محمـــد المختــــار القـــــلاّلي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5266
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ما الموقع الذّي يبدو الأوْلى بــ’النّهضة’ ‘التمترس’ به في ظلّ الخريطة السياسيّة الجديدة؟
ليس أمامها، فيما يبدو، غير أن تختار بين أمرين:
- إمّا الرّضا بشراكة ما مع ‘النّداء’، في حال تلقّيها عرضا بذلك.
- وإمّا اللّياذ بالمعارضة.
ما المتوقّع أن تجنيه ‘النّهضة’، وما يمكن أن تفقده في حال ارتضت الشّراكة مع ‘النّداء’؟
أمّا الجزاء فسوف لا يتعدّى، في أغلب الظنّ، بضع حقائب وزاريّة ذات الأهميّة النسبيّة ‘يهبها’ لها غرماؤها مقابل الصّمت على سياساتهم، فيما ستكون تداعيات هذا الخيار، على الأرجح، كارثيّة على ما تبقّى لها من مصداقيّة. ذلك أنّ ‘الحركة’ التي دائما ما ادّعت التّبشير بمشروع يتباين عن مشاريع ‘الآخرين’ سيتأبّى عليها إقناع أتباعها والمتعاطفين معها بإمكانيّة البقاء فاعلة في الأحداث وهي على الهامش من دائرة صنع القرار السياسي. ما سيضع نقطة استفهام كبيرة على ادّعائها كونها لا يعنيها من الحكم غير كونه الأداة الوحيدة لتنزيل مشروعها في أرض الواقع.
هل ستنصاع ‘النّهضة’ لإرادة خصومها فَتَتَزَايَلُ عنهم، قانعة بموقع ‘التّابع’، مجازفة برصيدها النّضالي الذي راكمته على امتداد العقود، كي تتفطّن، بعد فوات الأوان، إلى أنّها ‘ قد أكلت من لحمها’ ، وأنّ الصّرح الذي شيّدته بفضل تضحيات أبنائها قد ‘صار عشّا طارت منه فراخه’؟ أم أنّها ستتنبّه إلى أنّ فخّا يجري نصبه لها ستقع فيه لو هي فتحت شهيّتها للطّعم الذي يغرونها به تحت مسميّات شتّى تخفي حقيقة ما يُبيّت لها، متمثّلة قول النبيّ المعلم صلى الله عليه وسلم ‘لست بالخبّ ولا الخبّ يخدعني’؟
الموقع الطبيعي ‘للنّهضة’ في المرحلة القادمة برأيي هو في المعارضة، لا في الحكم، في المعارضة الوطنيّة المسؤولة والبنّاءة. وهو الدّور الذي سيساعد، بلا شكّ، في طمأنة المتوجّسين خيفة من خطر ‘تغوّل’ بدأت ملامحه بعد تلوح في الأفق.
وبالخلاصة، فإنّ ‘حركة النّهضة’ اليوم مدعوّة إلى أن تختار بين الانحياز إلى ‘المبدإ’، مدركة الحاجة الضروريّة، في هذه المرحلة المفصليّة، إلى خلق توازن حقيقيّ في المشهد السياسي يساعد البلاد على تحقيق استقرارها، ويبعد عنها شبح التغوّل والطّغيان، فتبادر، إسهاما في التّأسيس للجمهوريّة الثّانية، إلى توظيف طاقاتها في الذّود عن ‘المشروع الوطني’ ضمن تحالف يجمع كلّ القوى المنادية بالقطع مع ‘ثقافة الرّداءة’ الموروثة عن العهد السّابق ،المؤمنة بالدّيمقراطية فكرا و ممارسة لا شعارا،الحريصة على الحداثة المتصالحة مع الثّوابت و الهويّة ، وبين التّمادي في سياستها الرّخوة، والسّقوط في ‘المكيافيلية’ من خلال الرّضا بلقمة تسدّ الفم ولا تغني من جوع ...
وإنّ غدا لناظره لقريب.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: