المولدي الفرجاني - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6680
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هو سؤال تطرحه كل ثكلى ممن قدمن فلذة كبدها على مذبح الحرية والكرامة، لكن لا احد ولا طرفا مسؤولا أو غيره أعطاهن الإجابة واشفى غليلهن في التعرف على قاتل الشهداء الأطهار.
ان الذي ينبغي قوله هنا هو أن قضية قتل الشهداء لم تعد شخصية أو محلية، أو مسالة اجتهادية يمكن حصرها في مربع للتاويل أو النقاش، بل هي وطنية، وعليها سيتحدد مستقبل البلاد .
لقد عجزت المحكمة العسكرية المنتصبة منذ أشهر للغرض عن تلبية مطلب كل اخت أو زوجة أو ام ثكلى للتعرف على قاتل الشهداء، بل الانكى من ذلك كله ان المحكمة برات تماما القتلة، مستندة في ذلك كله على ما تقول زورا انه"انعدام وجود اثار ادانة المتهمين في ملفاتهم". وبهذا بُـرّئ المجرمان السفاحان العجيمي والسرياطي اللذان لا يختلف اثنان في اجرامهما ضد حقوق الشعب والوطن.
إن مسرحية القتل السهل و الإفلات من العقاب التي كانت سارية في حقبة ما قبل الثورة العظيمة لتطرح من جديد مسالة بناء قضاء حقيقي لما بعد الثورة، يكون سلطة حقة، ركنها العدل، فيُعطَي لكل صاحب حق يطلبه حقه، ويُنصف الظالم من المظلوم ويوقف إلى جانب المستضعف المسلوب المطلوب من قبل القوي المستبد.ولن يتم بناء هذا الجهاز الذي ينخره الفساد منذ عقود باضفاء "الاستقلالية" كما ينادي بذلك القضاة، وهي الدعوى الحقة التي يراد بها الباطل الخبيث، او اعتبار الصبغة الملائكية على القضاة، بل بايجاد حكام عادلين يكونون شجعانا في الحق، اقوياء امام الظالم، ضعفاء امام المظلوم، كما كان يفعل اسلافهم الحقيقيون، ومن ليست فيه هذه الخلال فليلزم بيته .
ومن نكد قضائنا الفاسد هو طمع رؤوس الاجرام الهاربين في المثول امام قضاته الفاسدين الحاليين، لما يعتقدون ان عماده مجافاة الصواب و انه سهل الشراء و لقدرة الحاكمين فيه على المراوغة و الكذب و الزور و البهتان .
هذا القضاء السخيف الذي لا يرتقي لتطلعات شعب عظيم كهذا عمد مؤخرا في محكمة الكاف العسكرية إلى اخراج جد ضعيف لمسرحية اخذها دم الشهداء على عاتقها، فهو لم يكتف بتبرئة القتلة و على راسهم المجرمان السفاحان السرياطي والعجيمي، بل انه جعل من استشهاد المئات ابان الثورة مجرد حادث طريق... و صنع - عوض ادانة القتلة و اعدامهم في الساحات العامة- صفقة مالية مشبوهة يسند بمقتضاها مبلغ مالي لكل من الوالدين والاخ والاخت، وهي مبالغ لا يظن اهالي الشهداء نه سيصل إلى كف واحد منهم، بل سوى النزر القليل لان اكثرهم قد كانوا تسلموها من قبل على دفعات.و ما جدوى المال اذا لم يعرف القتلة بعد و اذا لم يقتص منهم القصاص الحق ؟
ان قرارات كهذه لدالة على ان مطلبنا ايجاد قضاء منصف في كل الجهات و القضايا، لهو امر لا مفر منه اذا اردنا ان ننخرط في نهج الديمقراطية الحقة وتحقيق امن حقيقي وممارسة سلطة الشعب، و ان نصل بالبلاد إلى بر الامان.كما تقوم الشهادة على مشاعر عداء الشعب و احتقاره و التجبر عليه لا زالت راسخة رائجة لم تنقطع بعد عند اغلب الاداريين المتنفذين، ومنها "الحقرة"التي قامت عليها ثورة كاملة اتبعتها ثورات اخر.فمن التهكم على اصحاب الحق ان يسلب قاض هذا الحق من صاحبه و يسنده كصك براءة للمجرم .
و لا ادري باي عقل يفكر هذا الجهاز، و ليس من المستبعد ان يطلع علينا قضاتُه الفطاحل بحكم يلزم اهالي كل شهيد و جريح، بل كل حر ساهم في الثورة- وقد يضعون ذلك في خانة "المصالحة"- ان يطلبوا الصفح لخـــروجهم و ابنائهم إلى الشوارع يطلبون الحرية والعيش السعيد والشغل والكرامة والانعتاق من منظومة فساد عائلات الرئيس الفار و ازلامه ؟
و سؤال من قتل الشهداء لا يزال مطروحا، و يمكننا الان ان نجيب عنه بعد عجز الجهات المفروض ان تفك طلسمه.... ان من قتل ابناءكم أيْ امهات الشهداء هي هذه الاجهزة الفاسدة التي لازالت نوفمبريّة عفنة متعفنة إلى حد الان، رغم مرور قريبا من السنتين على استشهادهم.و هي لم تغير الا الدهن الخارجي لها من البنفسجي نحو الازرق اللماع .
ان من قتل اخوانكم و اخواتكم هم هؤلاء الاشخاص الباقون كخفايش الظلام و حشرات القراد ...ان من قتلهم جميعا هي هذه العقلية المتخلفة الانانية المتوحشة التي لا تعترف بوجود الآخر و بحقه في العيش و الكرامة و الانصاف. ان اصبعنا نوجهه إلى هذه الادارة المتخلفة التي لم تتقدم قيد انملة إلى الامام ..انه هذا القاضي و هذه القاضية الذان لا ضمير لهما .....كل من ذكرنا هم القتلة، لا قتلة الشهداء فحسب بل قتلة الفرح و الامل و السعادة في الشعب.
ان هؤلاء الذين لا يزالون يقبلون تلقي التعليمات و الاوامر هم القتلة الحقيقيون....ان هذه الحكومة الاصلاحية نوفمبرية السلوك والرؤى، الراغبة في التغطية على القتلة، الرافضة للقصاص، المديرة الظهر للديمقراطية وحقوق المضطهدين والراغبة في المرور إلى المصالحة، بكل وزاراتها و برئيسها و مجلسها لهي هي القاتلة الحقيقة لابنائكم، و ستظل كذلك طالما لم تحرص على انصافكم، و ما العجيمي أو السرياطي سوى الشجرة التي تحجب غابة الوحوش التي قتلتهم.. ولاننا نطالب بحكم لا يقل عن اعدام قتلة الشهداء، فذلك له معنى واحد عند الشعب الحر، وهو اعدام كل هذه الاجهزة و استبدالها باخرى حقيقية، و لن نقبل باصلاحات و ترقيعات تقدم عليها الحكومات المتعاقبة و منها حكومة النهضة .
اننا نطلب من جيشنا الوطني البطل الذي ابدى بسالة في الحفاظ على الوطن ان يدفع عنه هذه المحاكمات الى محكمة ثورية مختصة، والا يتحمل وزرها الذي سيكون ثقيلا حين يقتل الشهيد مرة ثانية على يد من طمح ان يكون منصفه . وهو جوهر ما عنته ام الشهيد الذي سقط في تالة يوم الثامن من جانفي 2011 حين استمعت إلى الحكم ببراءة قاتل ابنها، فقالت"الان قتل ابني"...
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: