وائل بنجدو - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6188
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لم تكن الرصاصات الغادرة التي إغتالت الشهيد شكري بلعيد منعزلة أو خارجة عن صراع تاريخي خفي حينا و صريح حينا آخر بين الديمقراطية و الفاشية ، بين قوى التحرر و قوى العمالة ، بين الفكر النقدي العقلاني من جهة و فكر سجين النقل يهدف لمحاصرة المجتمع و كبح حركة التاريخ .
هو الصراع المستمر بين الحب و الحياة و الجمال و بين الموت و الظلام و في كلمتين بين العقل و الجهل ، و لأن الجاهل يعجز دوما عن خوض المعركة ضد العقل فإنه يجد نفسه مدفوعا بحكم عجزه عن المواجهة و عدم إمتلاكه للحجة إلى اللجوء لكل أشكال العنف الرجعي من إغتيالات و تعذيب و إعتقالات و إتهام بالكفر و الزندقة . و يرتكب الجاهل جرائمه و يبحث لها عن التبريرات التي يكون أسهلها هي حماية المقدسات و الدفاع عنها . بهذه الحجة صلب الحلاج و قطعت أطرافه و عاش ابن رشد محنته و ذبح الجعد بن درهم في عيد الإضحى و بدعوى تطبيق الشريعة أردى الظلاميون المفكر المصري فرج فودة قتيلا . و في لبنان إغتالت حركة أمل رمزي الحزب الشيوعي اللبناني مهدي عامل و حسين مروة : هذا هو الوحل الذي يلطخ تاريخ الظلاميين و الجهلة ، الجهلة الذين يحترفون الإرهاب و الترهيب و صناعة الموت و هم بالضرورة أعداء للحرية لأن الحرية تخلق المناخ الملائم للتفكير و الإنطلاق في التأمل في الذات و في الواقع و تناقضاته ، و كل عملية تأمل عقلاني تولد حتما وعيا ثوريا يهدف لنسف السائد و خوض معركة لا هوادة فيها ضد القائم . معركة تكون كل القوى اليمينية المحافظة مرمى لها لأنها جزء من هذا القائم تسعى إلى تكريسه و تأبيده .
لكن الظلاميين يخطئون التقدير دائما و و يعتقدون واهمين أن رصاصهم الغادر و جرائمهم البشعة يمكن أن تسكت صوت الحق و تحجب الحقيقة عن الكادحين و تعيد عجلة التاريخ إلى الوراء . إن التاريخ و إن شهد لحظات ردة فإن حركته متقدمة تسعى لبلوغ الحرية ، لأن المحرك الرئيس له هي نضالات الجماهيرالتي مهما بدت في حالة من الركود و الصمت فإنها ترقب و تقيم و لابد أن يقف الجميع يوما ما أمام محكمة الشعب التي لا تظلم و لا تجامل و لا تهادن .
تسعى الرجعية بمختلف أشكالها إلى تأجيل يوم المحاكمة من خلال توسيع الهوة بين الأصوات التي تصدح بالحقيقة و بين الجماهير لأنها تعي جيدا أن الإلتحام بين القوتين : قوة الفكرة و قوة الجماهير ، يقود حتما إلى إعلان المواجهة ضد الأعداء و إصدار أحكام الثورة ضد كل الرجعيين . و من هذا المنطلق فإن الإعداد و تقريب يوم محاكمة الأعداء يتطلب أن يدخل القاضي (أي الشعب) إلى مبنى المحكمة (أي السلطة) لأنه بدون الوصول لهذا المبنى سيبقى القاضي (الشعب) عاجزا عن إصدار أحكامه العادلة و سيبقى تحت رحمة أحكام الجلاد الجائرة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: