البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

البكّاؤون المحترفون وحادثة فتاة الليل

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9151


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


مثلت حادثة فتاة الليل فرصة لمحترفي البكاء أن يضمنوا تواصل نشاطهم الفريد، هذه الكائنات التي اقتطعت تذاكر التسيير الحصري للأزمات والكوارث والتمعش منها بحيث لا يحلو لها العيش إلا بين الخراب ولا تطمئن نفوسها إلا في عالم الكآبة والقتامة، وهي بعد ذلك لا تفتأ جاهدة في تلويث جوارها بدواعي النحيب والشؤم ولا تنقطع عن عدواها إلا حين يتلوث المحيط بأقدار من عفنها.

لعله يحسن التوضيح منذ البداية أن الردود على هذه الحادثة يجب النظر إليها من خلال إرجاعها لدائرتين من الأسباب المحركة لردود الأفعال، أولهما دائرة المساعي الحثيثة لتعطيل الثورة من خلال توليد الأزمات، وثاني الدائرتين أن منبع هذه المساعي أساسا هي إيديولوجية ثقافية، إذ أن أصل الأمر هو تخوف أعداء الثورة أصحاب الثقافة الغربية أولئك الذين كانوا متحالفين مع النظامين السابقين، خوفهم من أن يصل تحرر التونسيين حد المطالبة بالتخلص من النمط الثقافي والمجتمعي الذي أجبروا عليه منذ الاستقلال، وهو النمط الذي يبيح التسيب الأسري والتفكك الاجتماعي والإعلاء من قيم الفسق وتقديم كل تلك الممارسات في إطار موهوم موسوم بالتحرر والتقدم، وهذا ما يفسر كون عموم الرافضين للثورة هم حملة مشعل الثقافة الغربية والفرنسية تحديدا، فهم يدافعون عن مصالح ذاتية وعن نمط مجتمعي موبوء نشؤوا فيه وهم لا يملكون الخلاص منه، وهم يرون التحرر الثقافي من النموذج الغربي نذيرا بالموت لهم تحديدا وهذا ما يفسر استماتة هؤلاء في تحركاتهم.

أما عن الحادثة موضوعنا، فإنه لو كان الحال غير حالنا لكانت حادثة فتاة متسيبة تداول عليها فردان من بعد أن وطئها قبلهما صعلوك آخر، لكانت أمرا يسجل على أنه واقعة زنا اشترك فيها أربعة أطراف يستحقون كلهم العقاب، مع عقاب اشد للساقطة إذ خرجت ليلا مع غير محرم سعيا وراء الزنا.

وأما الحال في تونس فإن الأمور تطورت بتدخل الغربان من أبناء فرنسا، فكان أن حرفوا الوقائع واقتطعوا أجزائها بما يخدم أهدافهم، ووصل نشاطهم حد الدعوات بتسيير المظاهرات المساندة لفتاة الليل والمطالبة بصيغ قانونية لحماية الزانيات المتسيبات، واعتبار التهتك العام نوعا من الحرية الشخصية التي يجب التنصيص عليها في الدستور.

ولسبب ما فإن دعاة التسيب لكأنهم يريدون أن يقنعونا أن فتاة الليل هذه ذات عفة وطهر يكاد يقارب ذاك الذي لدى السيدة فاطمة الزهراء، ولسبب ما فإن هؤلاء لكأنهم يريدون أن يقنعونا أن فتاة الليل هذه إنما خرجت في الليل للتهجد وأنها كانت تقيم الليل فباغتها هؤلاء المجرمون، وأنها كانت مع زوجها أو أخيها وليس خليلها.

أنا لست متأكدا أن الفتاة التي تسعى للزنا وتقيم العلاقات المحرمة وتخرج ليلا لذلك، تستحق أكثر من بصقة تتقاسمها بالتساوي هي وأسرتها التي لم تحسن تنشئتها، ولكني متأكد أن من يدافع عن الزانيات تحت مختلف المسميات إنما يمثل خطرا أكبر على المجتمع من التي ترتكب الفاحشة ذاتها، وهذا مغزى التحذير من خطورة حملة مشعل الثقافة الغربية.

وأنا أتفهم كون مجمل من يثيرون ضجة بزعم الدفاع عن فتاة الليل إنما هم ينطلقون من دافع ذاتي قبل كل شيء يستحثهم للذود عن نمط حياتهم الخاص المنفلت من كل ضوابط وهو النمط الذي يعيشه أغلبهم واقعا في بؤرهم الموبوءة وعوالمهم الخاصة.
وهم حين دفاعهم عن الزنا والزانيات إنما يدافعون عن أنفسهم بطريقة ضمنية، وهم حينما يدافعون عن نمط الحياة المتسيب الذي يريدون فرضه على التونسيين إنما يدافعون عن النمط المجتمعي والثقافي المهلهل الذي يعيشه أغلبهم.

ولكن سيكون من الصعب على دعاة التسيب أن يقنعوا التونسيين مثلا أن الفتاة السوية الجديرة بالاحترام تقبل أن تخرج ليلا مع أحدهم ممن ليس بمحرم، وسيكون من الأصعب عليهم أن يقنعونا أن الزانية التي يقبض عليها متلبسة يمكن أن تكون امرأة تستحق أن تسير من اجلها المظاهرات، إلا أن تكون مظاهرات مطالبة بتشديد العقاب عليها لكي تكون عبرة لغيرها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، اليسار المتطرف، التجمعيون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-09-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد أحمد عزوز، ماهر عدنان قنديل، علي عبد العال، سامر أبو رمان ، د - محمد بنيعيش، صلاح الحريري، سامح لطف الله، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي اليوسفي، د - عادل رضا، محرر "بوابتي"، محمد الطرابلسي، مراد قميزة، نادية سعد، فتحي الزغل، كريم السليتي، جاسم الرصيف، حسن عثمان، محمد يحي، رافع القارصي، سلوى المغربي، إيمى الأشقر، حسن الطرابلسي، الهيثم زعفان، محمد علي العقربي، صالح النعامي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد شمام ، رافد العزاوي، أحمد بوادي، بيلسان قيصر، د - شاكر الحوكي ، المولدي الفرجاني، عبد الرزاق قيراط ، وائل بنجدو، عبد الغني مزوز، محمد الياسين، مصطفى منيغ، عبد الله زيدان، يحيي البوليني، ضحى عبد الرحمن، خالد الجاف ، مجدى داود، سلام الشماع، د. طارق عبد الحليم، فتحي العابد، رحاب اسعد بيوض التميمي، عزيز العرباوي، طلال قسومي، د.محمد فتحي عبد العال، أنس الشابي، د - صالح المازقي، رشيد السيد أحمد، فتحـي قاره بيبـان، عبد الله الفقير، رضا الدبّابي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فهمي شراب، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد العزيز كحيل، خبَّاب بن مروان الحمد، تونسي، سليمان أحمد أبو ستة، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، صلاح المختار، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. صلاح عودة الله ، عراق المطيري، محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، أشرف إبراهيم حجاج، حسني إبراهيم عبد العظيم، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، الناصر الرقيق، أحمد ملحم، د. عبد الآله المالكي، علي الكاش، د - محمد بن موسى الشريف ، كريم فارق، رمضان حينوني، صفاء العربي، سفيان عبد الكافي، محمد العيادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمود سلطان، منجي باكير، حاتم الصولي، سيد السباعي، إسراء أبو رمان، إياد محمود حسين ، طارق خفاجي، صفاء العراقي، أحمد النعيمي، محمود طرشوبي، د- جابر قميحة، ياسين أحمد، د. خالد الطراولي ، فوزي مسعود ، د- محمود علي عريقات، د. أحمد بشير، العادل السمعلي، د - مصطفى فهمي، أبو سمية، د- محمد رحال، د - المنجي الكعبي، أحمد الحباسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، يزيد بن الحسين، صباح الموسوي ، محمد اسعد بيوض التميمي، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، عواطف منصور، حميدة الطيلوش، مصطفي زهران، محمود فاروق سيد شعبان، د. أحمد محمد سليمان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء