فتحي العابد - إيطاليا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7376
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الخطر الذي يهدد الثورة في تونس لا يكمن في بقايا النظام المطاح به فحسب، بل يأتي من بعض الفئات الإجتماعية التي لم تستوعب مفهوم الحرية المكتسبة بأبهض الأثمان، فتلجأ إلى استغلال هذه الحرية بزرع الرعب بين الناس بالإغتصاب، والنهب والسرقة والإعتداء على الأملاك العمومية والخاصة، ساعده على ذلك الخلل والضعف الذي يصيب المنظومة الأمنية، رغم أن العدد الجملي للقضايا المسجلة لدى مصالح الداخلية في الثمانية الأشهر الأولى 2012: 108561 قضية، الناجح منها: 79291 قضية، أي بنسبة 73 %.
لم تلجأ الحكومة الشرعية إلى الصرامة، وتفهم القاصي والداني أنها لاتتهاون في تطبيق القانون على الجميع وبدون استثناء، وحماية ثورتنا بالقوانين الإستثنائية التي لاتترك فيها مجال للغوغاء.. كما تلجأ الثورات الناجحة على مر التاريخ...
وما يزيد الطين بلة هو المعارضة التي تؤجج الفتن تلو الأخرى، وتعمل على تقطيع أوصال هذا المجتمع، كالسوسة تنخر عظام تونس. يعينها على ذلك الإعلام البنفسجي المتواطئ الذي يتعمد طمس الإنجازات،وكأنه إعلام ينتمي لبلد في حالة حرب مع الدولة التونسية، ويقف حائلا بين الشرعية والشعب.شتان بين أحزاب المعارضة في إيطاليا مثلا التي تضع يدها في يد الحزب الحاكم عندما تمر البلاد بأزمات، وبين المعارضة في تونس التي تعطل الإقتصاد وتمول الفوضى وأعمال العنف والتخريب وتنشر الفتن. الوضع الذي تمر به البلاد لا يسمح بمزيد التساهل مع أفراد هاته العصابات الخطيرة، ينبغي إخضاع الجميع لسلطة القانون وتطبيقه بصرامةعلى الجميع.
كنت موجودا داخل تونس في حملة "إكبس" ونادينا بتطبيق القانون وتفكيك منظومة الفساد التي مازالت تتصرف في البلاد وكأن الثورة لم تقع، رغم صعوبة الأمر.
كان أحد المتظاهرين يخاطب أحد أعضاء الحكومة: "قلنالكم إكبسوا فماذا فعلتم؟؟"
أجابه: "نحن نجتهد... نحن عازمون على المحاسبة مثلكم... ولكن الممارسة أصعب من المشاهدة من بعيد..."
لمت أحد الوزراء في اللقاء الوحيد مع سياسي تونسي في زيارتي الأخيرةعلى تباطؤهم في تحقيق الأولويات العاجلة للثورة، وتساهلهم في محاسبة أزلام النظام السابق، مذكرا إياه أن الرئيس المصري محمد مرسي استطاع القضاء على حكم الجيش في مائة يوم، بل لم يطلب منه ذلك الشعب المصري، لكنه أدرك أنه لاتقدم لثورتهم إلا بعد الحسم في بعض القضايا، ومن بينها المنظومةالعسكرية،ففعل، وحكومتنا في سنة تقريبا لم تستطع القضاء على التجمع..
أجاب: "ياأخي تغفل عامل الزمن.. تفكيك منظومة كاملة لها عشرات السنين من النشاط والتنسيق، مرتبطة بشبكة علاقات داخلية وخارجية يحتاج إلى وقت طويل ومناورات.."
أعتقد أن الحكومة أخطأت التقدير حين اعتمدت فقط على إقامة المؤسسات والتشريعات،وغرقت في الملفات دون خطاب سياسي لافت، وهذا أفقدها شيئا من المقبولية.
في تركيا هناك تركيز للمؤسسات،ولكن هناك أردوغان بشخصيته الفذة وبخطبه المدوية،أما في مصر رغم اتحاد وشراسة أعداء المشروع الإسلامي، فإن مرسي يقاومهم وينتصر عليهم بطلاقة لسانه الرهيبة، وبحضوره الملفت أمام جماهيره..
ما نزلنا للقصبة في حملة "إكبس" إلا تفاعلا مع استحقاقات هذه المرحلة التاريخية واللحظة المفصلية، ولوما على تأخر الحكومة في البت في بعض القضايا،وبعث رسالة قوية إلى إتحاد الشغل،ومعارضون بلا برنامج، و محترفي الصمت الرهيب لمدة 23عاما، ضحايا تسونامي23 أكتوبر..
الموقف الذي يمليه علينا الوطن هو التفاعل الإيجابي مع بعض الإنجازات التي يتم تحقيقها فعلا على أرض الواقع..من بينها الدراسة التي تمت لعدة مشاريع للتنمية في ولايات قابس والكاف والقيروان وتطاوين، وإحداث مشاريع أخرى في ولايات سيدي بوزيد وسليانة وجندوبة والقصرين،وإعادة تفعيل خط السكك الحديدية المتجه للساحل، والأهم من كل شيء هو 61 ألف موطن شغل جديد التي تم إحداثها، نتج عنه تقلص في البطالة بنسبة 1,3% لتستقر فى حدود 17,6 % مع موفى الثلاثي الثاني للسنة الحالية، زيادة على انطلاق المناظرات الوطنية لإنتداب 32 ألف موطن شغل بالقطاع العمومى قبل موفى ديسمبر 2012 مما أدى إلى نسبة نمو بـ3،3% إلى حدود السداسية الأولى من السنة الجارية.
أما في القطاع السياحي فقد تجاوز عدد السياح لهذه السنة 5 ملاييــن، في حين بلغت المداخيل من العملة الصعبة 2400 مليار، وتشغيل أكثر من 400 ألف مواطن بصفة مباشرة، وأكثر من مليون بصفة غير مباشرة.
تيقنتأن المستقبل حافل بحول الله، ولارجوع للوراء، وأن سياسة التجويع خلال 23 سنة لم تنفع،وأن الشعب التونسي دؤوب وحركي، كما تأكدت أن البنية التحتية في البلاد منهارة، استطاع شعبنا تجاوزها بالعمل والمثابرة والصبر، وكثرة الشاحنات الخفيفة والمتوسطة يأكد ماذهب إليه أحد الكتاب المغاربة في أن عموم الشعب التونسياستطاع بناء نفسه بنفسه دون انتظار الإعانة من الدولة، ولو كان ذلك وفق أسس الإتباع والإمتثال التي أرادها له فئة مجرمة تحكمت في رقاب الناس، والتي بدأت في التآكل والإنكماش في آخر عهد المخلوع.فلا تكاد ترى في تونس إلا تلك الأصناف من وسال النقل خلافالجارتيها المعروفتين بكثرة السيارات المتنوعة والفخمة،المخصصة لنقل الأفراد أكثر من البضائع ولا تتحمل طبيعة طرقات تونس.
أنا أوجه ندائي لشعبنا البطل أن يقف في صف الشرعية ويدافع عنها، وأن الواجب الوطني والتاريخي يدعونا لذلك، حتى لو مثلتها قوى أخرى غير الترويكا أمام الأخطارالمتربصة بالمشروع الثوري الوطني، واعلموا أن العدو الخارجي لن يقدر علينا دون الإستعانة ببني جلدتنا.
اليوم قوى الردة اجتمعت وكونت مايسمى "نداء تونس".هذا الحزب هو استنساخ للتجمع، لا نساند أعداء الوطن، وتذكروا حكاية الفأس بدون عصى حين ألقيتبين الشجر. فتوجس الشجر منها خيفة، فقالت شجرة حكيمة لأخواتها، إن لم يدخل فيإست هذه عود منكن فﻼ تخفنها..
فلا ننخرط في هذا الحزب،هؤلاء خرجوا من الباب فلا نسمح لهم بالرجوع من الشباك،ولا نتوقف عن كنس المفسدين في بلدنا، وبعد ذلك كل ناخب سيقيم عمل هاته الحكومة حسب رأيه، ويدونها على بطاقة الإنتخاب التي سيدلي بها في الإنتخابات القادمة إن شاء الله..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: