اليسار التونسي تاريخ بلا جذور و لاعب سياسي بلا حضور
الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8283
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كلما تشاهد أحد زعماء اليسار التونسي متحدثا عن الأوضاع السياسية في تونس، إلا و تخرج بإستنتاج واضح وهو أن هذا اليساري هو الوحيد الذي فهم الواقع و درسه بل ووجد حلولا لمشاكل الشعب المتراكمة منذ نصف قرن، و لا ينتظر إلا فرصة للصعود لكرسي الحكم لتطبيقها، و أن غيره من السياسيين خصوصا من التيار الإسلامي لا يفهمون شيئا و هم مجموعة من الأشخاص الذين تربوا في زوايا و كتاتيب لتحفيظ القرأن، لذلك فهم لا يجيدون إلا ترتيل أياته و تفسير أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم، و فيما عدا ذلك فهم فاشلون و حتى ما سمي بنجاحهم في الإنتخابات إنما هو مجرد تصويت عاطفي من شعب غير ناضج ساقته مشاعره و أحاسيسه للتصويت لفائدة هؤلاء الذين رفعوا شعار نظافة العقل و اليد كقاعدة و منطلق لأعمالهم، فمن يرفع مثل هذه الشعارات مصيره الفشل إذ لا يمكن ان يكون الحاكم إلا جبارا ليسود فهذه هي أدبيات اليسار الديمقراطي.
لا...لا...ثم لا هذا هو شعار اليسار التونسي الذي ظل يرفعه منذ نشأته و لم يشأ تغييره أو حتى مراجعته، فكلمة لا هي الجواب الأسهل لمن لا يمتلك البديل لذلك كان زعماء اليسار و لازالوا و سيبقون على هذه الشاكلة يرفضون كل شيء و لا يتقدمون بأي شيء، و هذا التعنت هو الذي أدى بهم إلى الفشل الذريع الذي مني به اليسار في إنتخابات التأسيسي بعد أن كانوا يمنون النفس بإنتصار ساحق، كيف لا و قد أراحتهم الثورة من عدوهم (و هذا الكلام نسبي طبعا) بن علي الذي سبق و بتواطئ من بعضهم ان أراحهم من خصومهم الإسلاميين فذهب في ظنهم أن الساحة خالية لهم و لم يحسبوا حساب الشعب الذي دائما ما كان منصفا في حكمه على البرامج و الأهداف و خصوصا المرجعيات .
المرجعيات و هي أهم محدد لما تنتجه الأحزاب من برامج تهم حياة شعوبها لذلك نجد أن الشعوب التي تمنح فرصة الإختيار الحر لحكامها تختار الأقرب لهويتها و تفكيرها و هذه تقريبا النقطة الهامة التي لم يفهمها زعماء اليسار في تونس و لازالوا مصرين على ذلك حتى بعد درس الإنتخابات فجلهم إن لم نقل كلهم يعادون هوية هذا الشعب فترى الكثير منهم يتهجم بسسب و بلا سبب على ما تختزنه ضمائر الناس من حب عميق لكل ما يمت للإسلام بصلة هذا الإسلام الذي عاش فيه أجداد هذا الشعب أزهى فتراتهم ومعه عرفوا عزا لم يعرفه غيرهم لذلك تجد في أصوات جميع أبناء الشعب التونسي عند حديثهم عن الإسلام نبرة الحسرة على ضياع المجد و العز الذي عاشه أسلافهم و يفتقدونه هم اليوم هذا لم يضعه يساريو تونس في حسبانهم و ظلوا لسنين طوال يتحدثون عن أدبيات الإتحاد السوفياتي و أفكار ماركس و لينين دون تقدير منهم لبعد هذه الأفكار عن هذا الشعب المسلم بعد السماء عن الأرض.
لذلك أعتقد جازما أنه حتى لو لم يبق فم واحد في تونس ليدافع على الإسلام و قطعت كل الألسن لن ينجح هؤلاء في جعل هذا الشعب شيوعيا لأن الدماء التي تجري في عروقه هي دماء عقبة إبن نافع وأبو لبابة الأنصاري و إبن خلدون و ليست دماء أخرين لا نعرف بمن يؤمنون و من يعبدون فالشعب التونسي الذي مورست عليه أشرس هجمة تغريب في القرن العشرين و لم تفلح في هدم هويته العربية الإسلامية التي ظلت تقاوم إلى أن جاءت الثورة لتحررها و أطلقت العنان للقلوب الموحدة و للألسن الذاكرة لله أن تعود من جديد لمهمتها الطبيعية التي من أجلها بعثها الله عز وجل.
إذن يجب على كل نشطاء اليسار التونسي أن يعدلوا من خطابهم و أن يتجنبوا معاداة هوية هذا الشعب فنحن و إياكم شركاء في هذا الوطن و إن كنا نختلف في الرؤى و الأهذاف فلكل منا الحق في أن يحلم بتونس التي يريدها لكن دون المساس بالثوابت التي يجتمع حولها الجميع و عليكم أن تتجاوزوا عقدة معاداة الأديان و لكم في اليسار الأوروبي أو الأمريكي اللاتيني خير مثال فموضة المس من هويات الشعوب أكل عليها الدهر و شرب و لم تعد تجدي نفعا في هذا الوقت لذا حاولوا أن تقدموا برامجكم و لنترك الحكم للشعب الذي نعتقد أنه أهل للإختيار و ليس كما قلتم أنه جاهل و لا يصلح للديمقراطية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: