أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6679
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا يهم ما تطرحه الجبهة الشعبية ، و لا يهم ماذا يطرح السيد حمة الهمامى و ذووه في الجبهة من أفكار و توجهات و تلاسن مع كل من يعارضهم ، بالنهاية نحن أمام مجموعة من الأشخاص و أمام منظومة متصلبة رافضة للنقاش لا ينفع معها تبادل الأفكار و مصارعة حجتها بالحجة المضادة ، هذا إذا سلمنا جدلا و من باب إثراء النقاش أن للجبهة أفكار و حجج من الأساس ، فالسيد حمة الهمامى على سبيل المثال لا الحصر يعيش في الزمن ‘القديم’ الغابر الذي كان فيه الرغيف بقروش و كان الدواب هي وسيلة النقل الطاغية و كان المذياع فالا لدى بعض الأغنياء فقط ، لم يتغير السيد الهمامى قيد أنملة و بقى أسيرا لنفس خطاب اللاءات الثلاثة ، لا قبول لما يعرض ، لا اعتراف بما يتم ، لا عرض لأفكار قابلة ‘ للحياة’ .
هناك حالة من العدوى في الجبهة ، السيد أحمد الصديق مثلا مصاب بنفس فيروس خطاب اللاءات الثلاثة السىء الذكر ، لا نسمع منه و لا ‘نرى ‘ على شفتيه إلا تلك الابتسامة الساخرة من الحكومة و من الأحزاب الأخرى و من البرامج المقدمة ، فقط حزب الجبهة الشعبية هو من يملك الحل و المعجزة الاقتصادية و الأنموذج التنموي المناسب ، و هو الذي سيريح هذا الشعب من التداين و يقطع مع الفقر و البطالة ، هو من سيجعل تونس تقف الند للند مع بقية دول العالم و من لا تخضع لأي إملاء أجنبي في كل المجالات ، لا ينتبه السيد الصديق أنه يخاطب عقولا عاقلة مميزة فطنة ، لا يخجل السيد الصديق أن يطرح أفكارا فاقدة للصلاحية منذ عقود ، لا يهتم السيد الصديق بان كل دول العالم لم تستطع القضاء على الفقر و البطالة بهكذا شكل من الخطاب الفاقد لمقومات الخطاب السياسي.
نلح في السؤال ، هل تملك الجبهة الشعبية أنموذجا جاهزا لحكم تونس ؟ نجيب بالبنط العريض ، لا بالطبع ، فمجرد ما لدى الجبهة هي مجرد أفكار لا ترتقي حتى لمرتبة الأفكار المقبولة أو القابلة للنقاش و التحليل ، نستمر في السؤال ، هل تملك الجبهة حلولا اقتصادية لم تصلها عقول كل دول العالم ؟ بالطبع ، لا بنفس البنط العريض الأحمر ، إذن لماذا تصر الجبهة على نعى كل توجه اقتصادي قبل بدايته و على نعى كل تشكيلة حكومية قبل بدايتها و على نعى كل توجه إعلامي أو سياسي كل ظهور ملامحه ، و هل يمثل السيد الصديق أو زياد الأخضر أو حمة الهمامى العقول التي سبقت هذا العصر بسنوات ضوئية أم أنهم يمثلون ذلك القطار القديم الذي تخلى عنه الزمن ليصبح مجرد أكداس من الحديد الصدأ.
نحن نتفهم أن يقف السيد حمة الهمامى في نفس المحطة السوفيتية بدافع فطرى ربما لا يتفهمه البعض ، و نتفهــــم أن يكــون لأعضد السيد الهمامى نفــس التوجهات و القناعات بحكم التصاقهم الدائم و المستمر بالرفيق حمة ، و نحن مع القائلين بأن هناك من الأفكار و القناعات الشخصية من هي رافضة لقبول التحولات و التماهى مع كل ما يحدث في العالم ، لكن من المعيب طبعا أن تتحول تلك القوالب المحنطة الجاهزة إلى برميل بارود و متفجرات انشطارية تستغلها الجبهة في أغراضها السياسية الحزبية الضيقة لإثارة البلبلة في الشارع و زرع الأحقاد و الضغينة تحت مظلة ممارسة المعارضة و حق التعبير ، فالجبهة قد تحولت منذ بداية الانتقال النهائي من الوضع المؤقت إلى الوضع السياسي الدائم إلى معول هدم تثار حوله أسئلة و شبهات كثيرة سواء من حيث اختيار موقع الحدث أو من حيث التوقيت.
لا يدرك السيد حمة الهمامى و بعض ‘ الرفاق’ أن عصر الاتحاد السوفيتي قد ولى بغير رجعة و أن ما حملته الاشتراكية السوفييتية السابقة من مشاريع و أفكار قد عفا عنها الزمن و لم تعد تطبق حتى في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق أو ما يسمى بدول المنشأ ، هذا الوقوف المستمر على الأطلال و هذا الإصرار العجيب على طرح مثل هذه التوجهات الاقتصادية السوفييتية لا ينفع مع العقل التونسي الذي صنع ثورته بعرق جبينه دون الاقتداء لا بالشرق و لا بالغرب و هو ، اليوم ، يبحث عن منوال ثوري جديد يصنع بواسطته ثورة لا تقل أهمية في مجالات التنمية و الإعلام و القضاء ، و حين نشاهد ما تعانيه المنظومة السوفيتية السابقة من انحلال و تحلل نريد أن نخاطب الجبهة الشعبية لمطالبتها بأن تتخلى عن خطاب اللاءات الثلاثة ، لأنه خطاب ملوث بالانتهازية السياسية لن يؤدى بها إلا للاضمحلال.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: