الصين شرقاً إلى أوروبا نفسها غرباً ، ومن جنوب إفريقيا جنوباً إلى أقصى الشمال ، وأكبر دليل على كراهيتهم ما يحصل الآن من مقاومة ضدهم في العراق ، فصدام على أنه طاغوت بعثي مكروه ومخيف لكن مع ذلك ما زال جيشه يقاتل الغزاة ويقف في وجوههم ، وهذا ما لم يكن في حسبان الغزاة الذين ظنوا أنه ما إن تطأ أقدامهم أرض العراق إلا وينفض عن صدام جيشه ويستسلم لهؤلاء مرحبين مهللين فرحين فخاب سعيهم وظنهم.
ثالثاً : من دلالات هذه المقاومة أن الإسلام ما زال ولله الحمد أعلى وأجل في النفوس مما عداه ، فلا بد أن يفهم هؤلاء الصليبيون المتصهينون أن الإسلام أعظم في نفوس أهله من كل اعتبار آخر ، فالصفعة الإسلامية التركية لهم ما زالت حاضرة في النفوس قائمة في الأذهان ، والصفعات التي تتوالي عليهم وتنهمر من كل البلاد الإسلامية وغيرها المتمثلة في قومة الشعوب في وجوههم يشاهدها الجميع ، والصفعة الأخيرة ليست الآخرة تمثلت في المقاومة العراقية الكبيرة ضدهم ، فالإسلام ما زال ضمير الشعب النابض في شتى أرجاء العالم ولله الحمد.
رابعاً : هذه المقاومة تدل بوضوح على أن المقاومين يفهمون أن هذه الحملة الباغية الفاجرة تستهدف احتلال بلدهم احتلالاً عسكرياً مباشراً والسيطرة على مقدراتهم وثرواتهم ، وأكاد أقول: لكني لا أستطيع أن أجزم أن أكثر المقاومين يفهمون أن هذه الحملة تستهدف إسلامهم ودينهم أيضاً ؛ لذلك تعظم المقاومة ويشتد أوارها ، وهذا فضل من الله ونعمة.
بقيت لي كلمة لهؤلاء المقاومين :
انووا بمقاومتكم الجهاد في سبيل الله تعالى فإن الدفع عن الدين والأوطان والأنفس والأعراض جهاد وأي جهاد! وليس تجدي مقاومتكم في الحقيقة الجدوى الكاملة إلا إن كانت جهاداً في سبيل الله تعالى.
لا تيأسوا وقاتلوا حتى تسلموا أرواحكم شهداء في سبيل الله تعالى إن شاء ، ولا تستسلموا لهؤلاء أبداً ، فإن استسلامكم ذل وهوان ، وتوهين لعزائم الآخرين من إخوانكم ، وحسرة لكثير من المسلمين الذين يدعون لكم ويتابعون أخباركم.
لا تجازوا صداماً بما فعله فيكم وأنزل بكم من مظالم فتقدموا على تسليم البلاد إلى الصليبيين المتصهينين ، فإن البلاد ملك لله تعالى وليست ملكاً لصدام ولا لغيره ، والدفاع عنها واجب ، بارك الله فيكم وشد عزائمكم.