المولدي الفرجاني - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7418
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المتأكد منه هو ان الاستعمار لا يمكن ان يعيش دون تدخله المباشر في الدول التي يستعمرها حتى يتولى بذلك رسم سياساتها و يناى بها عن طريق النهوض و تحقيق العزة و الكرامة و السيادة لشعوبها،و هو هوس استعماري مزمن استغل عديد الاحداث - واهية كانت او شبه حقيقية- ليمكن للغرب من بسط هيمنته علينا و بناء رفاهيته على حساب مفقرينا و محرومينا؛و لنا الامثلة العديدة على ذلك،كاستغلال حادثة رمي الداي مروحته في وجه السفير الفرنسي،و قد نتج عن ذلك تبرير احتلال الجزائر و تواصل استغلال ثرواته و قتل ابنائه طيلة اكثر من قرن.....اما في تونس القرن 19 فقد وضع الاروبيون يدهم على البلاد بدعاوي ترشيد اموال القروض و حماية اليهود و النصارى حتى حان زمن قطف التفاحة كما صرح به الفاشي جول فيري وقتها ...
اما بعد استفاقة الشعوب من غفوتها منذ ثورة ايران ،فقد طرح الغرب الاستعماري بديلا جديدا يتعلل به ليتدخل من جديد لحماية مصالحه الدائمة فينا؛لهذا اخترع في وسائل اعلامه خطر "المتطرفين " و " الجهاديين" و القاعدة" وصولا الان الى "السلفية" ...و قد تناغم عملاؤه داخل وطننا مع مخططه الخطير فسوقوا لهذا "الخطر" الداهم و ضخموه و اولوه بضياع حقوق الانسان و التعدي على الحريات العامة و الخاصة ..و الحقيقة ان خدم الاستعمار ليس لهم القدرة على الوجود ولا على الاستمرار و الشعور بالامن و الطمأنينة إلا داخل جلباب المستعمرين، و هم لا يقدرون على نهب السلطة و النفوذ و تقنين القمع الا بحبل من الاستعمار الخارجي الذي زرعهم منذ عقود كجسم غريب عن المجتمع و الامة. و هو ما يفسر حمايته لمم ورعايتهم اياهم ..
إن ما حدث أخيرا في دوار هيشر خطير جدا على سيادة تونس،اذ يامل الواقفون وراءه ارجاع عقارب الساعة الى الوراء،اي الى حدود عودة الفاسقين و الفاسدين الى حكم رقابنا عبر مخطط طالما لوحوا به سرا وفهمناه قبلئذ، و هو السعي الى تطبيق مبدا استعماري قذر يتمثل في "فرق تسد"، و هو يتعلق الآن بضرب الإسلاميين ببعضهم البعض- النهضة التي هي في الحكم بالسلفيين الراغبين في تحقيق تطبيق الشريعة و النفاذ من خلالها الى بسط سلطتهم على المجتمع و الدولة - و في امل هؤلاء المتشيطنين ان يضعف الاثنان و يصفى المشروع الوطني التنويري الحقيقي،و تعاد مكانه نسخ حميمية من الاستعمار البغيض الى بلادنا ....و الهدف الاسمى من وراء ذلك كله هو تحقيق تواصل وجود الكيان الصهيوني المجرم و الغاصب عبر تنصيب مباشر في السلطة المحلية لعملائه في المنطقة العربية ...
دور الاعلاميين رئيسي هنا ....حيث اهملوا في دوار هيشر و في غيرها من البؤر المهمشة الجوانب الاجتماعية لظاهرة السلفية و لكل تطرف او زيغ،و تستروا عن الدوافع الاقتصادية و الاختيارات السياسية للتي نتج عنها مظاهر التفقر والحرمان التي ولدت مثل هذه الظواهر،بل ان هؤلاء الاعلاميبن البائسين طفقوا يركزون في انبائهم و تحاليلهم على شاقور و ساطور و سيف،و تناسوا عمدا ان هذه الامور كانت تحدث في عهد الرئيس الهارب ..لكنهم كاعلاميين ماجورين كانوا وقتها يتخفون عليها عامدين،فموقعهم المريح المستفيد من الفساد العام كان يجعلهم في موقف المتواطئ مع سياسة التهميش الرسمية لجهات بعينها،بينما تنعم اخرى بما لذ و طاب من مظاهر العزة و التنمية .. و هم يلفتون الان انظار الناس عن خطر اعم واكبر واشمل والمتمثل اساسا في تواصل فساد عصابات النهب الراسمالية و الدوائر العميلة و على رغبة الاحزاب التجمعية الماكرة و حلفائها النوفمبريين الى الانقلاب على السلطة و ابطال مكاسب الثورة و الافلات من العقاب...
لا يجب ان ننسى الاخطاء المتكررة التي يرتكبها السلفيون و كونهم يدشنون - بحماسهم و ضيق نظرهم - الحماقة تلو الاخرى ليجدوا انفسهم لقمة سائغة لاعلاميين فاسدين و لكبار الرؤوس المافيوزية و لمن التحق بهم من عناصر داخل الاجهزة الامنية و الادارية و القضائية ممن بقي على ولائه لنظام الاستبداد الآفل،و من وراء ذلك اعداء الامة و الثورة من استعماريين و امبرياليين و صهاينة ......اما النهضة فاخطاؤها التي تسارع بها الى الهلاك هي اكثر مما يحصى...مثل تلك الكذبة الكبرى التي اطلقها اخيرا السيد الصحبي عتيق في خصوص حماس،بعد ان قال بانها لا ترغب في بند يحرم التطبيع في الدستور القادم،و نتج عن ذلك سخط شعبي كبير و تكذيب علني و رسمي من قادة حماس لكل ما قاله المسؤول النهضوي ...في حين سارع امس الخميس(1نوفمبر2012) السيد عامر العريض - بعد فضح الكذبة البيضاء لزميله السيد عتيق - الى تبرير ما قاله بالتاويل الخاطئ من جانبه...كل هذه التصرفات التي ترقى غالبا الى مستوى الخزعبلات،لا تؤهل البتة حركة النهضة لنزع فتيل الانفجار الوشيك ...الا ما رحم ربي .........
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: