الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8171
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مثلما كانت الثورة التونسية إستثناء عربيا و إسلاميا بل و حتى عالميا حيث كذبت كل النظريات الغربية القائلة بأن اخر الثورات في العالمين العربي و الإسلامي هي الثورة الإيرانية و انه لا مجال لحدوث تغيير سياسي دون تخطيط و علم مسبق من دوائر الإستخبارات و القرار الغربيين فإن ما أفرزته هذه الثورة كان بدوره إستثنائيا للغاية حيث خرجت كل الأشياء فيها عن المألوف.
من بين أهم الإستثناءات للثورة التونسية أنها كانت الأولى التي تطيح بنظام دكتاتوري لتنهي حقبة طويلة من الإستبداد فقد مثل المخلوع إستثناء حيث كان أول رئيس عربي يفر هاربا من بلده و يترك السلطة بلا إنقلاب و لا موت بل بسبب إحتجاجات شعبية فقد رأينا عشية الرابع عشر من جانفي رئيس هارب و وزير أول يبكي وهو عاجز عن فعل شيء و أمن منسحب من الشوارع تاركا البلاد للمجهول في حين برز الشعب بلجانه الشعبية لحماية الأحياء و المدن و كان هذا أسرع تنظم في تاريخ البشرية و مثل هذا المشهد كان إستثناء ثوريا بإمتياز.
كما أن للثورة التونسية إستثناء أخر حيث شاهدنا الشعب التونسي في ردة فعل على ما أرتكبه البوليس القمعي في حقه قام بالهجوم على مراكز الأمن و حرقها لكن سرعان ما رأيناه يقوم بإعادة تهيئة هذه المراكز و من بين الطرائف في هذا المجال أن أحد مراكز الأمن في إحدى الضواحي الجنوبية للعاصمة تم حرقه و تهيئته أكثر من ست مرات خلال أقل من أسبوعين عقب الثورة.
من بين الإستثناءات الأخرى في الثورة التونسية كان الجيش التونسي الذي مثل إستثناء في جل الجيوش العربية حيث رفض إطلاق النار على المتظاهرين و كان هذا من بين العلامات المضيئة في تاريخ القوات المسلحة التونسية و الثورة بصفة عامة.
إسثناء اخر وهو الإنتخابات التونسية التي كانت حرة و نزيهة و هي الأولى من نوعها في العالمين العربي و الإسلامي حيث أفضت إلى إنتصار الإسلاميين الذين تمكنوا أخيرا من الحكم لأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية خلال عشرينيات القرن الماضي وهذا إستثناء أخر يكذب الذين قالوا بأنه لا حظ للإسلاميين في الحكم.
هذه الإنتخابات التي أفرحت الكثير من الشعب المسمى بالأغلبية و أغضبت البعض الأخر المسمى بالأقلية أو المعارضة و هذا طبيعي و عادي لكن الإستثناء في ذلك أن فئة ثالثة بين الفئتين لا هي بالأغلبية و لا بالأقلية قامت و بدون صناديق و لا دون تكليف أو نيابة من الشعب بتأسيس مجلس موازي للمجلس المنخب و هذا إستثناء اخر لم يحدث في تاريخ البشرية جمعاء .
إستثناء أخر للثورة التونسية و هو كثرة الإحتجاجات التي غالبا ما تكون عنيفة فعدد المسيرات و الوقفات و الإعتصامات سجل تقريبا رقما قياسيا لم تسجله أية دولة في السابق و رغم ذلك لم تسقط الدولة بل بقي كيانها موجودا و هذا إستثناء و مما يثير الدهشة فعلا انه سجلنا هذه الأيام بروز ما يسمى بوقفات العتاب أي هي ليست إحتجاجية بل مجرد عتاب للسلطة الحاكمة من قبل المحتجين و هذا أيضا يضاف للإستثناءات الأخرى .
أخيرا أقول أن تونس رغم عمليات النهب و التخريب المتواصل منذ عهد البايات إلا أنها لم تفلس و ذهب ناهبوها في حين بقيت هي لأهلها و هي في أمس الحاجة الان لنعطيها من دمنا ووقتنا و مجهودنا حتى تتعافى لا أن نطلب منها لذا ما على الشعب التونسي إذا أراد أن ينهض إلا أن يكون شعبا إسنثنائيا .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: