البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

رجل الثورة وحاديها

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7682


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بالصلاحيات التي منحها له الدستور المؤقت وبالشرعية المستحقة التي نالها من المجلس الوطني التأسيسي ظهر السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة أمس في حوار له على بعض التلفزات الأجنبية رجل دولة، كما لم نعهده في أية مقابلة سابقة، صلباً لا يَهين ولا يستهين، قوياً على المواجهة، شأن المناضل المكابد من أجل المبادئ التي تحركه نحو التضحيات قبل كل اعتبار، وإن للحزبية الضيقة أو المضايقات السياسوية.

فأكبَرَ من حزبه "حركة النهضة" حين وصفه بالحزب القائم على الديمقراطية الحقيقية والمشاورة واحترام المسؤولية، ولكنه قرر أن يتحمل وحده تبعات اختياراته السياسية كرئيس حكومة موكول له بحسب الدستور المؤقت المنظم للصلاحيات الوقتية للدولة قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة وصدور الدستور الجديد.

ثانياً، ضارباً عرض الحائط بكل التهديدات الاعتباطية ضد الشرعية التي تعيش على أنفاسها البلاد بعد الثورة، وهدد في الوقت نفسه أن الحال لم يعد يحتمل بعد الاغتيال الذي حصل لترك الدولة تنهار على عروشها، بسبب وضع منفلت في نطاق الاعلام أو الشارع أو الاتحاد وغيره من التنظيمات الاجتماعية؛ وأنه لم يعد وقت للتسامح ومد الحبل للمراهنين على تكسير شوكة الدولة من أجل القفز على حرمتها وسيادتها وحماية ثورتها.

ثالثاً، أجاب بأسلوب الواثق من شعبه وربّه، لا بأسلوب الخائف المترقب على كرسي ظلمه، ولكن كذلك بلباقة الدبلوماسي المهذب على تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بشأن الوضع في تونس عقب اغتيال المناضل القيادي شكري بلعيد.
وبكل احترام للمؤسسات القائمة وقتياً، للمجلس الوطني الدستور ولرئاسة الجمهورية ولمجتمع الأحزاب من خلال الثلاثية الحاكمة وسواها من أحزاب أخرى ومستقلين، أعلن أنه سوف لن يتراجع عن تحوير حكومته بما لديه من صلاحيات، الى حكومة كفاءات لا حكومة ائتلاف حزبي، طالما لم يستجب تحالفها الحالي على قبول التوسع في التمثيلية الحزبية داخلها، ولم تستجب قياداتها الا لفرض شروطها المجحفة على الساحة السياسية والمجتمع العام في الوضع الحالي.
مدّ يده إذن للمجلس الوطني التأسيسي وللسياسيين أجمعين كأكرم من يد يده للتعاون والتفاهم وتقدير الظروف لاتخاذ كل ما يلزم من جانبه من قرارات مناسبة لقراره.

فهل يكون السيد حمادي الجبالي، الذي لم يزن وزنه الصحيح كثير من خصومه، قد أصبح لمّا أزمتْ الأزمة بالاغتيال السياسي كحل للصراع، رجل المرحلة وحاديها، وأكاد أقول رجل الثورة وحاديها لولا الأبيّةُ التي تمنعني من إذاية إحساسه، بهذا التقدير الذي كنت كأحد المواطنين أطمع أن أرى من رجالات الثورة المباركة من يتقمصه منذ أول أيامها، إحقاقاً واستحقاقاً، لكي لا تبقى ثورتنا يتيمة، أو مرملة، ونحن نردد كالببغاوات، نفاقاً وافتئاتاً على إرادات الجماهير الغاضبة: ثورة بدون قيادة حزبية ولا شعارات إسلامية! بما لا ينفي على كل جماعاتنا واحزابنا وشخصياتنا كل تفرد بالفضل والقيادة والشعبية.

وحتى ما تحصّل من انتخابات الحكومات الانتقالية السابقة وجماعات الضغط فيها، من أجل نسبية برلمانية لا تقوى إلا على المصارعة والتهافت دون أن تتمكن من السلطة لصالح الأغلبية التي تمثلها شعبياً أو انتخابياً؛ على ما كان من عَوار في تلك الانتخابات من تقزيم البعض للبعض، لتسَع كراسيُّ السلطة الجميعَ أو لا تكون.

فنحن الآن أمام رجل حازم لا يمكن إلا أن يوقضه الاغتيال السياسي الذي يحوم غُرابه على الوطن إلا ليهرع للحل الأقوى على الإنقاذ أو دفع ثمنه بالاستقالة، ولكن دون أن يخلي مسؤولية نفسه من الدفاع على الشرعية، مهما كلفته الدفاع عن الثورة من ثمن.
إنها الأثَرَة التي تأكل القلوبَ التي في الرجال غير المخلصين، هي التي أودت بنا الى الاغتيال من أجل السلطة والتقاتل من أجل الغنيمة التي تأتي والتي لا تأتي. ولا بد من وأد الفتنة بالمستبدل العادل، ولا أقول بالديكتاتور على غير معناها في نظم الحكم المقبولة في الفقه الروماني أو الاسلامي أو غيره. ولكن أن يُترك الناسُ يعبثون بخبز العشب ومائه ودمائه، فهذا لا يصب الا في طاحونة الذين يبْعثون على الديكتاتورية كتدكتارية الزين، ليعيشوا في ظلها ناعمين كالسابقين في ظله، نصباً واحتيالاً واحتكاراً للمسؤولية واستماتة على الظلم والقمع والفساد بكل ضروبه، فهذا ما لا يرضاه عاقل ولو مات من أجله. وما قيمة الاستشهاد والتضحيات، إن لم تقم على المبادئ التي بها حياة الأمم وعزتها وكرامتها.

هل نحن الذين أعزنا الله بالاسلام حتى لا تريد أن تعْرفنا الأمم الظالمة إلا به لتحاربنا في عقر ديارنا وتجْلُونا عن أهدافنا في ثورة أو في استقرار، وفي نعمة أو في ضنك؟ هل نحن العرب الذي ساجلْنا الأممََ لرفع راية الحق وبسْطنا لها يد العدل ورفع الظلم. فإذا هي اليوم بمفاسدها الاقتصادية والمالية وبتنظيماتها وقوانينها المريبة تحاربنا بالإرهاب، ونحن نخشاه في ديارنا، وكأنما هو إسلامنا وإيماننا، ونتعاون معها فيه؟!
أين منا ترهيبنا لهم بديننا القويم كما قال رسولنا الكريم "نُصِرْتُ بالرّعب مَسيرةَ شهر"، من أجل حريتنا الاسلامية داخل عقيدتنا للحرية والعدالة والكرامة البشرية؟

تونس في 10 فيفري 2013


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، حمادي الجبالي، حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-02-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، صالح النعامي ، حسن الطرابلسي، حميدة الطيلوش، د. خالد الطراولي ، عواطف منصور، د- هاني ابوالفتوح، د. عبد الآله المالكي، الهيثم زعفان، محمد علي العقربي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، فتحي العابد، بيلسان قيصر، العادل السمعلي، أ.د. مصطفى رجب، علي الكاش، د - عادل رضا، فتحي الزغل، مصطفى منيغ، د - الضاوي خوالدية، صفاء العربي، سامح لطف الله، سفيان عبد الكافي، عمر غازي، المولدي الفرجاني، رافع القارصي، رافد العزاوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد بشير، رحاب اسعد بيوض التميمي، أشرف إبراهيم حجاج، رمضان حينوني، إياد محمود حسين ، حسن عثمان، فتحـي قاره بيبـان، محمد شمام ، عزيز العرباوي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مراد قميزة، د - مصطفى فهمي، الناصر الرقيق، الهادي المثلوثي، محمد العيادي، محمود سلطان، خالد الجاف ، سيد السباعي، سعود السبعاني، صباح الموسوي ، د - المنجي الكعبي، محمد الياسين، منجي باكير، د - محمد بن موسى الشريف ، سلام الشماع، عبد الله الفقير، عبد العزيز كحيل، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الغني مزوز، مصطفي زهران، محمود فاروق سيد شعبان، المولدي اليوسفي، نادية سعد، وائل بنجدو، محمد أحمد عزوز، صلاح المختار، صفاء العراقي، طلال قسومي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أبو سمية، أحمد ملحم، محمد عمر غرس الله، د- محمد رحال، د - محمد بنيعيش، إيمى الأشقر، تونسي، د. طارق عبد الحليم، خبَّاب بن مروان الحمد، حاتم الصولي، جاسم الرصيف، ياسين أحمد، فهمي شراب، د - صالح المازقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، علي عبد العال، عراق المطيري، سامر أبو رمان ، كريم فارق، أحمد النعيمي، كريم السليتي، عمار غيلوفي، ضحى عبد الرحمن، فوزي مسعود ، ماهر عدنان قنديل، رشيد السيد أحمد، يزيد بن الحسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الطرابلسي، محمود طرشوبي، د. أحمد محمد سليمان، عبد الله زيدان، إسراء أبو رمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد الحباسي، صلاح الحريري، د- جابر قميحة، أنس الشابي، طارق خفاجي، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، مجدى داود، عبد الرزاق قيراط ، د - شاكر الحوكي ، سلوى المغربي، رضا الدبّابي، د. صلاح عودة الله ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء