بل الصراع عقدي قبل أن يكون سياسيا، وما المواجهة مع الثورة المضادة إلا إحدى ساحاته
فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9544
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حمة الهمامي وعموم جماعة "الجبهة الشعبية" قرروا الوقوف مع السبسي رغم ما بينهم من صراعات سياسية وإيديولوجية.
قبل ذلك وقف اتحاد الشغل مع منظمة الأعراف للانقلاب على "النهضة"، وهو الأمر الذي يعد مستحيلا نظريا، لكنهما اتفقا مادام وجودهما مهددا باعتبارهما يمثلان بقايا فرنسا كما فهماه ضمنيا.
كما أن التنظيمات اليسارية المتخاصمة لاختلاف مرجعياتها، اتحدت داخل "الجبهة الشعبية"، نسى "الماويون" (الوطد) صراعاتهم مع "اللينيين" (حزب العمال)، ونسى الشيوعيون عدائهم مع البعثيين، نسوا كذلك حينما تعلق الأمر بمواجهة من يتخذ الإسلام مرجعا.
كل أجهزة تشكيل الأذهان من إعلام وتعليم وثقافة التي يعشش فيها حملة مشعل الإلحاق بالغرب منذ عقود، كلها وقفت ضد "النهضة"، وكانت اكبر مساهم في الانقلاب عليها.
هذه معطيات تؤكد أن التقسيمات السياسية تتدحرج للمرتبة الثانية لدى الكل حينما يجد الجد.
هذا يؤكد أن الصراع بتونس ليس سياسيا وليس طبقيا بين يمين ويسار، بما أنهم وقفوا معا ضد عدو واحد.
هذا يؤكد أن الصراع فكري ذي خلفية عقدية، هذا هو السبب الوحيد الذي يفسر الواقع بتونس.
الصراع مع الثورة المضادة هو وجه آخر للصراع العقدي المتواصل منذ خروج فرنسا وتسلط بقاياها علينا من خلال أجهزة الدولة التي استولوا عليها بدعم فرنسا آنذاك.
الصراع بتونس صراع عقدي بين أنصار الهوية من لغة ودين من جهة وبين حملة مشعل الإلحاق بالغرب من جهة أخرى، وما المغالبة بين الثورة والثورة المضادة إلا إحدى أوجهه وساحاته.
المؤسف أن الغنوشي يصر على تمييع طبيعة الصراع هذا بالزعم أن الأمر مجرد تدافع ذي خلفية سياسية، وهذا الموقف يمثل خدمة لبقايا فرنسا، لان كلامه سيكون مشوشا لافهام أبناء الثورة ومخدرا لهم ومعيقا على الفعل الواعي.
من نموذج ضحايا الغنوشي محمد الحمروني رئيس تحرير جريدة "الضمير"، الذي ما انفك يكتب مرددا أطروحة الغنوشي، وآخر ذلك اليوم حيث كتب في ما معناه أن من يقول بوجد صرع إيديولوجي يعيش خارج التاريخ.
إنها العزة بالإثم، حين يخطئ أحدهم ويصر على خطئه، وهي النتيجة الطبيعية لمن يكون منهجه عبادة الأصنام عوض أعمال عقله.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: