البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

المنظومة الإجرامية في تونس

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7954 karimbenkarim@yahoo.fr


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الحلقة الإجرامية في تونس، هي عبارة عن مجموعة الأشخاص و الأفعال التي تخلق مسارا، يُوّلد منظومة إجرامية شبه منظمة. تبدأ الحلقة الإجرامية بأنشطة غير مخالفة للقانون لكنها قريبة من أوساط الجريمة وبعيدة كل البعد عن الأخلاقيات والضوابط الاجتماعية و الأخلاقية و الدينية. و ذلك على غرار بيع الخمر سواء بالجملة أو في الحانات أو النزل. fبعض هؤلاء "التجار" يسعون لمزيد من الكسب وذلك بتشجيع أو تركيز نقاط بيع غير مرخص لها قريبة من المستهلك في الأحياء و القرى وهم ما يعرفون ببائعي الخمر "خلسة" والذين يشهدون انتشار كبيرا في جل المدن التونسية. مروجو الخمر خلسة عادة ما يتواطؤون مع مسؤولين رسميين لحماية أنشطتهم، و بعضهم يشتغل كمخبر ، أو يقدمون هدايا ثمينة لأولي الحل و الربط كشكل من أشكال الحماية.

بعضهم لا يكتفي ببيع الخمر بل يتاجر أيضا في المخدرات. هذه الفئة بحكم قربها الجغرافي (في الحارات) من الشباب يشجعونهم على الإدمان بتقديم تسهيلات في الدفع و ما شابه. ومن ثمّ يتم تجنيد هؤلاء الشباب في عصابات السرقة والسطو النشل و"البركاجات" و غيرها وذلك قصد الحصول على الأموال الكافية لسداد الديون المستحقة أو لاقتناء الجعة والخمور و مخدر "الزطلة".

ينتج عن نشاط الشباب المجند أيضا إحداث للهرج، و جرائم قتل و عنف و في بعض الأحيان حوادث مرور نتيجة استهلاك الخمور أو المخدرات. كما ينتج عن أنشطة السطو و السرقة، تعمـــيم الخوف و الهلع لدى المواطنين و الإحساس بانعدام الأمن والطمأنينة.

ومن خلال تحليل الحلقة الإجرامية نلاحظ أنها تبدأ بنشاط قانوني غير أخلاقي و تنتهي بالجريمة و انخرام أمن المواطن و تعكير صفو النظام العام. و لا يمكن في الحقيقة القضاء على جرائم العنف و السرقة والنشل و القتل إلا بقطع حلقات هذه المنظومة المترابطة. و لذلك فإن تحقيق الأمن في تونس اليوم رهين نجاح الدولة في إيجاد حلول عملية لضرب منظومة الجريمة والتصدي للعدو الحقيقي للمجتمع التونسي الذي يهدد الأمن الفعلي للمواطنين و يتسبب يوميا في الكوارث و الفواجع والمصائب للتونسيين في مختلف جهات الجمهورية.

من السهل جدا خلق عدو افتراضي وتضخيمه، ومن ثمة محاولة القضاء عليه (كما يريد البعض أن يوحي بذلك بالنسبة للسلفيين والمتدينين بصفة عامة)، لكن هذا لا يحل المشكل، لأن الجريمة لن تتراجع بل ستكثر أكثر فأكثر- وهذا ما حدث في السنوات الأخيرة لنظام بن علي. و ذلك بحكم أن كثيرا من الشباب سيفسر ذلك على أساس أن الدولة تحارب التدين و تشجع الانحراف، وهذا عامل نفسي واجتماعي محفز للدخول في عالم الجريمة.

من يهدد أطفالنا أمام المدارس هو سائق مخمور أو شاب مستهلك لمخدر وليس السلفي الذي يرتدي قميص و يطيل لحيته. بل في كثير من المواقف رأينا كيف أن الشباب المتدين ينقذ شيخا أو عجوزا أو طفلا صغيرا من حادث مرور أو عمليات سطو وغيرها. من يثير الهرج و المرج في الطرقات العامة هم الشباب المنحرف الذي لا يوقر لا كبيرا و لا صغيرا و لا حتى رجال الأمن. من يقول الكلام البذي و يسب الجلالة دون احترام أحد ليسوا السلفيين بل المنحرفين. من يسرق و يسطو ويثير الهلع في المواطنين هم رواد عالم الجريمة و ليس السلفيون. لذلك من الحكمة أن لا ننساق وراء تهويل وسائل الإعلام و أصحاب القلوب المريضة أو العقول الساذجة. علينا جميعا أن نعي من هو عدونا .الحقيقي لنحاربه ونوجه جميع سهامنا نحوه للقضاء عليه

عدو تونس الأول هو الفساد و الجريمة و ليس التدين، وسعي كثير من الأطراف سواء التجمعية و بعض الأطراف الأمنية (راجع بيانات نقابات الأمن الأخيرة) إلى إشعال الفتنة بين المتدينين و المجتمع، ويهدف إلى عودة تونس إلى المربع الأول حيث تتوقف محاربة الفساد والرشوة و الإجرام و يركز المجهود الأمني فقط على ما يسمى "مكافحة الإرهاب" وهو في الحقيقة مكافحة الإسلام و مظاهر التدين.

اليوم نحن في تونس، أمام مفترق طرق، إما أن نختار الحلول السهلة وهي محاربة جزء من شعبنا (السلفيين) في إطار مكافحة الإرهاب، ونترك جميع المشاكل الحقيقية للبلاد من فساد مالي و إداري و أخلاقي و انتشار للجريمة و بطالة و غلاء للمعيشة و تفاوت في نسق التنمية و بين الطبقات الاجتماعية. و إمّا أن نعي العدو الحقيقي الذي يهدد أمن المواطنين و البلد وهي عصابات الجريمة التي تبدأ من مروجي الخمور المرخص لهم و تنتهي بعصابات السرقة و السطو مرورا بمروجي الخمور خلسة والمخدرات و الشباب المدمن (وهي حلقة مترابطة ومتشابكة).

كما يتعين على كل تونسي مسلم مخلص لدينه ووطنه، أن يسعى إلى تأطير الشباب التائب حديثا وبعض الشباب ذوي السوابق العدلية. و تبين الحق لهم من الباطل، و كيفية التصرف السليم. و ليكن رد المتدينين على حملات التشويه والتهويل بتقديم العون و المساعدة للمسلمين و أقلها التبسم في وجوهم. يجب أن تعكس تصرفاتهم أخلاق الرسول الكريم. و يتعين أن يكون كل حامل لملامح السنة ، سفيرا الإسلام في عائلته وحارته و حيه و في عمله.

أما بالنسبة، للدولة فهي مطالبة بمحاربة الجريمة و العصابات، و تحقيق الأمن الفعلي للمواطن لا خلق فزاعة جديدة. أما بالنسبة لأعوان الأمن فنعلم أن فيهم رجالا صادقين من أبناء الشعب يريدون محاربة الجريمة لا محاربة الإسلام.

كريم السليتي
كاتب و محلل سياسي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، التدين، الجريمة، السلفية بتونس، اليسار المتطرف، التسيب الأخلاقي، نقابات الأمن،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-06-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خبَّاب بن مروان الحمد، مراد قميزة، محمد شمام ، إيمى الأشقر، محمد اسعد بيوض التميمي، محرر "بوابتي"، صباح الموسوي ، د- هاني ابوالفتوح، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عبد الآله المالكي، كريم فارق، خالد الجاف ، الناصر الرقيق، علي الكاش، د - صالح المازقي، صلاح المختار، حسني إبراهيم عبد العظيم، سامح لطف الله، د.محمد فتحي عبد العال، محمود طرشوبي، د. أحمد محمد سليمان، د. خالد الطراولي ، أنس الشابي، العادل السمعلي، ضحى عبد الرحمن، منجي باكير، رشيد السيد أحمد، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد العيادي، حسن عثمان، مجدى داود، حاتم الصولي، د - مصطفى فهمي، محمد الياسين، جاسم الرصيف، طلال قسومي، علي عبد العال، محمد يحي، فتحـي قاره بيبـان، ماهر عدنان قنديل، الهادي المثلوثي، سلوى المغربي، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، عراق المطيري، صفاء العراقي، أحمد النعيمي، محمود فاروق سيد شعبان، أشرف إبراهيم حجاج، رمضان حينوني، يحيي البوليني، عمر غازي، أبو سمية، أحمد الحباسي، عبد الرزاق قيراط ، فوزي مسعود ، فتحي العابد، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم السليتي، سامر أبو رمان ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- جابر قميحة، إسراء أبو رمان، د. أحمد بشير، محمد عمر غرس الله، محمود سلطان، عزيز العرباوي، د - الضاوي خوالدية، د - شاكر الحوكي ، عمار غيلوفي، د. صلاح عودة الله ، مصطفى منيغ، سفيان عبد الكافي، صلاح الحريري، وائل بنجدو، حميدة الطيلوش، رافد العزاوي، سعود السبعاني، عواطف منصور، سليمان أحمد أبو ستة، د - عادل رضا، سلام الشماع، صالح النعامي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، رضا الدبّابي، فتحي الزغل، سيد السباعي، أحمد ملحم، محمد الطرابلسي، أحمد بوادي، مصطفي زهران، حسن الطرابلسي، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، د. طارق عبد الحليم، أ.د. مصطفى رجب، د - محمد بنيعيش، د- محمود علي عريقات، تونسي، الهيثم زعفان، د- محمد رحال، إياد محمود حسين ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافع القارصي، نادية سعد، عبد الله زيدان، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد أحمد عزوز،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء