الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7036
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المشهد الفلسطيني حاضر بقوّة هاته الأيّام في الساحة السياسية التونسية سواء من خلال قضيّة السيّاح الإسرائيليين أو من خلال إتفاق المصالحة الفلسطيني بين كلّ من حركة حماس و حركة فتح...فالنسبة للأولى تحاول كلّ الأطراف السياسية المزايدة على بعضها البعض كما هي العادة في مسألة التطبيع...فالنهضة و حلفاؤها رفضوا التنصيص في الدستور على تجريم التطبيع فهاجت المعارضة حينها متهمّة إيّاههم بالعمالة للكيان الصهيوني...
نفس هذه المعارضة التي طالما روّجت لفكرة تجريم التطبيع دستوريّا نجد عددا من أعضائها البارزين إمّا قاموا بزيارة إسرائيل سرّا أو إلتقوا بوجوه صهيونية معروفة تحت عناوين مختلفة...
تناقضات نعجز عن فهمها أحيانا لكن نقرّ في ذات الوقت بأنّ جميع أحزابنا كلّما تناولت قضيّة ما فإنّ مواقفها منها تكون بحسب المصلحة لا حسب المبدأ...
فالذين يهاجمون وزيرة السياحة بدعوى سماحها بدخول السيّاح الإسرائيلين و سعيها لذلك نسوا أو تناسوا ما ظهر من أخبار تفيد أن السيّاح جاؤوا لجربة منذ عهد الترويكا مصحوبين بأحد أشهر فنّانيهم الذي غنّى للشالوم على ضفاف الجزيرة...بل أنّنا لم نسمع لهم صوتا واحدا يندّد بذلك الصنيع في وقته...فإذا كانت مسألة التطبيع مرفوضة ألم يكن من الواجب رفضها جملة لا إنكارها تفصيلا و حسب الهوى...و لنفترض أن السيّدة كربول مطبّعة مع الكيان الصهيوني...و مهمّتها الأولى في تونس كسر الحاجز النفسي لدى التونسيين لقبول فكرة أن يكون بينهم صهاينة كسيّاح أو كحجاج...
لنفترض أن هذه هي مهمّتها...فأخبرونا بالله عليكم جماعة مناهضة التطبيع خاصّة الذين حكموا البلاد لثلاث سنوات...ماذا قدّمتم لفلسطين...و ماذا فعلتم نصرة للشعب الفلسطيني...كلام في العروبة و التضامن العربي في الظاهر و قبول الضغوط الأمريكية الأوروبية باطنا فيما يخصّ تقبّل الآخر في إطار متوسّطي و لو كان في شكل سياحة...أمّا الثانية و هي المصالحة الفلسطينية فهناك شقّ يريد إستثمارها أيضا و إظهار أنّه كان لهم دورا في ذلك و كما العادة البعض منهم بدأ في ترويج فكرة أنّ الشيخ بحكمته المعهودة و ببركاته تمكّن من إقناع حماس و فتح بالمصالحة و إستنساخ التجربة التونسية في التوافق...آه كم تعبنا من الإستحمار...
يا جماعة الخير فتح و حماس توافقا و كلّ له أهدافه...ففتح خسرت كثيرا بسبب المفاوضات التي لا طائل منها لذلك تريد الضغط على أمريكا و ربيبتها إسرائيل بالمصالحة...أمّا حماس فتريد مصالحة تخرجها من العزلة خاصة بعد الإنقلاب في مصر الذّي ضيّق كثيرا من مجال تحرّكها...بمعنى آخر كلّ منهما يعرف ماذا يريد من الآخر...و الآخر ليس خاف عليه ذلك...فما دخل الشيخ إذن..
لا أعلم لماذا تصرّ النخب السياسية في تونس على إستغباء الشعب و كأنّه لا يفقه شيئا مما يحدث و هو ينتظر ما يقوله الساسة حتى يكوّن رأيه في المسائل و المستجدّات الحاصلة...
ألم يعلموا أن الشعب التونسي من أكثر الشعوب تعليما في العالمين العربي و الإسلامي ممّا يؤهّله لأنّ يكون أكثرهم فهما لما يدور حوله ناهيك عمّا يدور داخل وطنه...و ماذا قدّمت هذه النخب أصلا لهذا الشعب سوى وعود زائفة و كذب و مزيد من التضليل و التعمية على حقيقة الأمور...نُخَبٌ مفلسة تريد إستغلال كلّ شيء يكمن أن يجمّل صورتها في محاولة بائسة لإستجلاب رضا شعب أصبح يضحكه كلام السياسيين أكثر من كلام صانعي الفكاهة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: