خطورة (المراكز الثقافية)
المركزان الفرنسي والإيراني مثالا
منجي باكير - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8254
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من المعلوم و من المسلّم به أن كل بلد مرّ بثورة كالتي مرّت بها بلادنا العزيزة، يتعرّض إلى جملة من الإخلالات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الأمنية لسبب أن كثيرا من مؤسّسات المجتمع المدني و السلطات الحاكمة و ما يماثل هذا هم في غفلة عمّا يجري لخوفهم على مآل السلطة و مستقبل البلد السياسي و باعتبار أن الحدود في وقت ما فتحت على مصراعيها و غابت الرقابة بكلّ أنواعها...
و هذا ما حدث لبلادنا أيام الثورة و في الزمن الذي والاها، لهذا كانت البلاد عرضة إلى موجات من التهريب بأنواعه وكذلك و هذا أخطر دخول و تنامي أجندات خارجية و نموّ أنشطة سياسية و عقديّة وفكرية دخيلة على الوطن كانت في ما مضى ممنوعة أو سريّة...
وخير شاهد نورده ذكرا لا حصرا ما تقوم به المراكز الثقافية كالمركز الثقافي الإيراني – الذراع التبشيري للشيعة - الذي أصبح ينشط بعد الثورةعلى الساحة التونسية كما لم ينشط من قبل و قد تجلّى هذا مثلا في استضافة جملة من الشباب التونسي إلى مؤتمر الصحوة الإسلامية الذي أقيم في إيران مؤخّرا ، كذلك تواجد بضع مئات من التونسيين في ذكرى عاشوراء في القيروان لممارسة طقوسا شيعيّة،أو تولّي صحيفة تونسية القيام بإعلانات إشهارية لفائدة انجازات الجمهورية الإيرانية مقابل بعض الملايين من المليمات،،،
كما يجدر الإشارة أيضا إلى ظهور محتشم لبعض الكتب و المراجع الشيعية التي تطبع في تونس و توزّع عبر جمعيات ذات طابع ثقافي ظاهرا...
و لا يخفى كذلك أن المدّ الشيعي تفشّى في الجنوب التونسي بصفة ظاهرة و أصبحت المجاهرة بالإنتماء إليه لا يعدّ من الممنوعات ممّا حدا بأحد المحامين إلى الإعلان عن تأسيس جمعية تعنى على حدّ تعبير مؤسّسها للتصدّي للتشيّع.
أمّا النشاط الفرنسي و الذي تجلّى في قيام المنتدى التونسي الفرنسي الثاني الذي أقيم في أواخر شهر مارس ببلادنا ببعث أنشطة ظاهرها التعاون الإقتصادي و البيئي متخفّيا في ذلك تحت مسمّيات وأنشطة مختلفة و لغايات ظاهرها تهمّ المواطنة و التعاون الجمعياتي و المرأة و البيئة و الأعمال التطوّعيّة و غيرها،،، هذا ما يظهر للعلن و استغلالا للظرف الإقتصادي و تغريرا بالمال و ضربا على أوتار المرأة و الإنفتاح على الآخر لكنه في حقيقةالأمر هو امتداد للرسالة نفسها التي كان يقوم بها المركز الثقافي الفرنسي سواء عندنا أو في بلدان أخرى من نشر للثقافة الفرنسية و تغلغل الفرنكوفونيّة و تبشير لعقائدها السياسية و الدينية.
و في صفاقس كثّف المركز من نشاطه و اسّس لدار الجمعيات التي تضمّ شبابا ينشطون في مجال الخدمات المدنيّة و ذلك في اطار تعزيز تواجده داخل النسيج الجمعياتي و تأطير القائمين عليه و الإحاطة به مادّيا،،، و لا يحتاج هذا إلى ذكاء مفرط للوقوف على نوايا هذا النشاط المكثّف و هذا السخاء المادّي...
لئن أوردت هنا إشارة عابرة إلاّ أن الأمر أعمق و أشمل و أعمّ و أخطر با عتبار أن هذه المراكز الثقافيّة تمثّل واجهة ظاهرها التعريف بثقافة الدول التي تمثّلها و لكن واقعا هي تروّج لأفكارها و معتقداتها و إيديولوجيّاتها و تضطلع بمهام تبشيريّة و تسويقيّة لهذه الإيديولوجيات كما تسعى جاهدة لاستقطاب من يقوم بهذا الدور محلّيا من الأفراد و الجماعات و خصوصا النسيج الإجتماعي باعتباره العنصر الفاعل في المجتمع.
الأمر يحتاج إلى وقفة حازمة ممّن يزعمون أن أمر البلاد يهمّهم و الذين قرعوا أسماعنا بخوفهم على تونس من التيارات و المذاهب الدّخيلة و المتطرّفة، هذا أيضا شكل آخر من الأخطار.و لابد من تكاتف الجهود النيّرة من النخب المثقّفة و القوى الشعبيّة للتصدّي جديا
وكشف حقيقة كثير من المسمّيات التي تحمل ظاهرا طابع الانسانية و التطوع و الثقافة و لكنها تحمل في طيّاتها اجندات مخالفة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: