د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6601
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لم أكن مسروراً بهذا القتل الذي اقترن بالدستور في أكثر من محطة من تدوينه بالمجلس الوطني التأسيسي، ولا بهذا التوافد على بلدنا لرؤساء دول بعينهم أو من يمثلهم للاحتفاء به تحت قبة المجلس. فلا يميز المواطن بين تكريمهم أو تعزيرهم لشبهة الإرهاب والتباس الدين بالسياسة في مواقفهم أو حربهم. لكن ما العمل والنفوس لم تعد تأبه للظلم إذا زينته المصالح العاجلة وخلطت به حقاً بباطل.
إن الدم لم تعد له حرمة إلا كحرمة الدماء في الجاهلية. فمن اغتيال الى اغتيال، وتسوية بين القاتل والضحية، والشهيد بالقتيل حتف أنفه، والمتهور بطل، والسفيه مخلص، وبلدان تدفع بلداناً غيرها الى الفتنة وتموّلها وتسبغ عليها بركتها وواسع نفوذها.
ألسنا أمام وقتل الواحد بالعدد والشريف بالوضيع والجمع بين مال الدية وقاتل القتيل.. الى حد الحرب بين قبيل وقبيل؟
ونحْسبُنا خرجنا من حكم أكذبُ شعاراته الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ولا ظلم بعد اليوم، الى حكم بعد ثورة يستبدل حالنا بالتي هي أقوم، ولا ينسى ما دفعت اليه تضحياتها من رد للحقوق واعتبار للإنسان، وكف عن استدعاء الدول لاستعداء بعضنا على بعض، وتحريم دمائنا عليها ورد المسلوب من ثرواتنا لديها والمهرّب من أموالنا اليها.
ولو فتحنا ملفات أسلاف لهم تسابقوا الينا بشهائد الاستحسان ودروع الامتنان وجوائز الحقوق والحريات والوشاح الأكبر والأحمر والأزرق لحاكمنا حتى كادوا يسفّهوننا في دعوى الجهل والجهالة التي له وقمعه لنا وتلاعبه بصناديق أموالنا وأصواتنا، وكأنهم على تواطئ منهم معه علينا.
وحينما يصار الى اغتيال سياسي كحل لسد الثلمة وتوكيد اللحمة للأمة، يصَرّفه أعداؤها فأساً لهدم وحدتها وكسراً لمهابة قانونها، للجهل والعماية في قومه وطلاب حقه، أو لعدم النَّصَفة لهم بالقسطاس المستقيم وليس بالأهواء والمصالح.
وكان سرورنا بضيوفنا يكون أنسب بقدر ما نكون رأينا احترامهم لذاتينا في مرآة ضمائرهم أكثر من بعض مواد في دستورنا هللوا لها وهم يعلمون أية ظروف وتحديات وجدت شرعيته التأسيسية نفسها في وضعه وتدوينه.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: