أنس الشابي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6775
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الانتهازية داء ابتليت به أمم الدنيا جميعها بحيث لا يسلم منه إلا من رحم ربّك، وتونس لم تكن استثناء بحيث عجّت بالمتلوِّنين الذين يغيّرون أفكارهم ومواقفهم كما يغيّر المرء حذاءه، بعد انتخابات 23 أكتوبر وفوز حركة النهضة بالمرتبة الأولى بين المشاركين تهافت هذا الصنف من البشر على مونبليزيرإظهارا لآيات الولاء وعرض النفس للقيام بأي شيء تطالبهم به هذه الحركة، وقد رأينا في هذا المقال أن نتناول من اشتهر بالتلوّن والانتقال من الموقع إلى نقيضه دون مقدّمات أو تفسير أو تبرير، تجده في الصباح يمدح فلانا ولكنه في المساء يذمّه ويشتمه إن توهّم أن هنالك مصلحة ستتحقق له من ذلك، نذكر مثالين الأوّل منهما صلاح الدين معاوية الذي نشر افتتاحيتين يوم 7 نوفمبر الأولى في الصباح مدح فيها الزعيم بورقيبة رحمه الله والثانية في المساء شتم فيها ممدوح الصباح وأشاد فيها بالرئيس السابق وقد سُمِّي صلاح أيامها صاحب الافتتاحيتين، أمّا الشخص الثاني الذي سنتناوله بالبحث فهو المنجي الكعبي الذي لم يذكر في الكتاب الأسود للمؤقت محدود الصلاحية رغم أنه كان من المفروض أن تخصّص له صفحات مساوية في عددها للصفحات التي خصّصها المؤقت لنفسه، يمكن عدّ المنجي من أقدم من تعاطى العمل السياسي في مختلف العهود التي مرّت بها البلاد ولكنه لم يتجاوز العضوية في مجلس النواب فيما بين سنتي 1974 و1978 ولأن الزعيم الراحل يُحسن تقييم الرجال وتعييرهملم يُمَكِّنه إلا من هذه الخطة ولدورة واحدة فقط لتواضع كفاءاته ومحدوديته والشك في صدق انتمائه وولائه لدولة الاستقلال رغم المديح الذي كاله للزعيم وحزبه في الجرائد والمجلات والكتب التي نشرها.
بعد السابع من نوفمبر ولأن الرئيس السابق من موقعه كرئيس للمخابرات لسنوات طويلة كان على علم بطبيعة ومستوى هذا الشخص لم يكلفه ولا دعاه للمساهمة مع غيره ممّن شاركوا في الاقتراح والتسيير في السنوات الأولى لحكمه، أيامها مُكِّنت حركة الاتجاه الإسلامي من الظهور العلني والنشاط في الجامعة والمشاركة في الانتخابات، ولأنه لم يجد له موقعا في السلطة الجديدة تصيّد هذه الفرصةليظهر المنجي الكعبي على الساحة الإخوانية مادحا ومروّجا لهم وتفصيل ذلك كما يلي:
1)بعد إطلاق سراح راشد الغنوشي من السجن بدأت مناكفات حركته للسلطة، من ذلك افتعال مشكلة لإعادة التعليم الزيتوني بتحريض بعض كبار السن على ذلك، في نفس الفترة قام بعض طلبة كلية الشريعة وأصول الدين بإضراب جوع في كليتهم ساندهم فيه بعض الشيوخ ومتعاطي العمل السياسي على رأسهم المنجي الكعبي الذي أخذ الكلمة فيهم محرّضا ومدافعا وغاب عنهم جميعهم أن إضراب الجوع محرّم شرعا، وقد أعدنا أيامها نشر فتوى فضيلة الشيخ محمد العزيز جعيط في الموضوع في الصحافة نقلا عن جريدة الصباح المؤرّخة في 8 مارس 1956 التي جاء فيها:"وذكر الفقهاء أن صوم رمضان إذا أفضى بالمرء إلى هلاك نفسه أو فساد عضو من أعضائه يَحْرُمُ ويجب الفطر وتردّدوا في صحّة الصوم في هذه الحالة" إن قيل هذا عن الصوم الذي هو عبادة فكيف يكون الحال مع إضراب جوع،بعدها انفض التجمع.
2)إثر تعيين المرحوم محمد الشرفي وزيرا للتربية والتعليم وما إن بدأ في الإصلاح التربوي الذي عهد إليه بالقيام به حتى ثارت ثائرة الإخوانجية فشنوا حملة على الرجل وصلت إلى حدود تكفيره في بيان 2 أكتوبر، كما ساندهم التجمع الاشتراكي التقدمي الذي فتح جريدته على مصاريعها لمناكفة الوزير المرحوم شخصيا، عندها استغل المنجي الكعبي الفرصة وتقدّم للمساهمة في الحملة الظالمة من خلال الإيهام بالدفاع عن العربية وقد وصل به الأمرإلى حدّ القول:" بل يمكن القول إن الاعتدال البورقيبي الذي تحقق مع الهوية العربية والإسلامية لتونس لم يتحقق إلا بالتأثير الاقتصادي للعالم المتقدم الذي هو أصبح نفسه في علاقة تبعية مع البترول العربي.... فازداد التعريب غربة عن تونس بغربة بن يوسف واليوسفيين"(1) لوكان هذا التهجم المجاني على الزعيم الراحل مبنيا على تحليل أو له ما يسنده علميا لكان القول قابلا للنقاش ولكنه كلام قصد به الإساءة للوزير تقرّبا من الحاكمأيامها أوّلاومن حركة الاتجاه الإسلامي ثانيا فيما يشبه ما يسمى لدى التجار اثنين في واحد (2x1)،اقرؤوا ما كتب الكعبي عن بورقيبة سنة واحدة قبل الإطاحة به وهو يلهج بأفضاله قال:"ولكن بماذا تكون عين الرئيس قريرة على تونس؟ طبعا بسياسة هي سياسته في جملة من المبادئ لا تكون البورقيبية المستقبليّة بدونها، من أهمّها 1ـ الدوام للحزب بصيغته البورقيبية القصر هلالية. 2ـ بقاء الدولة التونسية باسمها ومفهومها البورقيبيونظامها الجمهوري المتميز. 3ـ عدم التراجع في الاصلاحات البورقيبية الدينية والاجتماعية والثقافية التي تحققت على يديه. 4ـ الوحدة القومية كما نحتها...... وأعتقد أن مؤتمرالوضوح حين كان له شرف منح المجاهد الأكبر رئاسة الحزب والدولة مدى الحياة لم يقدّر أن عضده الأيمن ينبغي أن يرث شرعيته بالكامل على رأس الدولة والحزب"(2).
3)خلال شهر نوفمبر 1990 عقد اتحاد الطلبة الإخوانجي مؤتمرا حضره المنجي الكعبي ونشط ضمنه نشاطالافتا للنظر حتى اعتقد بعض الحاضرين ممّن لا يعرفونه أنه من بين المؤتمرين وذلك من خلال المساهمة في ندوة عُقدت هناك عن التعريب وترؤّسه لجنة فرز الأصوات كما ألقى:"كلمة مؤثرة في اختتام أشغال المؤتمر قوطعت مرّات عديدة بالتصفيق"(3)وفق ما رَوَت جريدة الفجر، ومن الجدير بالملاحظة أن الجريدة بقيت حذرة في التعامل مع الكعبي لأنها تعرف تقلباته ودليلنا على ذلك أن المذكور أرسل مقالا عنوانه"الطلبة المجندون، الاستثناء لماذا؟" قامت الجريدة بنشره مصوّرا في عددها الثالث ولم تقم بتصفيفه مثلما هي العادة وذلك لأنها تعلم أن الموضوع حسّاس في عهد الرئيس السابق ولا ترغب في إغضابه كما أنها تعلم علم اليقين أن المنجيسيتفصّى من المقال ويدّعي أنه مكذوب عليه لذا نشرته الجريدة مصوّرا في سابقة لا نظير لها.
4)إثر أحداث 14 جانفي 2011 عاد راشد الغنوشي من أنقلترا وكالعادة تصيّد الكعبي الفرصة وكتب ترحيبا من بين ما جاء فيه:"لو كانت الأمور طبيعية في الفهم لكان خروج الرئيس الهارب من البلاد يوم الجمعة 14/1/11 هو نفس اليوم لرجوع الشيخ راشد الغنوشي من المنفى إلى الوطن لأنه كان الضحيّة الأولى هو وجماعته للنظام السابق والذي قبله....... والجماهير التي انتفضت في سيدي بوزيد وغيرها....... كان ينبغي التجاوب مع حقيقة مطالبها السياسية وتكريمها دون تأخير بعودة مناضليها الذين قاوموا الظلم والبطش والدناءة ....."(4)واللافت للانتباه أن هذا الترحيب زيّف الحقائق بأن جعل السبب الرئيسي لِما حدث في سيدي بوزيد هو الدعوة إلى عودة الغنوشي وجماعته من الخارج وهو كذب صُراح واستهتار بذكاء القارئ، وبطبيعة الحال لم يترك المنجي هذه الفرصة تمرّ دون شتم الزعيم والرئيس السابق، وحتى لا يمرّ هذا الكلام دون تعليق نقول إن المذكور بعد تيقنه من عزم السلطة على مواجهة المتطرفين في تسعينات القرن الماضي قلب ظهر المجن والتفت إلى الحكام يحبِّر وينشر فيهم المدحيات وقد وصل به الأمر إلى حدود نشر كتيبات من بينها واحد عنوانه"لماذاأصوّت لابن علي" والغريب أنه نشرها على نفقته الخاصة دون دعم من أي جهة رسمية إمعانا في إظهار الولاء للوضع القائم أيامها، سنة 2009 وبانتهاء مؤتمر التجمع نشر الكعبي مقالا عنوانه "التداول من الديموقراطية الساذجة إلى الديموقراطية المسؤولة" من بين ما جاء فيه قوله:"أوّل ما نطق الرئيس بن علي بكلمة التداول في خطابه الافتتاحي لمؤتمر التجمّع الجارية أعماله هذه الأيام بقصر الكرم فهمت أنها إشارة منهإلى الآفاق المفتوحة للترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة 2009 لأن لبّ مسألة التداول على السلطة هو عدم انسداد الباب أمام التداول بسبب رئاسة استثنائية مدى الحياة أو خلافة آلية... لكلّ ناخب في ظل التعددية الحزبية بالترشح للرئاسة دون استثناء الرئيس المباشر من حقه دائما خلافة نفسه إذا فاز بالانتخابات وخاصة إذا قامت إرادة حزبية قويّة داخل حزبه لترشيحه وعززتها إرادة شعبية مساندة فليس أمامه إلا الاستجابة لذلك..... في غياب منافسات بين أحزاب متكافئة في القوة وذات عراقة في السلطة لا يكون هناك موجب لتحديد حق تجديد الترشح للرئيس المنتخب بعدد من المرات... ونكون قد دخلنا من باب هذا المؤتمر مرحلة تحدي كل المتحدين في الداخل والخارج، لتكون صورة تونس السياسية الشاهدة المشهودة بصورة المؤتمر في قصر الكرم قائدا غير منازع وصفوفا غير مختلة نظام وانضباط وتوزيع للأدوار كما تكون هندسة على الورق أو عملية مبرمجة بحاسوب صورة تقرّ بها عيون وتكمد بها صدورلا يصعد منها إلا صوت الولاء لتونس بن علي كما شاءها وأرادتها الجماهير"(5) نترك للقارئ الحصيف استنتاج ما يراه مناسبا ممّا قيل.
5)لمّا عُيّن الجبالي رئيس وزراء كتب فيه المنجي الكعبي مدحيّات متعدّدة من بينها واحدة عنوانها "رجل الثورة وحاديها" والحادي لغة هو الذي يسوق الإبل ويتغنى لها، من بين ما جاء فيها:"بالصلاحيات التي منحها له الدستور المؤقت وبالشرعية المستحقة التي نالها من المجلس الوطني التأسيسي ظهر السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة أمس في حوار له على بعض التلفزات الأجنبية رجل دولة، كما لم نعهده في أية مقابلة سابقة، صلباً لا يَهين ولا يستهين، قوياً على المواجهة، شأن المناضل المكابد من أجل المبادئ التي تحركه نحو التضحيات قبل كل اعتبار، وإن للحزبية الضيقة أو المضايقات السياسوية."(6)دون أنيشعر فضح الكعبي نفسه عن سبب توجّهه إلى الجبالي بالذات وليس إلى غيره كرئيس مجلس 23 أكتوبر أو ساكن قصر قرطاج المؤقت،إثر اغتيال الشهيد شكري بلعيد رحمه الله وأحسن مثواه وعند بداية التفكير في حكومة تكنوقراط كتب مقالا ذكّر فيه بنفسه وبالخدمات التي يمكن أن يقدمها مستقبلا من خلال حديثه عن المستقلين في انتخابات 23 أكتوبرقال:"وعموما فقائمات المستقلين أو من يوصفون بذلك تجوّزا يمثلون خابية إذا صحّ التشبيه، لدى السلطة الحزبية اليوم للاستمداد منها للمرحلة الانتقالية أوّلا لفضلهم في خوض الانتخابات التأسيسية دون غيرهم من أصحاب الجلوس على الربوة وثانيا لدورهم المحتمل في الاستحقاقات الانتخابية القادمة خاصة الرئاسية لاستخلاص الأنسب بالترشيح والأحظى بالثقة لأوّل رئاسة جمهورية برلمانية ديموقراطية حقيقية حرة مباشرة بعد الثورة"(7)ولأن المنجي الكعبي لا يعرف كيفية صدور القرار في حركة النهضة ذهب في ظنه أن رئيس الحكومة قادر على التعيين فكال له المديح الذي لم يمدح به حتى في حركته وهو الذي وصل أمره إلى حدود تهديده في خطبة شهيرة لرئيس الحركة في شارع بورقيبة. ورغم أن الكعبي لم يحصل لحدّ الآن على أي شيء ولم يجد إلا الصدّ والترك فإنه كتب مدحية في علي العريض هي الأولى من نوعها لأن سي علي لم ينل من المنصب الذي وُضع فيه بصرف النظر عن المقابل المادي إلا التشهير والاتهام والتجريح وتسقط الأخطاء والتقريع والذم وفتح الملفات القديمة من مختلف الأحزاب والجمعيات والنقابات في التلافز والمذاييع والجرائد والمجلات، فتحت غطاء وصيّة أبي زكريا الحفصي لابنه قال الكعبي:"وأرجو بك متى جعلت وصيتي هذه نصب عينيك لم تعدم من ربك فتحا ييسره على يديك وتأييدا ملازما لا يبرح عنك إلا إليك بمنّ الله وحوله وطوله والله يجعلك ممّن سمع فوعى ولبى داعي الرشد إذا دعا"(8)وما أنا متأكد منه أن جماعة النهضة لا يقرأون لا للمنجي الكعبي ولا لغيره لأنه غير مدرج في القائمة المنصوح بها لمنتسبي الحركة فضلا عن أنهم لا يخرجون عن القائمة المعدّة سلفا إلا في بعض الأحايين.
6)سنة 1997 بدأ مستشارو الرئيس السابق في الإعداد لانتخابات 1999 وبما أن الجهة الوحيدة التي يمكن أن تعترض على هذا الترشح وقد تثير جلبة في وسائل الإعلام الخارجية هي حركة النهضة تفتق ذهن هؤلاء على فكرة تصوّروا بتنفيذها أنهم سيُحيّدونها وقد يشقون صفوفها وذلك باستدراج الهاشمي الحامدي وإغرائه بالأموال ليظهر في وسائل الإعلام الخارجية مساندا وداعيا لترشيح الرئيس ويذهب في ظن البعض بذلك أن حركة النهضة بها شق مساند، أيامها قلت إن ما يقوم به المستشارون إهدار للمال العام وحرث في البحر لأن الشخص الذي اختاروه لا مصداقية له وقد أوذيت بسبب ذلك، في ذلك الوقت سُمح للمستقلة أن تروج في البلاد، وكعادته في تصيّد الفرص قام المنجي الكعبي بكتابة مقال يقطر رقّة وعذوبة في فضائل الحامديعنوانه"تجديد حبر... من أجل تكريم التونسي بالخارج" لأنه تصوّر واهما أن صاحب المستقلة الذي تستقبله السيارات الرئاسية ويسافر بها إلى مسقط رأسه يمكن أن يكون شفيعا له لدى نظام جفت أقلامه في مدحه ولكنه لم يحصل منه على شيء، من بين ما جاء فيه قوله:"ولكني وجدت فيه أن كل شيء تقدّم به وليس السن فقط، العلم والحصافة والمنطق والتحليل وسعة الأفق والعلاقات العامة"(9)وتذكروا جيدا أن الهاشمي هذا هو الذي كان وراء جملة من نواب مجلس 23 أكتوبرالذين قبلوا النخاسة لأنفسهم مقابل ملاليم معدودات فانتقلوا من هذا الحزب إلى ذاك ومكنوا بعض أصحاب رؤوس الأموال من أن يكون لهم رأي فيما يعترض البلاد من مشاكل.
7)إثر ترشيح السيد مهدي جمعة لشغل خطة رئيس وزراء وإجرائه مشاورات لتأليف حكومته تصيّد المنجي الكعبي الفرصة كعادته، ولأنه لا يعرف الرجل ولا يعرف اتجاهه السياسي كتب مقالا قصيرا يُذكِّر فيه بنفسهتهجّم فيه مجانا على المعارضة يقول:"وليس من الحكمة بناء معارضة لأوّل سلطة شرعية للثورة، لأنها عدوانية على براءة الشعب في انتخاباته التي لامست توجهاته بحق شهورا قليلة بعد الثورة...... وغير معذور كان من كان بقلة نصيبه أو حصته من مقاعده في إدارة دفة شؤونها إذا أعوزته الأصوات في تلك اللحظة الفارقة بين الحق والباطل يوم 23 أكتوبر"(10)وهل يحتاج هذا الكلام إلى تعليق.
ليس لنا أن نختم هذا المقال إلا بذكر تصرّف المنجي مع أستاذه العلامة المرحوم شكري عياد حيث اتهمه زورا وبهتانا بأنه استغل ترجمة له لكتاب عن العروض والحال أن للدكتور المرحوم دراسة في العروض حجّة في المادة ولم يؤلف لحدّ الآن ما يضارعها، ويزداد الأمر سوء لما ينتقل الكعبي إلى مصر حاملا ترجمته وبها اتهام أستاذه الجليل ويذهب إلى بيته ويهديه إياها ولأن عياد لم يجل بخاطره أن يتعرّض وهو الذي تخرجت على أياديه أجيال من الأساتذة من مختلف البلاد العربية إلى مثل هذا الاتهام فقد كتب رسالة في منتهى الأدب والكياسة نشرها في مجلة الهلال حتى يطلع عليها الناس ولا تكون خبيئة الأدراج ننقل منها بعض الفقرات:"إن ما كتبته عن صلتي بكتاب جويار يُوهم القارئ الذي لا يعرف عن هذه الصلة ما عرفته أنت وزملاؤك، أني لم أكن أعرف شيئا عن هذا الكتاب إلى الوقت الذي عرضت فيه الكتاب ذلك العرض المختصر الذي تحدثت عنه في قاعة الدرس وبما أني(نظرت في ترجمتك مليا) كما قلت وبما أن الكتاب قد بقي في الهيئة بعد رحيلك كنزا مفتوحا لمن يرغب في التطلع إليه أو الأخذ منه، فقريب من الاحتمال جدا بعد أن تعرفت على الكتاب على يديك كما زعمت أن أكون قد استمددت ما جاء في كتابي من عرض لنظرية جويار من كتابك وعمدت إلى التمويه بأن(التمست) بعض النقد في عمل جويار حسب تعبيرك، هذا ما يفهمه قارئ تذييلك عن علاقتي وعلاقة كتابي موسيقى الشعر العربي (صدر سنة 1968) بكتاب جويار ولا أقول أنك قصدتهفأنا وإن لم أعرفك جيدا معرفة شخصية أضع حسن الظن قبل سوئه"(11)من كان هذا حاله في الجرأة المتهوّرة والمقيتة تجاه أستاذه فما الذي ننتظر منه في سوق السياسة؟، لم نكتب هذا المقال إلا تحذيرا لشبابنا من أن يتأسوا بمثل هذه النماذج التي لا تحفظ الودّ لأصحابه وتتوهّم أن الذاكرة قصيرة والنسيان متفش وليس هنالك من متابع فالحذر كل الحذر من الوقوع في مثل هذه المهانة إذ ليس أفضل من الصدق والوضوح والثبات عندها يكتسب الإنسان حتى احترام خصومه.
-----------------
الهوامش
1)جريدة الموقف بتاريخ 28 جوان 1990.
2)"مداخلات عضو باللجنة المركزية" طبع الشركة التونسية لفنون الرسم تونس 1986 ص19 و110.
3)جريدة الفجر بتاريخ 8 ديسمبر 1990.
4) جريدة الشعب بتاريخ 19 فيفري 2011.
5)جريدة الصباح في 3 أوت 2008، حديثه عن الصدور ذكرتني بشعار يرفعه المتطرفون "موتوا بغيظكم".
6)مقال مؤرخ في 11 فيفري 2013 موجود في موقع بوابتي الإلكتروني.
7)جريدة الصباح بتاريخ 31 ماي 2013.
8)مقال عنوانه"وصية إلى السيد علي العريض" منشور في موقع بوابتي الإلكتروني بتاريخ 26 فيفري 2013.
9)جريدة المستقلة العدد 236 بتاريخ 16 نوفمبر 1998.
10) جريدة الصريح بتاريخ 24 ديسمبر 2013.
11) مجلة الهلال عدد شهر سبتمبر 1997.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: