بعد مسيرة السّبت... هل قَضي الأمرُ الذي فيه تستفتون
فتحي الزغـــــل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7022
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عندما بدأت الخطوات الأولى لتنظيم المسيرة التّظاهرة التي أُطلَق عليها مُنظّموها اسم "مساندة أو دعم الشّرعية" بمدينة صفاقس، تساءلتُ عن مدى قدرة هؤلاء و هم ممثّلو أحزاب التّرويكا الحاكمة، و بعض المستقلّين، وبعض وجوه الأحزاب التي تؤمن بهذه "الشّرعية"، على إقناع النّاس بالنّزول إلى الشارع خاصّة و الفترة فترة امتحاناتٍ مع ما يعنيه ذلك من جنوح العائلات إلى منازلها طلَبا في التركيز و المراجعة. ثمّ تبادر إلى ذهني مسيرة 12 جانفي 2011 العظيمة التي كانت بنفس المدينة، و الّتي وجّهت بحدوثها بوصلة الثّورة نحو النّجاح، لما تحمله هذه المدينة من أهميّة سياسيّة بالغة بالبلاد.
و بقيت أنتظر الحدث لأحلّل و أحصي و أستنتج ...
وانتظمت المسيرة... و تجمّعت، و خرجت و في شوارع المدينة وسارت...و انبجست فيها شعاراتٌ تجتمع كلّها على دعم الحكومة، و دعم خياراتها، و دعم الاستقرار في البلاد، و دعم التّنمية، و إقصاء من كان ينتمي للحزب المنحلّ، و كذلك...شعارات تجتــمع على رفض ما تُسوّقه أطرافٌ نقابيّة و حزبيّة من مــواقف و تصريحات وأفعال – يرى المشاركون - أنّهم بها إنّما يُريدون إفشال الحكومة، و في أحسن الأحوال إسقاطها.
و أمام العدد الهائل الذي رأيتُه شارك في هذه التّظاهرة، خاصّة والوقت مساء سبت، ممّا يُحيلُ إلى أنّ كلّ من شارك قد تنقّل فعلاً ليُوصل صوته فيها. و يقطع مع وجود ما يُسمّى في الاجتماع السّياسي بالمتجمهرين، و هم الذين يشاركون في المظاهرة لأنّها مرّت من أمامهم. و يقطع أيضا مع ما يسمّى بالمنتهزين و هم الذين يشاركون في السّير في المظاهرة هروبا من روتين عملٍ أو التزام وقت أو غيره ... و هذه ظواهر معروفة و تُدرَس لوحدها كظواهر فرديّة لها تأثير جماعيّ. أعودُ إذن... و أمام التّنظيم الدّقيق الذي أصبح من سمات منظّميها... و أمام التّعتيم الذي أراه متعمّدا من جلّ وسائل الإعلام لعمليّة التّجييش تلك ...
وجدتُ نفسي أطرح أسئلةً عوض أن أقدّم استنتاجات... لأنّ الأسئلة قد تكون في بعض الأحيان أحسن أسلوب لقراءة الحدث.
و أوّل هذه الأسئلة هي كيف يمكن لأنصار الترويكا حشد ذلك التأييد و هم يتعرّضون كلّ لحظة وساعة لسهام يرشَقها معارضوها من كلّ حدب وصوب؟ و ما مدى مساهمة المعارضين أنفسهم في زيادة نسبة التّأييد للحكومة؟ لأنّ التّعاطف له وقع الإقناع في السّياسة و هم عن هذا المبدأِ غافلون... وهل تستطيع المعارضة تنظيم مظاهرة تعاكس تلك في الاتجّاه و تُشبهها عددا؟
فإذا كانت تستطيع حشد هكذا تأييد... فيجب عليها فعل ذلك اليوم قبل غدٍ، لتُثبت للشعبِ و لمقابليها في الّرأيِ أنّها فعلا تعكس رأي جزء هامّ من هذا الشّعب. فتكسب احتراما و تقديرا هي اليوم في أمسّ الحاجة إليه.
و إذا كانت لا تستطيع... فهل نحن بصدد مرحلة طفولة شعبيّة بالُونَها المعارضة...
بالونٌ منفوخ كثيرا بـ...الهواء. فإمّا أنّها ستُفلتُ من أيدي الشّعب وتطيرُ لهوائها الكثير... أو أنّها... ستنفلق لضغطها الكبير.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: