الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8507
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حقيقة يعجز الإنسان عن فهم بعض المواقف، خاصة إذا ما كان أصحابها يقولون الشيء و يفعلون نقيضه و من ذلك دعوات بعض السلفيين و حزب التحرير و تعبئتهم الشارع في إتجاه الضغط على حركة النهضة لحملها على تضمين الشريعة كمصدر أساسي و وحيد للتشريع في الدستور المرتقب.
غير أن جميع هذه التيارات لم تحدد مفهومها للشريعة التي يجب اعتمادها، و هل أنها و غيرها من ألوان الطيف الإسلامي متفقة حول معنى واحد لها؟
فهل مثلا نعتمد مفهوم الشريعة لدى الصوفية أم لدى جماعة الدعوة و التبليغ أم لدى التيار السلفي و تفرعاته أم لدى حزب التحرير، فكل جماعة من هذه الجماعات لديها مفهوم للشريعة و هي فيما أعلم لا تتفق على مفهوم واحد و لكل منها إجتهاداته الخاصة بطرق تنزيل الشريعة على الواقع المعيش.
ثم بأي حق يأتي هؤلاء و يحتجوا على حركة النهضة و يحاسبوها أليسوا هم من قاطعوا بالأمس الانتخابات، و قالوا بحرمتها بل وصل بهم الامر إلى حد اعتبارها كفرا.
ثم لما يحتجون على شيء لا يعترفون به أصلا فكلا التيارين ( بعض السلفيين و حزب التحرير ) يرون أن هذا الدستور القادم إنما هو دستور علماني مغلف بمسحة إسلامية خفيفة و معدلة على هوى القوى العظمى العالمية " إسلام لايت ".
إنه تناقض صريح بين القول و الفعل فمادام هذا الدستور لا يعنيكم من قريب أو بعيد و لا تعترفون به كما تقولون فلماذا تحتجون ؟
فلو كان من جرم الإنتخابات و من إعتبرها كفرا أكثر إيجابية و نظر بواقعية إلى الأشياء لكان أجدى و أنفع للناس و للوطن ألم يكن بإمكان من يحتج اليوم أن يشارك في الإنتخابات سواء ناخبا أو منتخبا و هكذا سيضمن إيصال وجهة نظره أما أن تكون عازفا عن الفعل و جامدا في مكانك ثم تأتي و تقول لماذا لم يأتني ما أرجوه هنا قد ينطبق عليك المثل الشعبي القائل " يحبها سباقة و جراية و ما تاكلشي شعير " ثم ما العلاقة بين الشريعة الإسلامية و بين أن يتسلق أحدهم ساعة شارع بورقيبة و يضع فوقها قطعة قماش؟ ثم ما علاقة الشريعة بإفساد تظاهرة للأخرين" تظاهرة الشعب يريد مسرح "؟ ثم ما علاقة الشريعة بالهتافات المنادية بقتل اليهود و إبادتهم؟ فهل هذا من الشريعة في شيء و هل بمثل هذه الأفعال و الأقوال يمكن أن ننتصر للإسلام؟
ليتصور مثلا كلا من السلفيين و حزب التحرير الذين يخونون حركة النهضة و يعتبرون أنها تخلت عن الإسلام و باعته بمتاع الدنيا الرخيص ألا هو كرسي الحكم، لتصوروا أنهم الأن في نفس المكان الذي وجدت النهضة نفسها فيه فكيف كانوا سيتصرفون؟ و أي القرارات التي سيتبنون؟ فمن جهة الخارج كله انتظار لما قد يصدر عن الحركة الحاكمة في تونس و ما قد ينجر على ذلك من تأثر لعلاقات البلد الخارجية و من جهة أخرى معارضة داخلية تتربص بكل زلة قد تأتيها النهضة فتكون خير هدية يمكن أن تقدم لهم فينقضون عليها علهم يطيحون بها حتما سيجيبك هؤلاء بإحدى جوابين إما أن يقولوا لك أنت عقيدتك فاسدة لأن توكلك على الله ضعيف و مهزوز و إما أن يقولوا لك الحل في الخلافة كيف ذلك الله أعلم.
إلى الواقفين على الربوة و لا يحترفون إلا فن الإحتجاج و المزايدة عليكم بمراجعة حساباتكم فلستم بأحرص من غيركم على الإسلام فمن كان منكم يريد خيرا لهذه البلاد عليه أن يقدم بضاعته لشعبها دون ضجيج و يترك الحكم له ثم لتعرفوا أنه ليس من يقف متفرجا كمن يسابق الزمن لإصلاح ما فسد.
لم أقصد بهذا الكلام الدفاع عن حركة النهضة فهي ليست بحاجة لأمثالي للدفاع عنها فالكل له تاريخه و ماضيه الذي يكون حجة إما له أو عليه فقط هي بعض التساؤلات التي تجول في خاطري و لم أجد لها أجوبة مقنعة و هي محاولة بسيطة
للفهم في زمن تعدد فيه الأبطال دون بطولة تذكر و كثر فيه المتحدثون و المتكلمون عن الحق دون وجه حق.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: