الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8271
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نقاشات طويلة, غيابات كثيرة, مصادمات بين النواب, كلام خارج الموضوع, أموال تصرف كل شهر, إضرابات جوع من قبل النواب, لامبالاة تجاه المسؤولية الملقاة على عاتقهم, عدم الوفاء لأصوات ناخبيهم, مزايدات على بعضهم البعض, مستويات ضحلة من الخطاب السياسي و تفاهات كبيرة أصابتنا و لازلت بنوع من القرف تجاه ما يأتيه الكثير من نواب المجلس التأسيسي بإسثناء البعض منهم.
هذا ما جعلني أتساءل عن نجاعة الخيار الذي ذهبنا فيه و هو إنتخاب مجلس تأسيسي و قد يقول قائل ( اللوم بعد القضاء بدعة ) و هذا طبعا صحيح لكني أحاول أن أفرج عن نفسي التي ضاقت ذرعا بما ترى و هي مثل ذاك الذي فقد عزيزا و هو يعلم أنه ذهب دون رجعة لكن مع ذلك ظل يبكيه عله يجد في البكاء و العويل متنفسا لكمد يكاد يقضي عليه.
فكثير من النواب لا نعرفهم و لم نسمع لهم صوتا لا خير و لا شر بل منهم من لم تتجاوز عددد مرات حضوره تحت قبة المجلس عدد أصابع اليد الواحدة و قد إقتصر حضورهم في المجلس على لعب دور الكومبارس الذي يقوم برفع يده أو بالضغط على الزر و بعدها تنتهي مهمته ليعود إلى بيته فرحا مسرورا لأنه سيقبض بعض الملايين أخر الشهر دون مجهود يذكر و في هذا الإطار أجد وصفا دقيقا لهذه الحالة التي عليها نواب المجلس التأسيسي حين تسأل أي فرد من الشعب التونسي عنهم يجيبك هل تقصد هؤلاء الذين يشتغلون قليلا و يقبضون كثيرا.
رغم أني كنت من أشد المتحمسين لإنتخابات التأسيسي و ذلك أملا مني بأن تستقر الأمور في بلدي و أن تتغير الأوضاع لكن شيئا فشيئا أصبح الحماس يخفت في صدري خاصة عندما أشاهد مداولات المجلس التأسيسي إلى أن بدأت فكرة خطأ المسار الإنتقالي الذي إتخذته البلاد تدور في رأسي و بالتالي طرح سؤال رئيسي وهو هل كان التأسيسي خطأ ؟
لنعد إلى أصل فكرة الذهاب لإنتخابات مجلس تأسيسي التي طرحت للمرة الأولى خلال إعتصام القصبة 2 الذي بدأت تظهر خلاله الألوان الحزبية أكثر من أي وقت مضى منذ الإطاحة بنظام المخلوع و لا أظن أن الذين شاركوا في إعتصام القصبة 2 يمثلون أغلبية الشعب التونسي بل كانوا يمثلون فئة معينة من الشعب و هنا كان يجب التريث قليلا قبل إتخاذ القرار لأنه من المؤكد أن بعض الأطراف هي التي دفعت في إتجاه رفع شعار المجلس التأسيسي كمطلب شعبي ثم بدأت تنادي به الحناجر المعتصمة أنذاك بالقصبة و من المؤكد أن من حضر منكم إعتصاما سيعرف كيف تتم عملية توظيف بعض المطالب التي لم تكن أصلا ضمن مطالب ذلك الإعتصام و يكفي أن يطلق أحدهم بعض هتافات في الإتجاه المراد حتى يكرر الجميع من وراءه الهتاف ليصبح المطلب شرعيا و هنا أستحضر خلال إعتصام القصبة 2 كيف كان بعض الشباب المحمولين على أكتاف زملائهم و هم يهتفون بمطلب مجلس تأسيسي و الجميع يعيد نفس الكلام من وراءهم و عند سؤالك لأحدهم ما معنى الذهاب لإنتخابات مجلس تأسيسي يجيبك ببساطة " ما نعرفشي ".
إذن هنا يكون سؤالنا عن خطأنا في المسار الإنتقالي الذي إتخذته تونس مشروعا خاصة إذا شاهدنا ما يحصل داخل المجلس التأسيسي الذي أعتقد أنه ضاعف من نسب الإحباط التي يعاني منها المواطن التونسي منذ أمد بعيد كما أن الرأي القائل بأفضلية التوجه نحو تعديل دستور 1959 أو تكوين لجنة خبراء لوضع دستور جديد للبلاد و تجنب تضييع كل هذا الوقت و كل هذه الأموال المهدورة و التوجه بعدها لإنتخابات رآسية و برلمانية يمكن أن يجد ما يدعمه من الأسباب الموضوعية خاصة بالنظر إلى عدم تحقيق المجلس التأسيسي لما كان ينتظر منه.
أنا متأكد أن هذا الكلام الموجه للمجلس التأسيسي لن يعجب لا الموالاة و لا المعارضة و قد أتهم بالإنتقاص من شرعية أعضاء المجلس لكن أطمئنكم أني أعترف بالشرعية الثورية و الإنتخابية و خاصة المالية لكافة نواب المجلس التأسيسي المحترمين لكن أود فقط أن أقول لكم " راكم غلبتو علينا "
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: