البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6665


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عندما تابعت مراسم نقل السّلطة من السّيد "علي العريّض" رئيس الحكومة المتخليّ إلى السّيد "مهدي جمعة" رئيس الحكومة المكلّف، لا أخفي أنّي شعرتُ بالانتشاء و الفخر و كثير من العزّة و الأنفة، لانتمائي لهذا البلد، و لكوني من هذا الوطن... لأنّ تلك المشاهد لم تكن مألوفة، وليست بعدُ مألوفة، سواء في بلدي العزيز هذا، أو في سائر البلدان العربية أو في معظم البلدان الإسلاميّة. فها نحن و بفضل الثّورة الّتي لازلتُ أعتبرها لم تحقّق كلّ أهدافها، لنا رؤساء حكومات سابقين، ليسوا في القبر و لا في السّجن، المكانين الّذيْنِ لم يكن لهما ثالثُ في كلّ عمليّة تغيير قائدٍ أو رئيسٍ أو حاكمٍ في بلداننا التي ذكرتُ.

إلاّ أنّ ذاك الشّعور لم يُخفِ عنّي بعض الأمور و الملاحظات الّتي فرضت نفسها أمامي و أنا أتابع الحدث و شخصيّات الحدث. فالمرحلة و كما هو معلومٌ، فرضت على كلّ المتابعين و غير المتابعين من أهل الرّأي و غيرهم، قبولَ ما تمخّض عنه الوفاق داخل ما عُرِف بــ "الـحوار الوطني" رغم تحفّظات القوى الثّورية على ذاك الحوار، من ناحية موضوعيّته و مشروعيّته، كما من ناحية رُعاتهِ و الجهة التي اصطفّوا فيها أمام استحقاقات و أهداف الثّورة بعد أوّل انتخابات نزيهة عرفها الوطن منذ تأسيسه. لكن و رغم كلّ ذلك، قوبل التّوافقُ على السّيد "مهدي جمعة" ليشكّل حكومة تخلف حكومة وصلت إلى السّلطة عبر الصناديق، بأملِ في أن تُلجِم كلّ معطّلي المرحلة و معطّلي التّنمية و معطّلي البلاد.

إلاّ أنّ رجل القصبة الجديد جاء بتشكيلة حكوميّةٍ أقلّ من المنتظر في عمومها، من حيث خلوّها التّام من بعض الوجوه الثّورية التي يمكن بحضورها أن تُطمئِنَ السّواد الأعظم من الشعب. و الوجوه الثوريّة الّتي أقصدها هي تلك الّتي لا تزال محافظة على مبادئ الثّورة، دون أن تكون متحزّبة أو متأدلجة. و هي – لَعمري - كثيرة لم تجد لنفسها الفرصة أو الحظّ في الحكومات المتعاقبة السّابقة، الأمرُ الذي أراه في نظري أصل إشكاليّة عدم تحقيق أهداف الثّورة إلى اليوم ، بعد مضيّ ثلاث سنوات على خلع الدّيكتاتور.

بل بالعكس تماما، إذ أنّي شعرتُ بنوع من الإحباطِ عندما تابعتُ - ككلّ المحللّين - ما تقاذفَتْه وسائلُ الاستقصاء ووسائل الإعلام من أنباء و معلوماتٍ، كان يكفي حضورها في أيّ شخصيّة حتى تكون من المرفوضين شعبيًّا ، و ذلك لحساسيّة المرحلة، و الفترة السياسيّة. فما بالكم إذ كانت ما تقاذفته تلك الوسائل من معلوماتٍ هي صحيحة مائة بالمائة كما يقولون، مثل الوزير الذي كان ينصح و يشتري القرود لصهر المخلوع، أو الوزيرة التي سمحتْ بطابع الكيان الصهيوني في جواز سفرها، أو ذلك الوزير الذي كان من الخائفين من المُساءلة ليلة هروب المخلوع درجة خروجه من البلاد يومها... فهل لهؤلاء يمكن إسناد ثقةٍ أصلًا؟ هذا إذا سلّمنا بنظافة يدهم و قيمتهم الأكاديميّة.

و نأتي إلى حكاية الأكاديميّة هذه، و ما فعلته هذه الأيّام في التحاليل النوفمبريّة التي أقضّت مضجعي كلّ لحظةٍ. فحسب رأيي لا تغيّر الشّهادة الأكاديميّة لدى وزيرٍ، أو رئيس جهاز تنفيذيٍّ الشّيء الكثيرَ أمام ما تُمثّلُه ملكة القيادةِ و التّسييرِ و قوّة الشّخصيةِ و الإلمام بتفاصيل الأشياءِ من قيمةٍ واجبةُ التّوفّر في الوزير أو في القائدِ. بل علّمتنا التّجارب أنّ المُوغلين في الأكاديميّات ينقصهم الكثيرُ من الإلمام بتفاصيل غير علمهم، و غير اختصاصهم، و لذلك فإن الزّعماء المعروفين في العالم لم يكونوا علماء. و العلماء الّذين قادوا شعوبهم لم يكتب لهم نفس النّجاح الذي عُرِف عن غيرهم. فأن يكون القائد أسدا، هذا لا يتعلّمُ في الجامعات، و أن يكون الأسدُ مثقّفا، هذا لا يُكتسب في مراكز البحث التي تعرف دائما بحدودها الضّيقة داخل مجالها التّخصّصي.

ففي نظري ، أكثر ما نحتاج إليه هذه الفترة و كلّ الفترات، ذاك الزّعيم الذي تظهر زعامته في شكله، و مظهره، و كلامه، و أفكاره، و في طريقة عمله و تصرّفاته، و هو ما يُعرِّفه كثيرون بالكاريزما. إلاّ أنّ الكاريزما الّتي أقصدُها هي الكاريزما المبنيّة على الشّدّة و الحزمِ، لا على الطّيبة و اللّيونة. فالحلم مطلوبٌ و الشّدة أطلبُ... و الرّفق محمودٌ و الهيبة أحمدُ...

و عليه فإنّي لا أرى أيّا من هؤلاء الوزراء من يثلجُ لي صدري، سواء في ماضيهم أو في شخصيّاتهم. كما أنّي مهووس و متخوّفٌ بإمكانيّة لعب جهات ليس لها أخلاق في الحياة فما بالكم في السّياسة، بهؤلاء الشّخصيّات، حتّى إذا حدث ما أنّبِه لخطورته، فيومها سيلقى من خرج يومًا هاتفا بالثّورة نفسه في السّجون تحت عنوان تحقيق العدل.

لكنّي سأبقى متفائلا، و أبقى أقرأ الخير و أتوسّمه في كلّ من يمسك بأمرٍ من أمور هذا الوطن العزيز. كما سأبقى أنتظر من يُسمِعُني ما أحبُّ لبلدي، و أرى منه ما أرنو لهذا الصّرح الذي و منذ ثلاث سنوات وأنا أبنيه في فكري .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، إعداد الدستور، حكومة مهدي جمعة، مهدي جمعة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-02-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خبَّاب بن مروان الحمد، د. صلاح عودة الله ، سامح لطف الله، عبد الغني مزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم فارق، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد محمد سليمان، نادية سعد، حميدة الطيلوش، ضحى عبد الرحمن، عبد العزيز كحيل، عبد الله زيدان، رمضان حينوني، فتحي العابد، محمد اسعد بيوض التميمي، رافع القارصي، أحمد ملحم، فتحـي قاره بيبـان، د - شاكر الحوكي ، محمد شمام ، صلاح الحريري، محمود فاروق سيد شعبان، إيمى الأشقر، سلام الشماع، رافد العزاوي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - مصطفى فهمي، جاسم الرصيف، د. خالد الطراولي ، علي عبد العال، صالح النعامي ، حسن عثمان، صفاء العربي، يحيي البوليني، د. طارق عبد الحليم، علي الكاش، مراد قميزة، بيلسان قيصر، محمد علي العقربي، سلوى المغربي، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد الحباسي، سفيان عبد الكافي، د - محمد بن موسى الشريف ، وائل بنجدو، خالد الجاف ، د - عادل رضا، د - الضاوي خوالدية، مجدى داود، محمد العيادي، محمود سلطان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمد رحال، أنس الشابي، أبو سمية، إسراء أبو رمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فوزي مسعود ، سيد السباعي، أحمد بوادي، الناصر الرقيق، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، طارق خفاجي، صلاح المختار، صباح الموسوي ، يزيد بن الحسين، فتحي الزغل، إياد محمود حسين ، د. أحمد بشير، منجي باكير، سعود السبعاني، د. عبد الآله المالكي، د- هاني ابوالفتوح، الهيثم زعفان، محمود طرشوبي، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، عمار غيلوفي، أشرف إبراهيم حجاج، محمد أحمد عزوز، تونسي، ماهر عدنان قنديل، المولدي اليوسفي، عراق المطيري، العادل السمعلي، محمد عمر غرس الله، رشيد السيد أحمد، محرر "بوابتي"، د - المنجي الكعبي، د- محمود علي عريقات، د- جابر قميحة، عبد الرزاق قيراط ، مصطفى منيغ، محمد يحي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد الياسين، محمد الطرابلسي، حاتم الصولي، عزيز العرباوي، رضا الدبّابي، كريم السليتي، عواطف منصور، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي الفرجاني، د - صالح المازقي، أ.د. مصطفى رجب، مصطفي زهران، ياسين أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي، سامر أبو رمان ، الهادي المثلوثي، طلال قسومي، صفاء العراقي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء