البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

تونس : الإنتخابات ليست حلاًّ

كاتب المقال وائل بنجدو - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5971


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تستعد تونس للانتخابات التشريعية و الرئاسية و رغم ما يبدو من اختلاف و تناقض بين الأحزاب السياسية و المترشحين فإنهم يدعون جميعا من يمينهم إلى يسارهم أن الورقة التي سيضعها الناخب يوم الإقتراع مكتوب عليها الوصفة السحرية لتجاوز الأزمة التي تعيشها البلاد على مختلف الأصعدة منذ عشرات السنين . فما مدى صحة هذا الإدعاء ؟ و هل سيكون فعلا صندوق الإنتخابات بمثابة مصباح علاء الدين الذي تتحقق به أماني الناس بمجرد الإعلان عن نتائجها ؟

للإجابة على هذان السؤالان يجب العودة قليلا للوراء و تتبع تسلسل الأحداث في تونس حتى يتسنى لنا قراءة هذا الحدث ( أي الإنتخابات ) ضمن سياقه التاريخي و الظروف الموضوعية التي فرضته . أدركت الجماهير يوم 17 ديسمبر 2010 بوعيها الحسي و مع تدنِّي ظروفها الإقتصادية و الإجتماعية أن النظام الحاكم في تونس أصبح عائقا أمام تقدمها و أنه سبب بؤسها و شقائها فصاغت الشعار المركزي للإنتفاضة ـــ مستلهمة إياه من إحدى أبيات الشاعر الخالد أبو القاسم الشابي ـــ :’الشعب يريد إسقاط النظام’ .

إن هذا الشعار الثوري يعني الإطاحة بالطبقات الحاكمة و المرتبطة بالدول الإمبريالية خاصة فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية لكن ما حصل يوم 14 جانفي 2011 بهروب بن علي هو إسقاط لرأس النظام أما الجوهر الحقيقي للنظام بتشكيلته الإقتصادية و الإجتماعية و إرتهانه لتلك البلدان فلا يزال على حاله . و منذ ذلك التاريخ و عملية قصف العقول ماضية على قدم و ساق لإيهام الناس أن الثورة إنتصرت و أن النظام قد سقط ، كل ذلك حتى يقع قطع الطريق أمام كل محاولة للإحتجاج و تجريمها . لكن الحقيقة التي ترسل أشعتها في كل أرجاء تونس أن الشعب لا زال يئنُّ تحت وطأة الفقر و أن ما يتم إنتاجه منذ 14 جانفي 2011 لا يعدو كونه ديمقراطية شكلية تتداول من خلالها الرجعية الليبيرالية و الرجعية الدينية على الحكم دون المس بجوهر النظام و إختياراته الإقتصادية المرتهنة للدوائرالإمبريالية ، و هو ما حصل تقريبا في أروبا الشرقية التي تحولت بلدانها إلى قواعد عسكرية لحلف الناتو . و في هذا السياق تتنزّل هذه الإنتخابات التي تهدف لإيجاد شرعية جديدة بعد تآكل شرعية الترويكا الحاكمة منذ 23 أكتوبر 2011 و على رأسها حركة النهضة الإسلامية . و لن تختلف طبيعة السلطة القادمة عن سابقتها بالنظر إلى طبيعة التناقض الرئيسي الذي يشق القطر التونسي و كافة أرجاء الوطن العربي و هو التناقض بين الإمبريالية و عملائها من جهة و بين الطبقات الشعبية من جهة أخرى ، ذلك أنه في ظل واقع موسوم بغياب حل للمسألة الوطنية العالقة فإن الإنتخابات ليست سوى جسرا لتعويض عملاء مفضوحين بعملاء جدد أو للمحافظة على نفس العملاء بمزيد إضفاء شرعية زائفة على حكمهم .

و لا تمثل الإنتخابات التونسية خروجا عن هذه القاعدة و هي تتم عبر توجيه للرأي العام من قبل أغلب وسائل الإعلام التي تتنافس في الدعاية إمَّا لحركة ‘نداء تونس’ الذي يتأرسها الباجي قايد السبسي (صاحب التاريخ الأسود في وزارة الداخلية خلال الستينات من القرن الماضي و عضو برلمان بن علي ) و إمَّا لحركة النهضة التي حوَّلت البلاد لمرتع للعصابات الإرهابية الإسلامية و أصبحت تونس بفضلها من المصدرين الأوائل للإرهابيين في سوريا و العراق . إن هذا الصراع بين هتين الحركتين اليمينيَّتين هو صراع داخل نفس النظام فقد تم الإتفاق بينهما و مع الأطراف الدولية الراعية لهما على ما هو أساسي كالتوجهات الإقتصادية اللاوطنية و اللاشعبية ، أمَّا ما بينهما من إختلافات فهي عبارة عن جزئيات تتعلق بتصوّراتهما للنمط المجتمعي الذي يجب أن يسود في تونس .

وقد وُضع لهذه الإنتخابات قانون إنتخابي على مقاس الأحزاب الرجعية حيث كان من المفترض أن يتم تخصيص نسبة للشباب و النساء و العمال ...و أن تكون الدوائر الإنتخابية صغيرة جغرافيا ليتمكن الناخب من إختيار نواب يعرفهم و يعرف نضاليتهم . لكن الذين يشكلون المشهد السياسي المتعفن في تونس لا يمكن لهم إلا أن يصوغوا قانونا إنتخابيا يضمن لهم إستمرارية حكمهم بعد الإنتخابات . أضف إلى كل هذا المال السياسي الذي تملأ به القوى الخليجية و الدولية جيوب حلفائهم لمساعدتهم للوصول للسلطة ، و قد إعترف شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات بإستحالة مراقبة المال السياسي . إن هذا الإعتراف هو عبارة عن تصريح ضمني بأن الإنتخابات مزورة قبل وقوعها !!!

و تكشف عديد الطعون المقدمة ضد أعضاء هذه الهيئة المشرفة على الإنتخابات (خاصة الهيئات الفرعية) و بعض المنظمات المعنية بمراقبة سير الإنتخابات عن إختراقها من بعض الأحزاب خاصة حركة النهضة .

و لم تختلف هذه الحملة الإنتخابية عن إنتخابات 23 أكتوبر 2011 في اللجوء لبعض الأساليب القذرة التي لا تساهم في الإرتقاء بوعي المواطن و إنما ترسخ لديه ثقافة متخلفة و من ذلك اللعب على وتر ‘العروشيَّة’ (القبلية) و الجهويَّة و دغدغة المشاعر الدينية للجماهير ورشوة الناخبين بأعمال الإحسان ـــ خاصة من قبل الجمعيات الإسلامية القريبة من حركة النهضة ــــ التي لا تساهم إلا في تخريب الوعي الطبقي للجماهير . و قد وصل السقوط الأخلاقي و القيمي الذي يميِّز جلَّ الحملات الإنتخابية حدّ دعوة الناخبين من قِبل رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي لقبول الرشاوي من منافسيه و عدم التصويت لهم.

ختاما فإنه و بالرجوع لكل ما سبق لن تكون الإنتخابات القادمة سوى حلقة من مسلسل الإلتفاف على إنتفاضة 17 ديسمبر و هي الطريق لترميم النظام بعد ما أصابه من هزات متتالية و من هنا فإن مقاطعة هذه المسرحية التي سيصل عبرها بعض المجرمين للسلطة و مواصلة النضال ضد هذا النظام و رفض الإنخراط ضمن منظوماته و ميكانيزماته التي يجدد بها نفسه بعد كل أزمة ( و منها الإنتخابات القادمة) هي الطريق لتحقيق مكاسب ملموسة للمضطهدين الذين حولتهم الأحزاب العميلة و المنافقة إلى مجرد أوراق إنتخابية .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإنتخابات التونسية، الإنتخابات التشريعية، حركة النهضة، حركة نداء تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-10-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
العادل السمعلي، تونسي، فتحي العابد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، د. أحمد محمد سليمان، بيلسان قيصر، حسني إبراهيم عبد العظيم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد أحمد عزوز، عزيز العرباوي، حميدة الطيلوش، د- محمد رحال، أحمد بن عبد المحسن العساف ، علي الكاش، صالح النعامي ، عبد الله الفقير، طارق خفاجي، منجي باكير، محمد العيادي، حاتم الصولي، حسن عثمان، سامر أبو رمان ، محمد عمر غرس الله، طلال قسومي، محمد شمام ، د. عبد الآله المالكي، د - محمد بنيعيش، المولدي اليوسفي، الهادي المثلوثي، مصطفى منيغ، عبد الغني مزوز، أشرف إبراهيم حجاج، د.محمد فتحي عبد العال، سامح لطف الله، د. صلاح عودة الله ، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحي الزغل، محمد الطرابلسي، عراق المطيري، عبد العزيز كحيل، أحمد ملحم، يزيد بن الحسين، رافع القارصي، أحمد الحباسي، إياد محمود حسين ، وائل بنجدو، مصطفي زهران، د- هاني ابوالفتوح، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، حسن الطرابلسي، سلام الشماع، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سعود السبعاني، مراد قميزة، سلوى المغربي، فوزي مسعود ، الهيثم زعفان، فتحـي قاره بيبـان، رمضان حينوني، محمد الياسين، أحمد النعيمي، محمد اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، د - الضاوي خوالدية، إسراء أبو رمان، د - مصطفى فهمي، صباح الموسوي ، ياسين أحمد، عمر غازي، علي عبد العال، د - عادل رضا، فهمي شراب، سليمان أحمد أبو ستة، يحيي البوليني، الناصر الرقيق، أبو سمية، مجدى داود، محمود سلطان، د- محمود علي عريقات، رافد العزاوي، عبد الله زيدان، محمد علي العقربي، د- جابر قميحة، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، سيد السباعي، ضحى عبد الرحمن، رشيد السيد أحمد، سفيان عبد الكافي، إيمى الأشقر، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، محمود فاروق سيد شعبان، رضا الدبّابي، د - المنجي الكعبي، خالد الجاف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، عبد الرزاق قيراط ، خبَّاب بن مروان الحمد، نادية سعد، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد بشير، كريم فارق، عمار غيلوفي، د. طارق عبد الحليم، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، د - صالح المازقي، د. خالد الطراولي ، أ.د. مصطفى رجب، صلاح المختار، محمد يحي، كريم السليتي، عواطف منصور، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء