الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7927
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صحيح أن ما حدث كان كارثيا بأتم معنى الكلمة سواء بالنسبة لصورة البلاد الخارجية أو بالنسبة للإقتصاد و أكثر ما تضرر من هذه الأحداث لاشك الموسم السياحي الذي ما إن بدأ بالتعافي و كل الدلائل تبشر بموسم واعد إلا و أبت قوى الجذب للوراء محاولة إفشاله لكن لا أظن أنها نجحت في ذلك لأن السائح الأجنبي أصبح يدرك ما يقع في تونس أكثر من التونسي نفسه في أحيان كثيرة و أكبر دليل على هذا كلام أن أحد رجال الأعمال الأجانب الذي حاورته التلفزة التي يقال أنها وطنية حيث سألته الصحفية هل سيبقي على إستثماراته في تونس في ظل هذا الوضع الذي قالت له أنه متأزم فهل تعرفون ماذا أجابها؟ لقد قال لها أنه لن يغادر تونس لأنه ببساطة يدرك جيدا من يحاول تعطيل هذا المسار الإنتقالي و أن تونس هي الوجهة المفضلة للإستثمار فكادت هذه الإجابة أن تبكيها إنها الوطنية.
أكيد أن الشعب التونسي بأكمله أصبح يعلم من يكيدون للثورة ويريدون إجهاضها فقد كشفت هذه الأحداث العدو الحقيقي للوطن فما ظهر إلى حد الآن من حقائق كفيلة بأن تؤشر على الجهة التي كانت اللاعب الرئيسي في ميدان التخريب و الحرق و التدمير فذاك العدل المنفذ الذي ذهب لمعاينة الصور المعروضة في العبديلة و هو أول من حرض الشباب على التظاهر بدعوى نصرة المقدسات تبين أنه تجمعي حد النخاع و هو عضو بلدي سابق بالإضافة للأغراض الشخصية بينه و بين المشرف على الفضاء و لاشك في أن الشعب التونسي لا يصدق أمثال هذا الشخص في أن لهم غيرة على الدين و لو سكنوا المساجد ثم البيان الإنقلابي لرئيس الحزب الحر الدستوري الجديد الذي دعا صراحة الجيش للإنقلاب على السلطة بالإضافة للعديد من التفاصيل الأخرى التي ما إن تجتمع إلا و نتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن أزلام النظام السابق هم قادة الثورة المضادة و ما على الحكومة إلا أن تتحمل مسؤوليتها و تقوم بواجبها الأول الذي كلفها به الشعب و هو حماية الثورة.
فحماية الثورة من أوكد الواجبات التي يجب أن نضعها نصب أعيننا و هي قبل الشغل و الأكل و الشرب فالشعب الذي أهدانا هذه الثورة التي حررتنا إئتمننا عليها أيضا ضد كل جيوب الردة لذلك بعد أن كشفت هذه الجيوب و تعرت أمام الشعب فإنه ما على السلطة الحاكمة إلا الضرب بقوة على أيدي هؤلاء العابثين بأمن الوطن و المواطن و القضاء على جيوب الثورة المضادة قضاء مبرما و هذا ما قد تلحظه من خلال حديث أغلب المواطنين في تعليقهم على ما حدث من عنف حيث يرى جل هؤلاء أن الفرصة مواتية لكشف كل الخونة لهذا الوطن و فضحهم و من ثم القضاء و بصفة نهائية على كل محاولة للإنقلاب على الثورة حتى نلتفت إلى ما هو أهم و هو بناء تونس الجديدة فالوقت مهم جدا في حياة الشعوب.
إن تداعيات ما جرى لازلت تلقى بظلالها على الرأي العام الذي أصيب بنوع من الصدمة لكن مرة أخرى كانت الأحداث إختبارا للنخبة السياسية و الحقوقية ففي حين أن السيد نجيب الشابي و حزبه الجمهوري غرد خارج السرب كما دأب منذ ما بعد الثورة فإن جميع السياسيين حكومة و معارضة أجمعوا على أن ما حدث لا يمكن إلا أن يكون من تدبير بقايا المخلوع و أيتامه لأنه لا مصلحة لغيرهم فيما حدث فالسيد حمة الهمامي إتهم صراحة هؤلاء بالتورط في عمليات التخريب و قد سانده في هذا الطرح السيد راشد الغنوشي أما بالنسبة للنخبة الحقوقية ممثلة في ذراعها الأول الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فقد فشلت كعادتها في إنصاف جميع الأطراف و لم تتخذ موقف محايد فقد أصدرت بيان أدانت فيه التهجم على من سمتهم مبدعين في حين لم تفعل نفس الشيء مع من أهان المقدسات و مس مشاعر ملايين التونسيين فعن حقوق أي إنسان تدافع الرابطة؟
من المؤكد أن ما حدث رغم ضرره الكبير فقد أفاد الشعب التونسي في جوانب أخرى حيث أسقط القناع عن أعداء الثورة لكن يبدو أيضا أن التيار الإسلامي إستفاد أيضا مما حدث رغم أن من خططوا للأحداث أرادوا عكس ذلك فقد بدا واضحا تقاربا بين مختلف تياراته و ذلك من خلال الإنضباط الكبير و ضبط النفس الذي أظهروه عندما قرروا تغليب مصلحة البلاد العليا و إلغاء جميع التظاهرات التي كانت مقررة للرد على الإساءة للمقدسات و قد بدا واضحا عملية التلاحم و رص الصفوف عندما تبين لزعماء هذه التيارات أن الهدف كان ضرب الإسلاميين بعضهم ببعض كما أن إلتزام حركة النهضة بقرار وزارة الداخلية منع كافة أشكال التظاهر رغم دعوة زعيمها للتظاهر يدل دلالة واضحة على عقلية سائدة داخل هذه الحركة و هي إحترام علوية القانون و الفصل بين الحزب و الدولة على غير ما فعل البعض ذات التاسع من أفريل بدعوى الحرية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: