د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 655
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بيت الحكمة بقرطاج، المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون، نجده في النص المعرّف به كمؤسسة في «الموسوعة التونسية» التي تنشرها هي نفسها على الإنترنت تشبهاً بالويكيبيديا العالمية، تقفُنا على دورها وأهدافها بالعبارات التالية: «بما يحدوها من روح الانفتاح على الآخر الثقافي، بعيداً عن هواجس الاستعلاء الموهوم أو الصراع أو الدّفاع الغريزي عن الذات، وعياً أنّ المعرفة موزّعة على عقول الجماعة البشرية وأنّها ليست حكراً على لغة دون لغة ولا ديانة دون ديانة ولا ثقافة دون ثقافة ولا جنس دون جنس. وهذا هو الدور نفسه الذي يحرص المجمع التونسي على استئنافه بالعقلية ذاتها».
والعبارة الأخيرة إشارة الى تشبهها بالأكاديميات والمجامع العلمية في العالم القديم والحديث. وهو تعميم قائم على مغالطة أو سوء تقدير. لأن المفارقات بينها بيّنة بعد السماء عن الأرض، كما تقول المنظمة الأممية والمنظمات الإقليمية أو المحلية. وفيما لمسناه منها منذ تأسيسها نقداً وتصحيحاً وبحثاً وتحقيقاً ونشراً وتأليفاً.
وهذا الكلام جاء في التعديل الواقع في النص حسب بروتوكول الويكيبيديا أي الموسوعة السريعة المتميزة بالتعديل بأي قلم سريع تحت مراقبة إدارة الموقع فقط، والمطابق تاريخه يوم 18 ماي 2017، لمدة رئيسها السابق الذي يستعد خلفه الجديد للاحتفال به في أواخر هذا الشهر تكريماً لفكره النير، وأيّ تكريم إذا كان هو المسؤول على حشر هذا التعديل الواقع على كل حال بعلمه. والذي يقفنا على فظاعة ما ينتظر التربية التونسية من انتهاك لحرماتها الدينية والوطنية واللغوية.
وإلا فليأتنا صاحب هذا الكلام بدولة تحترم ذاتها وترعى ماضيها وتبني مستقبلها توصي أبناءها بالبعد عن هواجس الاستعلاء الموهوم أو الصراع أو الدّفاع الغريزي عن الذات، وعياً منها - حسب قوله المتقدم دائماً - بأنّ المعرفة موزّعة على عقول الجماعة البشرية وأنّها الخ..».
ما يعني الإقدام في خطوة تالية الى الاستخذاء للآخر أو الانسلاخ عن الهوية، ويذكّرنا هذا بالثقافة الاستعمارية التي أنكرت علينا ديننا ولغتنا وانتماءاتنا القومية والعرقية وعبقرية حضارتنا الإسلامية المميزة، فلا نعود نقول: ديننا هو خاتمة الأديان ولا نقول رسولنا هو خير الرسل ولا نقول لغتنا هي لغة القرآن، نعزها ونتقدم بها كما نعز ديننا ووطننا ولا نقول في صلاتنا غير المغضوب عليهم ولا الضالين - كما أراد وزير تربية سابق المرحوم محمد الشرفي قبل الثورة - للقصد منهما اليهود والنصارى في بعض التفاسير.
وجميع ما ورد في هذا التعريف بمؤسستنا العتيدة، مؤسسة بيت الحكمة، التي يدفع المواطن الكادح من دمه وعرقه لتمويلها لم يرد في قانونها الأساسي ولا سطّر دورها وأهدافها مسؤول على رأسها بهذه المعاني الغريبة عن كل فلسفة، لأنها ضد طبيعة الخلق وتنوع الحضارات وتنازع الدول من أجل خير البشرية والتفاضل بالعلم والعمل والتقوى والصلاح، ولا تليق بالمبادئ والقيم التي نربّي عليها أبناءنا وأجيالنا لنفاخر بهم ويفاخروا بنا.
وإذا كانت تلك التعديلات من بصمات أصابع هذا المسؤول أو ذاك الدينية أو الأخلاقية أو العلمية فلتبق خاصة بقُفل جوّاله، لا ببيت الحكمة أو فتح بابه لغير المربَّى من الناس على الاعتزاز بوطنه أو بلسانه أو بدينه. فالله تعالى كرم الإنسان والأقوام والشعوب والأمم والقبائل وفاضل بينها بالدين وباختلاف الألسنة ليعْرِفَهم أيّهم أتقاهم وأيّهم أفسقهم. ولا يمكن أن نجيء اليوم لنساوي بينهم اعتباطاً أو فلسفة، أو حتى سفسطة وهو الأقرب، ونخاطبهم بمثل هذا الحديث الخارج عن التربية السليمة القائمة حقاً على الحكمة والاعتدال واحترام الآخر، إن لم يكن مؤاخاته في الدين القويم واجتناب كفرانه بالطريق المستقيم وبالديمقراطية وحرية التعبير وسلامة الضمير وحرمة المعتقد، وكل ما يشاؤُه الحوار الرصين.
----------------
تونس في ٨ شوال ١٤٤٣ هـ / ١٠ ماي ٢٠٢٢م
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: