البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

حتى لا يتحول الطبيب من أمل في الحياة إلى قاتل بإسم الحرية

كاتب المقال الناصر الرقيق - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7707


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عديدة هي المهن التي توصف بأنها مهن سامية أي أنه يطغى عليها الجانب الإنساني لا الجانب المادي فكل من يمارس إحدى هذه المهن يكون أمام مهمة غاية في النبل حيث يسود الضمير قبل الجيب و الإحساس قبل العقل و في إعتقادي الشخصي أعتبر أن مهنة الطب هي أنبل المهن على الإطلاق لأن الطبيب الذي يوصف بملاك الرحمة له فضل كبير على مريضه بعد الله سبحانه و تعالى إذ يشكل له طوق النجاة من ألامه و مخلصه من محنه فهو الشخص الوحيد الذي نسلمه رقابنا دون خوف أو قيد.

فهذا الطبيب الذي يقضي أطول مدة في مقاعد الدراسة مقارنة ببقية الطلبة مما يدل بصفة واضحة على قيمة المادة التي يتلقاها ثم بعد ذلك ينهي دراسته بقسم الشرف الذي يؤديه و بالتالي تصبح له المسؤولية الأخلاقية تجاه كل مرضاه فهذا القسم يجعله يتحمل مسؤولية مداواة الناس و حفظ أعراضهم و نصحهم و إرشادهم للطريق الأنسب لهم بغض النظر عن مراكزهم أو مستواياتهم أو أعراقهم أو إنتماءاتهم.

لكن هذا الطبيب الذي يتصدى للموت منازلة قد يصبح هو نفسه القاتل و يتحول إلى كابوس مرعب يقض مضاجع المرضى و المكلومين بعد أن كان حلما جميلا من أحلامهم و هذا مثلما حدث في مستشفى الرابطة و بعض المراكز الصحية الأخرى حين أعلن الأطباء الإضراب العام عن مباشرة عملهم مما أدى إلى شلل تام في هذه الوحدات الطبية الشيء الذي أزعج كثيرا المرضى الذين قدموا من مختلف ولايات الجمهورية بحثا عن شفاء عجزت مستشفياتهم المحلية أو الجهوية عن توفيره ففروا إلى العاصمة لكن شاء أطباءها إلا أن يرفعوا شعار لا للتداوي في وجه هؤلاء المرضى الذين من بينهم حالات صعبة للغاية مثلما أسر لي محدثي الذي ذهب بدوره للتداوي لكن رجع يجر أذيال الحسرة على أطباء هذا الزمان.

قد يرد الأطباء و هذا حقهم طبعا بأن ما فعلوه يندرج في إطار ممارستهم لحريتهم في الإضراب إحتجاجا على شيء ما قيل أنه الأجور لكن مهما كان السبب مبررا للفعل الذي قاموا به فإن هذا لا يمنحهم البتة حق مقاطعة العمل و لا يبرر ما فعلوه لأنهم ببساطة الذين أجرى الله سبحانه و تعالى على أيديهم الشفاء و ليتخيل كل منا كم عدد الحالات التي تعكرت و ربما قد تفارق الحياة أو تفقد جنينا أو...بسبب ما أقدموا على فعله فو لله الذي لا إلاه إلا هو لم أعد أفهم شيئا مما يحدث فحمى الإضرابات حين تصل إلى قطاع الصحة يصبح الأمر خطيرا للغاية ليس من الناحية العملية التقنية بل من الناحية الأخلاقية فربما علينا التفكير مليا في مراجعة شاملة لمنظومة القيم و الأخلاق التي تسود مجتمعنا الذي يبدو و للأسف الشديد أنه فقد كثيرا من شهامة و مروءة و رجولة الأجداد على أميتهم و بساطتهم.

ربما قد نصحو في يوم من الأيام على خبر إضراب رئيس الدولة عن توليه لمنصبه أو رئيس الحكومة على الذهاب للقصبة فكل شيء ممكن بعد الثورة فالمستحيل ليس تونسيا كما قيل زمان فكم كنا نرغب بل نتمنى أن نرى الأطباء في تونس بدل الإضراب و تعريض حياة كثيرا من المرضى للخطر أن يبادروا بتنظيم خيمات طبية مجانية لفائدة ضعاف الحال و المساكين أو أن يقوموا بالتبرع لفائدة تجهيز المستشفيات و أن يأخذ كل طبيب محفظته الطبية و يتوجه نحو ريف من أرياف تونسنا العزيزة تلك الأرياف المنسية لمداواة من لا يملك بطاقة علاج أو من ليس له من المال الكافي للمداواة مما جعله يتحمل الألام بصبر و ثبات ألم يكن بمقدورهم فعل ذلك أليسوا أبناء هذا الوطن و ملائكة الرحمة فيه المكلفون بتخفيف المعاناة على الأخرين و لكم يشتد هذا الألم خصوصا إذ ترى طبيبا أجنبيا ( شخصيا أعتبر هذا الطبيب تونسي أكثر من أي طبيب تونسي المولد ) و تحديدا من دولة بولونيا دأب على فعل هذا العمل منذ سنين طويلة و هو يتنقل بين أرياف الساحل التونسي لمداواة الفقراء و المساكين بدون مقابل يحركه في ذلك إنتماء حب لتونس و هو الذي جاءها منذ حوالي 30 سنة ( أعدكم بالعودة لقصة هذا الطبيب بالتفصيل في مقال قادم ) فليت أطباءنا يقتدون بهذا الرجل لا بمن يحرضهم على الزيادة في الأجور و التقاعس في العمل.

إذن على كل أطباءنا الشرفاء تحمل مسؤولياتهم أمام الله ثم أمام التاريخ الذي لن يرحمهم في الحكم عليهم فهذه المرحلة الدقيقة من حياة تونس تتطلب تظافر جهود الجميع الذين مدعوون لتقديم أقصى ما لديهم من مجهود لتجاوز هذه الأوضاع حتى نعبر إلى شاطئ الأمان و يكون بذلك لكل منا فضل في ذلك و لأن الطبيب يبقى الأنبل بين الكل فإنه مطالب بضعف ما يطالب به الأخرون لأن مسؤوليته مضاعفة فالله يقول في سورة المائدة الأية 32 " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " و بالتالي عليه أن لا يتحول من أمل في الحياة إلى قاتل بإسم الحرية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، العمل النقابي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-06-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد العزيز كحيل، علي الكاش، د - عادل رضا، إيمى الأشقر، عمر غازي، وائل بنجدو، صفاء العربي، المولدي اليوسفي، أحمد ملحم، أنس الشابي، د. خالد الطراولي ، فهمي شراب، د - محمد بنيعيش، د. أحمد بشير، الهيثم زعفان، فتحي الزغل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، الهادي المثلوثي، سيد السباعي، ياسين أحمد، محمود فاروق سيد شعبان، طلال قسومي، عمار غيلوفي، محمد شمام ، د - صالح المازقي، رضا الدبّابي، محمد أحمد عزوز، عزيز العرباوي، حميدة الطيلوش، المولدي الفرجاني، العادل السمعلي، إياد محمود حسين ، د.محمد فتحي عبد العال، مجدى داود، محمد علي العقربي، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بن موسى الشريف ، مصطفى منيغ، عراق المطيري، عبد الله زيدان، رمضان حينوني، مصطفي زهران، سامح لطف الله، عبد الله الفقير، رشيد السيد أحمد، خبَّاب بن مروان الحمد، كريم فارق، حسن الطرابلسي، د- جابر قميحة، تونسي، أحمد الحباسي، جاسم الرصيف، رحاب اسعد بيوض التميمي، منجي باكير، محمد اسعد بيوض التميمي، كريم السليتي، طارق خفاجي، سعود السبعاني، عواطف منصور، رافع القارصي، حاتم الصولي، فتحي العابد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العراقي، سلام الشماع، محمد عمر غرس الله، ماهر عدنان قنديل، صلاح المختار، حسن عثمان، صلاح الحريري، صباح الموسوي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، بيلسان قيصر، نادية سعد، مراد قميزة، عبد الرزاق قيراط ، سامر أبو رمان ، د - الضاوي خوالدية، ضحى عبد الرحمن، د - شاكر الحوكي ، فتحـي قاره بيبـان، د. طارق عبد الحليم، أحمد بوادي، الناصر الرقيق، محمود سلطان، محمد الطرابلسي، محمد الياسين، أشرف إبراهيم حجاج، سلوى المغربي، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- هاني ابوالفتوح، رافد العزاوي، محرر "بوابتي"، عبد الغني مزوز، أ.د. مصطفى رجب، أبو سمية، صالح النعامي ، فوزي مسعود ، علي عبد العال، يحيي البوليني، محمد العيادي، سفيان عبد الكافي، د. أحمد محمد سليمان، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، د. صلاح عودة الله ، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمد رحال، د- محمود علي عريقات، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود طرشوبي، محمد يحي، د. عبد الآله المالكي، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، يزيد بن الحسين،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء