د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7029
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
السيدة التي اجتلبها السيد المهدي جمعة من وراء البحار لتعتلي كرسي الوزارة الى جانبه لتكميل المرحلة الانتقالية لحكومات ما قبل الاستقرار على نظام دستوري يرتضيه الشعب لدولته بعد الثورة، آسفَها أن يشار لها بالأصابع في المجلس التأسيسي بأنها أليفة أسفار لدولة الكيان .. فلم تكد تخرج للإعلام بعد جلسة الثقة على حكومة رئيسها السيد المهدي جمعة حتى واجهت الجمهور بطرح استقالتها في وجوهنا وعلى طاولة رئيسها، إدلالاً علينا بوضعيتها السابقة في بلدها الذي جاءت منه وأسرتها التي تركتها، وربما امتيازاتها بأسفارها المبرمجة بغير قبعتها الجديدة لذات الكيان..
ونحن أبناء الوطن، الذين لم نغادره لدار الهجرة لتحسين ذائقتنا من مغرياته وربما تطَلّب ولاءاته، يحزننا أن لا تأخذ السيدة المنزعجة من اعتباراتنا الوطنية الضيقة - ربما بتقديرها - الدينية أو المبدئية، فتتحدى أبسط أصول اللياقة الرسمية فترمي باستقالتها بعد أخذ الثقة لحكومتها، وكان بإمكانها أن تفعلها قبل ذلك لتكون أكثر منطقية مع نفسها.
فتصويت المجلس بمثل تلك الأغلبية الساحقة يعلو على كل اعتبار لملاحظات أخَذها سائر من معها من أعضاء الحكومة دون حساسية زائدة، وأخذها رئيس الحكومة نفسه بكل احترام. وكان التقدير الامتناع عن كل تصريح موجه للوطن، في وضع تمر فيه بلادنا بأكثر التحديات عدوانية من أجل ابتلاع الأفعى للنهوض باقتصادنا بعد الثورة. فكم من تصريح انفعالي وغير محسوب العواقب سبب أزمة بين الدول، غيرة على سيادتها واستقلالها والمعاملة بالمثل.
فليس المطلوب منها الرجوع عن استقالتها أو عدم القبول بها من طرف رئيس الحكومة حفظاً للمظاهر وتضامناً مع الفريق، ولكن بالاعتذار أولاً لجرأتها على خطف المبادرة من السيد رئيس الحكومة نفسه، الذي تعهد أمام المجلس بالأخذ بالأجراءات اللازمة من أجل دعم حكومته في ضوء ملاحظات النواب.
إن صبر المواطن على فلتات اللسان لمسؤولين، أغفال - ربما - عن مواضعات السلطة، في حكومات ما قبل هذه الحكومة، لا يغفر لخلفائهم على كراسي الوزارة في تونس الثورة، من ذوي الامتياز عليهم كما يقال بالدبولومات الأجنبية وحيثيات منظمات الهيمنة الأوروبية والأمريكية، بامتهان كرامة الوطن أو حرمة شعب الثورة في أدنى ذراته من الكرامة والعزة. فهو الذي خبر الظلم والفساد الآتي من وراء البحار وغيره وصبر وصابر حتى انتفض وثار. فلا مجال لتجديد العهد بالتحدي الأخرق لمقوماته وإرادته وإثنائه عن المضي في صيانة ثورته.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: