البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

لماذا اغتاظت فرنسا من الاهتمام الأنقلوساكسوني بتونس؟

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7052


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لم تتمكن الخارجية الفرنسية من كتم غيظها من نجاح التجربة التونسية و خاصة من الاهتمام المتزايد الذي أبدته بعض أهم الدول الأنقلوساكسونية بتونس في الآونة الأخيرة. حيث تزامن التحذير المتسرع الذي أصدرته الخارجية الفرنسية لرعاياها في تونس، مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي لتونس و التي وجّه فيها دعوة صريحة لفتح حوار استراتيجي مع بلادنا. كما يأتي هذا التحذير أيام قليلة بعد زيارة كاتب الدولة للخارجية البريطانية و الذي أبدى فيه إعجابه بمدى تحضر التونسيين و قدرتهم على حل مشاكلهم بالحوار و التوافق كما جدد استعداد بلاده دعم تونس في أي تحول استراتيجي مستقبلي.

هذا الدعم الأمريكي و البريطاني سبقه دعم واضح وقوي من الجار اللدود لفرنسا وهو ألمانيا و الذي لعب دورا محوريا في دعم الحوار الوطني و اخراج البلاد من عنق الزجاجة.

من الواضح أن فرنسا تعيش سن اليأس في تونس، فبعد أن استغلت السنوات الأخيرة لحكم بن علي في تشديد قبضتها الاقتصادية و الثقافية على الشعب التونسي و ذلك بمحاولة السيطرة التامة على مسالك التوزيع من خلال سلسلة الفضاءات التجارية الكبرى و السريعة و أخذ جزء من قطاع الاتصالات في صفقة من الواضح أنها كانت سياسية بامتياز، و الحصول على صفقات مشاريع بنية تحتية بالإضافة لمزيد السيطرة على سوق استراد السيارات و غيرها من المشاريع. بعد كل هذه النجاحات الفرنسية في عهد الاستبداد جاءت الثورة بما لا تشتهيه مراكب فرنسا، حيث تعالت صيحات الفزع من قبل أحرار تونس منتقدين التغلغل الفرنسي في اقتصادنا و سياستنا وإدارتنا و أمننا و تعليمنا و إعلامنا و قضائنا، و صار كل ما هو فرنسي موضع شبهة و تخوف.

و اليوم نرى أن التلاميذ و الطلبة في تونس ينتقدون و بشدة مواصلة تونس الاعتماد على التعليم باللغة الفرنسية بصفة مكثفة في التعليم الثانوي و العالي، وهو ما يراه شباب تونس سيرا في طريق "انتحاري" لمستقبل البلاد و مستقبل هؤلاء التلاميذ و الطلبة. فاللغة الفرنسية صارت لغة محلية تستعمل على صعيد ضيق جدا، و لا يعترف بها أسواق المال و الأعمال و لا ميادين العلم و المعرفة، و بقيت لغة صالونات ثقافية فحسب.

و ذا كانت تونس تصدر حوالي 6000 متعاون فني إلى الخارج سنويا فإنه من المتوقع أن يقفز هذا العدد إلى ما بين 50 ألف و 100 ألف متعاون سنويا في حال حدّثت تونس نظامها التعليمي المتهالك و أقرت توجها استراتيجيا جديدا يعتمد أساسا على اللغة الإنجليزية و اللغة العربية، حيث أن سوق الخليج العربي لوحده قادر على استيعاب ما لا يقل عن 40 ألف متعاون تونسي سنويا. هذا ناهيك عن أسواق العمل الناشئة الأخرى و فرص العمل في المنظمات و المؤسسات الدولية و الشركات العالمية.

لقد أثبت النموذج الفرنسي فشلا ذريعا داخل فرنسا نفسها، ففرنسا التي بشرت بعهد الأنوار و حقوق الانسان كانت أسوء مستعمر يسجله التاريخ الحديث من حيث سفك الدماء و استئصال الثقافات المحلية و فرض الهيمنة و الاستبداد و الأجندات بالقوة. كما أن الانحلال الأخلاقي الذي شهده المجتمع الفرنسي منذ بداية الستينات و إلى اليوم نتيجة اعتماد نموذج علماني معاد تماما للأديان و الأخلاق، نتج عنه تفكك اجتماعي بدأت تحس نتائجه في ثمانينات القرن الماضي، وهذا التفكك الاجتماعي و الأسري أدى بدوره إلى تراجع اقتصادي و علمي كبير منذ بداية هذا القرن.

إن انتشار وعي التونسيين بأن لا مستقبل لهم مع النموذج الفرنسي و الذي لم ينجح في أي من المستعمرات الفرنسية (تشاد، مالي، النيجر، الجزائر...) حيث أنها الأسوء في الفساد و الاستبداد و الفقر و البطالة و سوء التصرف و الإدارة، يجعل من فرنسا في موقف الهزيمة المدوية في تونس. وهو ما يفسر و لو جزئيا ردّات فعلها المتشنجة كلما خطت تونس خطوة نحو الانعتاق و الخروج من تحت عباءتها و تحقيق مصالحها الاستراتيجية بعيدا عن الهيمنة الفرنسية.

-------------
كريم السليتي
خبير بمكتب استشارات دولي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، فرنسا، التدخل الغربي بتونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-02-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، أنس الشابي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد العيادي، المولدي اليوسفي، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد علي العقربي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد ملحم، صلاح المختار، عزيز العرباوي، طارق خفاجي، د - عادل رضا، إسراء أبو رمان، د. أحمد بشير، د - صالح المازقي، أ.د. مصطفى رجب، سفيان عبد الكافي، يحيي البوليني، محرر "بوابتي"، سامح لطف الله، فتحـي قاره بيبـان، د. خالد الطراولي ، يزيد بن الحسين، د- محمود علي عريقات، محمد يحي، فتحي العابد، عبد العزيز كحيل، حاتم الصولي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، سعود السبعاني، إيمى الأشقر، منجي باكير، أشرف إبراهيم حجاج، رمضان حينوني، حسن عثمان، محمود فاروق سيد شعبان، محمد شمام ، د - المنجي الكعبي، عبد الله الفقير، د. مصطفى يوسف اللداوي، مصطفي زهران، د - شاكر الحوكي ، عمر غازي، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، العادل السمعلي، خالد الجاف ، إياد محمود حسين ، الهادي المثلوثي، صلاح الحريري، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، د.محمد فتحي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، ياسين أحمد، محمود سلطان، فتحي الزغل، كريم فارق، د- جابر قميحة، فهمي شراب، بيلسان قيصر، د. عبد الآله المالكي، عواطف منصور، د. أحمد محمد سليمان، محمد أحمد عزوز، كريم السليتي، مصطفى منيغ، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الهيثم زعفان، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، وائل بنجدو، ماهر عدنان قنديل، رشيد السيد أحمد، سيد السباعي، د- محمد رحال، رضا الدبّابي، أحمد بوادي، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بن موسى الشريف ، عمار غيلوفي، محمد عمر غرس الله، محمد الياسين، د- هاني ابوالفتوح، الناصر الرقيق، محمد اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، صالح النعامي ، د - مصطفى فهمي، سلوى المغربي، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، طلال قسومي، جاسم الرصيف، صفاء العراقي، مجدى داود، عراق المطيري، أحمد الحباسي، أبو سمية، مراد قميزة، عبد الرزاق قيراط ، علي الكاش، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود طرشوبي، عبد الغني مزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافع القارصي، د - الضاوي خوالدية، تونسي، حميدة الطيلوش، د. عادل محمد عايش الأسطل، علي عبد العال، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء