الاجتماعات الاخيرة في هياكل الحزب المركزية بالعاصمة أظهرت بصفة جلية ولاول مرة وجود صراع قوي على قيادة الحزب وتاكد ذلك في النقاش الساخن جدا حول مسالة تطعيم الهيئة الموسعة لتبلغ 80 عضوا اذ مارس اعضاء بالهيئة التاسيسية حق الفيتو ضد عناصر بعينها مما ولّد مشاحنات مع عناصر اخرى. كما ان التقييم التصنيفي الذي اصدرته بعض الصحف بايعاز من احد القياديين الاسبوع الماضي حول الرموز النشطة بالحزب وتلك التي لم تفعل شيئا منذ انشاء الحركة اغضب العديدين من الرموز المحسوبة على الحركة.
حيث يعتقد هؤولاء ان المقال الذي دار على بعض الصحف وفيه مديح لبعض الاسماء انما يعتبر تمهيدا لاحداث تغيير في المكتب السياسي وفق سياسة الولاءات الشخصية والحسابات الانتخابية.
واما مسألة تركيز المكاتب الجهوية فلقد ظهر بالكاشف ان الصراعات التي وقعت في اكثر من جهة وعطّلت او اجّلت عمل وانشاء تلك المكاتب كان وراءها صراع على النفوذ بين اقطاب الحركة حيث يحاول مثلا لزهر العكرمي السيطرة على جهات الوسط والجنوب الغربي فيما يحاول محسن مرزوق السيطرة على جهات صفاقس والجنوب الشرقي والعاصمة فيما يسعى الطيب البكوش عبر شبكة تحالفاته القديمة في الاتحاد الى ضمان موالاة جهة الساحل والقيروان وجزء من العاصمة. واما رضا بلحاج حليف لزهر العكرمي فيسعى الى كسب اجزاء من العاصمة والشمال لفائدة صديقه.
الصراع على المكاتب الجهوية يعود الى ان تلك المكاتب هي التي ستحدد القوائم الانتخابية للحزب خلال الاستحقاق التشريعي القادم ولعل ايقاف عملية توزيع كنشات الانخراطات في اكثر من جهة تعود الى خوف هذه القيادات من تغول احدها على الاخر واقبال انصار كل طرف على الانخراط لاحداث خلل في موازين القوى الداخلية.
واما النقطة التي مثلت بداية الخلاف الصامت ولكنه عميق حتى الان هي مسالة اختيار مرشح الحركة للانتخابات الرئاسية اذ وفيما كان الجميع ينتظر ترشيح الطيب البكوش ظهر شق في القيادة ينادي بترشيح مصطفى كمال النابلي وهو ما اربك مخططات البكوش. هذا التحول يعود اساسا الى مراهنة البعض داخل المكتب السياسي على لوبي رجال الاعمال من جهتي العاصمة وصفاقس حيث بات من المسلم به داخل الحركة ان تكتل رجال الاعمال سيتدخل بقوة وسيشترط لتمويل الحزب وجود اعضاء بعينها او طرد اعضاء آخرين.
واما مسالة القبول بالتجمعيين فلقد تم تجاوزها صوريا لصالح الشق الذي نادى بضرورة التحالف معهم على مستوى الهياكل القاعدية والسماح بالانخراط في الحزب لبعض الوجوه التجمعية وخاصة من رجال الاعمال اذا لم تتعلق بهم فضائح او عمليات فساد او لم يسبق لهم الترشح على قوائم التجمع المنحل في استحقاقات انتخابية سابقة للثورة. وجود رجل الاعمال التجمعي فوزي اللومي داخل قيادة الحزب كاد مثلا يفجر المكتب السياسي برمته بعد ان اصر شق الطيب البكوش على اشتراط عدم دخول اللومي للمكتب السياسي مقابل البقاء بالحركة ايمانا منه بان وجود اللومي سيكون لصالح محسن مرزوق الذي يتمتع اصلا بدعم سليم شاكر وسماح دمق وسلمى الرقيق .
في كلمة، رموز حركة نداء تونس وحّدهم الحقد على حركة النهضة وفرَّقتهم المصالح الشخصية وحب السلطة والكراسي والنفوذ والبريق الاعلامي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: