د.الضاوي خوالدية – تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7494 Dr_khoualdia@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد تفاجأت نخب تونس السياسية بالثورة كما تفاجأت إلى حد الذهول بنتائج الانتخابات المنجزة يوم 23 أكتوبر 2011، إذ من اعتقد راسخ الاعتقاد أن نصيبه سيكون نصيب الأسد في عدد مقاعد المجلس التأسيسي وجد نصيبه لا يشبع فأرا، فجن جنون غير المقدرين لقواهم صابين جام غضبهم على من كان صندوق الاقتراع في صفه لأنه لا يستحق " لظلاميته" و المصوت له ( الشعب ) مخطئ بل غبي لأنه لم ينقد للحداثة.
و اندلعت الحرب و استعملت فيها كل الأسلحة المحرم منها وغير المحرم و البذيء و الأكثر بذاءة و الفتاك و الأكثر فتكا.
فلم تفلح في اقتلاع متولي السلطة فزغردوا في أذن الثور المشهور و هيجوه ليقتحموا به أسوار السلطة القائمة فوافق شاكرا كعادته لأن قيادته الشريفة تاريخيا و غير الشريفة لا تتوانى في خدمة سيدها التاريخي و بوس يده دستوريا كان أو تجمعيا بدءا فعليا بمؤتمر صفاقس 1955، و انتهاء ببكائها على المخلوع الذي كانت تتبادل معه المصالح و الذي ترك ذرية يتامى ما إن أشاروا و حلفاؤهم على الثور حتى حضر واضعا نفسه سلاحا بأيديهم يسترجعون به حكمهم الضائع فأنجز الإضرابات المتواصلة و الاعتصامات غير المنقطعة و إضرابات الجوع و قطع الطرقات الناقلة للبضائع و الركاب، و اعتدى على المسؤولين و استصغر السلطة جاعلا عمله هذا ممارسة يومية ظاهرها تحقيق جملة من المطالب الاجتماعية دفعة واحدة و توا (الآن).
على أن المطالبة بها بدأت منذ 60 عام دون تحقيق يذكر يضاف إليها و قد يعد بنودا منها : ترقية كل العمال و الموظفين و ترسيم كل عامل وقتي و الزيادة في كل الأجور و تمكين كل ابن عامل و موظف من منحة جامعية و تشغيل كل البطالين
... و الباطن تعجيز الحكومة و إفشالها و تحقيرها حتى تسقط . إن الثور الهائج المهيج لا يدري المسكين أن مهيجيه يريدون منه أن يدمر الثورة التي هي ثورته فيقضي على أمل شعب في الحرية و العدالة و الهوية و الكرامة، و يحققون تبعا لذلك مصلحتهم الطبقية الجهوية التغريبية الانبتاتية.
ألا ينطبق على الثور النقابي و رعاته و الثورة ما وقع للنبي عيسي "الذي طعنه جنود روما طعنات ثم سمروه على الصليب و الدم يتدفق منه على مرأى من كبار الدولة و أحبار اليهود المبتهجين بالمشهد الدموي تحيط بهم جماهير الشعب المشرئبة بأعناقها و المتطالة بأبصارها على المصلوب فرحة بمنظر الألم تافلة على الوجه المتكمش بأوجاعها و أحزانها هازئة باليدين اللتين فتحتا عيون عميانها صارخة شماتة و سخرية في الأذنين الممتلئتين بأناتها" ...
و يختم ميخائيل نعيمة قائلا:"تتجلى في حاضري الصلب الإنسانية بأسرها أسياد يخافون على قيود عبيدهم من أن تنفك فيشدونها بكل ما لهم من القوة و عبيد يعضون اليد التي تحاول فك قيودهم لأن أسيادهم أوهموهم أنه يوم تنحل قيودهم تنحل
واثُوّاراه ! إن الثور بعضكم أو بالأحرى منكم و البعض قد تلتبس عليه الأمور أو قد يجعلها سادته ملتبسة في ذهنه فيسير أو يسير في الاتجاه المعاكس للتاريخ و لمصالحه و مصالح وطنه ’ فيجب حينئد على الثوار الأحرار المصطفين أن يحصنوا ثورتهم بصد أعدائها و تنبيه أبنائها و توعيتهم بخطر تحميل الثورة’ وهي مازالت تحبو’ ما تنوء بحمله الجبال ’ إن الثوري لا يكون ثورا لأنه حر عاقل كريم و الثور مملوك غير عاقل مركوب عليه و محروث به :
كما الثور يضربه الرعيان***و ما ذنبه أن تعاف البقر؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: