د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6699
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد الثورة دخلنا مباشرة منطقة التنافس على الرئاسة والحكم، لأنها كانت محظورة ومقصورة على شخص دون آخر وجهة دون آخرى أو تكاد وعائلة سياسية دون أخرى على التحقيق.
والحكم والإصلاح كل منهما وجهة. وليست وجهة كل رجل سياسي الإصلاح ولكن كل مصلح قد تكون وجهته الحكم فإذا أخذه أخفق في إصلاحه إن لم تكن له عصبية للحكم أو تخفى وراء حاكم سديد. والحاكم رهين بعصبيته أكثر من صاحب أفكاره ونصحه.
وقد رأينا من أول الثورة كيف استبد بقايا النظام السابق بكراسيهم بكل الأعذار والمبررات والفتاوى القانونية والدستورية، وأحياناً الظروف القاهرة ودعوى رغبة الجماهير والرأي العام والخارج والداخل، وكيف تخلى غيرهم من أمثالهم لحين إفشال ريح الثورة وذهاب رهبة القائمين بها عليهم فيكون لهم الظهور مجدداً في انتخابات ونحوها وثوبهم كالمنقى بماء الثلج والبرَد.
فكم من إصلاحات كانت قائمة في لوائح مؤتمرات الأحزاب والمنظمات قبل الإستقلال وبقيت على الورق لأن ظروف الحكم والضغوطات الخارجية حرّفت كل مسار وأجهضت كل إصلاح جذري، ولم تكن السياسات غير أوهام وبرامج انتخابية ونفْخ في جبة الحاكم بأسْفَه المدائح والأذكار.
وإذا الأمن والاستقرار يمكن أن يعمّر تحت الحاكم الجائر كما يعمر تحت الحاكم العادل، لأن الجامع بينهما هو الأمن والاستقرار، وفاتهم أن الأمن والاستقرار يكون بالمطرقة والسندان على الرقاب، للعجب. فأخذنا ثلث قرن تقريباً تحت حكم نوعي ديكتاتوري ولا يكاد ينبس أحد ببت شفة إلا في السجون والمعتقلات إذا وجد للنبس شفة، وربع قرن بعده تحت حكم نوعي ديكاتوري من طينة أخرى ظاهره العلماء الأفذاذ في الاجتماع والقانون والحريات وباطنه زبانية التعذيب والملاحقات والتضليل والإعتام على الرشوة والغش والفساد.
حتى إذا قامت الثورة ظن الناس أن زمن المعاناة انقضى وأن الأتعاب والمتاعب من الانفلاتات والمجاذبات ستكون لبعض الوقت، لكن الأيام كذبت الظن وإذا الأمور لا تستقيم تماماً لمبادئ الثورة ولا لأصحابها. ودخلنا منطقة الصراع من أجل السلطة بكل الوسائل وكأن لا انتخابات فارقة خضناها ولا شرعية قائمة ساندناها ولا ورع لانتهاك أعراض أو افتعال أحداث ونمنمات انخرطنا فيه.
فرأينا بعد ثلاث حكومات - منها هذه - للنهضة وحلفائها والرباعي وطاقمه من الأحزاب والشخصيات كيف أن كل عدوان على الشرعية وعلى القانون وعلى المواضعات مسموح بتجاوزه والقفز عليه من أجل أن يقال إننا نتقدم ولا نتأخر في تحقيق أهداف الثورة.
فهل يكون الجميع قد غفل عن كل إصلاح جذري في سبيل حفنة من سلطة ناجزة ولو لأسابيع أو بالمناقصة ولسان حاله الثورة تكون أو لا تكون.
وهل تأخذ تونس سيرتها كما في الأنظمة السابقة في أول إمساكها بالسلطة لتتحول عبر الأيام الى حكم عضوض وديمقراطة وحرية وحقوق إنسان وانتخابات في الجوْق؟
ذلك ما ستسفر عنه أو تكذبه حكومة السيد المهدي جمعة التي أرادتها أحزاب التأسيسي ورباعي المنظمات ومباركات من هنا وهناك على خلفيات قروض وزيارات ورشًى معنوية وابتزازات وصيد موفور لأصحاب المصالح والاعتبارات، إذا لم تحزم أمرها لتكون عند الانتظارات.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: