منجي باكير - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6012
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الفريق أوّل رشيد عمّار هذا الرّجل الّذي عاش زمنا بعيدا على الأضواء و سطع نجمه فجأة و بدون حسابات مسبّقة في مجريات أحداث الثّورة كما كانت المفاجاة للجميع مع هذه الثّورة الحدث ... هذا الرّجل لا ننسى أنّ تكوينه عسكريّ و سلوكاته عسكريّة و كذلك طبعه و تفاعلاته ، و لا يمكن أن نتناول حديث الرّجل في البرنامج الذي ظهر و لا أن نؤشّر على مضموناته بمعزل عن هذه المعطيات و لا يمكن لأيّ كان أن يصدر أحكاما جزافا على ما صرّح به و ذلك لأنّ السيد رشيد عمّار زيادة على الظروف الرّاهنة التي تجعله كثير التحفّظ و ربّما الكتمان فإن ّ الضوابط العسكريّة و الشرف العسكري يجعلانه محصورا في دائرة ضيّقة لا يسمح لنفسه أن يتعدّاها بل تجبره أحيانا إلى اللّوذ بالصمت المعبّر دون التصريح أو حتّى التلميح .و هذا ما يجب أن يفهمه كلّ متابع لما صرّح به السيّد عمّار و أن يفصله عن المجادلات المدنيّة التي تأخذ كثيرا من الأبعاد و تحتمل كثيرا من الأوجه و تحوي كثيرا من مراوغات أهل السياسة و الإعلام و أن يبتعد هذا المتابع عن زرع التشكيك في حديث الرّجل و الكفّ عن قذف الكلام على عواهنه بُغية استفزازه و لو كان لغاية استخراج معلومات أكثر و تفسيرات أدقّ ..لأنّ السيّد رشيد عمّار حسب ما ظهر في هذا البرنامج التلفزي كان واضحا في أجوبته و تصريحاته إذ أجاب و وضّح ما أمكن له من الأحداث و المجريات و فكّ البعض من الألغاز المبهمة ، لكنّه كان يلتجيء إلى الصّمت – صمتا معبّرا – كلّما رأى أنّ شجون الحديث ستخرجه عن دائرة ما يلتزم به ،،،
لاشكّ أن الفريق أوّل و من منطلق مكانته الحسّاسة يحوز على كثير من المعلومات و المعطيات التي تخصّ الشأن الدّاخلي و الخارجي و أنّه يحتفظ بكثير من الأسرار التي تخصّ أيّام الثورة و ما بعدها و من الثّابت جدّا أنّه كان له التأثير الفاعل في أمّهات الأحداث و كبرياتها و أنّه يملك مفاتيح كثير من الألغاز التي حفّت بمجريات الثورة ، كذلك من الثابت أيضا أنّه يحسّ بمرارة دفينة لأنّه لم يجد إعترافا بحجم ما فعله و ما امتنع عن فعله برغم قدرته آنذاك على فعله و الذي – لو حدث – كان ينجرّ عليه كثيرا من المخاطر لعلّ أهمّها عسكرة الحكم و انفاء مدنيّة الدولة و بالتاّلي غلق الباب على كثير من ممارسي السياسة اليوم و القطع عليهم في استعراض بطولاتهم و نضالاتهم و وعيهم الوطني و إدعاءاتهم حبّ هذا الوطن و زهدهم في كراسي الحكم ...
نذكر أيضا أن ّ السيّد عمّار كان في حديثه إرتجاليّا ، شعبيّا و عفويّا ليسمّي ما أراد أن يذكره من الأشياء بمسمّياتهاو أشار إلى بعض مواطن الخلل و لم يخفي تخوّفاته و لم يدّعي عنترة و إن كان أغفل بعضا من المعطيات إلاّ أنّه لم يسعى إلى طمس الحقائق و لم ينسب إليه ما ليس له – برغم إمكانيّته في ذلك - ، بل ظهر بمظهر العسكريّ المنضبط لعقيدته العسكريّة المطعّمة بشيء من الليونة و السّهولة ...
كلّ هذا جعل من الرّجل يعطينا إنطباعا شموليّا في تملّكه لكثير من المفاتيح الحسّاسة و حالة البساطة و اللّيونة التي بدى عليها بأنّه الصندوق الأسود النّاعم ، و لعلّ مستقبل الأيّام يكون كفيلا بانفتاح هذا الصّندوق و إجلاء ما خفي منه .
ملحوظة : لعلّ إنبهار منشّط البرنامج و محلّله السياسي و فرحتهما بحلول ضيف بوزن السيد رشيد عمّار أنساهما السؤال عن مستقبل المؤسّسة العسكريّة و عمّن سيتولّى قيادتها أو حتّى إنتزاع مؤشّرات على ذلك !!؟؟ و هذا يلخّص مدى ذكاء و مهنيّة الصحفيين عندنا
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: