الثورة المضادة في تونس ذات خلفية إيديولوجية عكس ما هي في ليبيا
فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8577
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الثورة المضادة في ليبيا تختلف من حيث خلفيتها عما هي عليه في تونس، ففي ليبيا المتحركون هناك خاسرون للسلطة والثروة أساسا بالإضافة لاعتبارات قبلية، اما في تونس فالثورة المضادة تجمع في صفوفها بالإضافة لخاسري المناصب والثروة، كل من يحمل مشروعا إيديولوجيا غربيا يخشى تهديده باستفاقة التونسيين، أي أن الجامع للثورة المضادة بتونس هو أساسا محرك إيديولوجي غربي.
صف الثورة المضادة بتونس يجمع العلمانيين ومتخذي الغرب نموذجا بمختلف مشاربهم من يساريين وليبراليين وغيرهم من سقط المتاع، ولذلك يجتمعون في الشدائد ويتناسون اختلافاتهم، لان ما يوحدهم هو الخوف من استفاقة التونسيين ضد عمليات إلحاقهم بالغرب التي تمت قهرا وانطلقت منذ عقود على يد سيئ الذكر
وهذا الاختلاف بين تونس وليبيا يفترض منا أن لا نكتفي بتوصيف ثورة مضادة هكذا في المطلق، ونشبههما ببعضهما، لان هذه النظرة القاصرة تبعدنا عن حقيقة الأشياء، وتخفي عنا طبيعة الصراع في تونس انه صراع في أصله مع بقايا فرنسا ومع حاملي مشعل الإلحاق بالغرب، ولذلك تراهم رغم تنازلات "النهضة"، يحاولون أن يطردوا كل صاحب نفس يشتم منه نصرة الهوية من لغة ودين من أن يتبوأ أي منصب بالبلاد، لكأن تونس أصبحت حكرا لبقايا فرنسا أما أنصار الهوية المفترض أنهم أصحاب البلاد والأولى بها، لكأنهم أغراب
بمعنى آخر، الثورة المضادة بتونس يحمل مشعلها محاربو الهوية، وهو مالا يقع بليبيا، يجب علينا أن نفهم جيدا هذه النقطة
التعامي عن ذلك والقول أن محركي الثورة المضادة هم بقايا النظام والتجمعيون ومن خسر مصالحه الاقتصادية كلام سطحي، لن يحل المشكلة، بل سيزيد في إبعادنا عن التصدي لبقايا فرنسا والثورة المضادة عموما، وسيزيد من تقويتهم في الوقت الذي يعمل فيه البعض ممن يفترض انتمائه لصف الهوية، على الإيغال في المغالطات التي تشوش عن فهم طبيعة الصراع، ويزعم ان الصراع سياسي، وأنه يمكن الالتقاء مع اليساريين والعلمانيين لنصرة أهداف الثورة، فأي ثورة ستتلتقي فيها مع محارب للهوية
باختصار تونس فيها صراع عقدي، ولن يحل هذا الصراع بدعوات التصالح مهما كانت النيات حسنة، الصراع لن ينتهي الا بخسارة طرف ما قسرا وقهرا، هذه سنن التاريخ، ولم يبن التاريخ يوما بالتسامح مع العدو أبدا، لابد أن يخسر احد الطرفين المعركة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: