الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7808
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثيرة هي المافيات التي تلجأ إلى طرق غير مشروعة و مخالفة للقانون لتحصيل أكبر قدر من الأموال، و من بين هذه الشبكات الإجرامية نجد مافيا تجارة تأشيرات السفر و هي عبارة عن شبكة متكونة من عدة أطراف هدفها الرئيسي تمكين الشباب الباحث عن الهجرة من الحصول على تأشيرة سفر إلى أحد البلدان الأوروبية مقابل مبلغ معين من المال يقع دفعه مسبقا.
هذه العصابات كانت تنشط منذ ما قبل الثورة تحت رعاية بارونات الفساد غير أن نشاطاتها تدعمت بعد الإطاحة بالنظام السابق، و هو ما يثير عدة تساؤلات حول حقيقة هذه العصابات و الجهات التي تقف خلفها و لعل ما يدعو للحيرة أكثر سهولة الحصول على التأشيرة من قبل هذه الشبكات الإجرامية.
و لعل ما جعلني أتطرق لهذا الموضوع الذي قد يبدو للبعض غير ذي جدوى في هذا الوقت بالذات هو التأثير السلبي لمثل هذه المافيات على الإقتصاد التونسي، إذ بنظرة بسيطة نلاحظ أن الأموال المدفوعة من قبل الباحثين عن الهجرة ليست بالبسيطة و لا هي بالقليلة بل هي أموال طائلة تذهب في غير مسالكها الطبيعية و لا يستفاد منها لا على المستوى الفردي ( المواطن ) و لا على المستوى الجماعي ( المجتمع ) فهي تذهب في جيوب بعض المتاجرين بأحلام الأخرين و في هذا الإطار أسوق لكم هذا المثال حيث أنه في المنطقة التي أقطن فيها و هي قرية صغيرة من قرى هذا الوطن الحبيب تمكن أكثر من ثلاثون شابا من الحصول على تأشيرة سفر إلى إحدى البلدان الأوروبية سنأتي على ذكرها فيما بعد مقابل مبلغ ما بين خمسة عشر و عشرين ألف دينار، و بعملية حسابية نجد المجموع قرابة أربع مائة ألف دينار كمعدل على الأقل، و لكم أن تتخيلوا لو أن مثل هذا المبلغ و قع توظيفه في إحد المشاريع كان من الممكن أن يقوم بتشغيل هذا العدد و ربما أكثر لكن هذا المبلغ الضخم خرج من جيوب بعض المواطنين في هذه قرية صغيرة من البلاد التونسية ليذهب لصالح هذه المافيات و قياسا عليه فلو دققنا في نشاط هذه العصابات في المدن الكبيرة و خصوصا العاصمة لوجدنا أن المبالغ تصل إلى المليارات.
و بناء عليه فإن الحكومة ممثلة في السلطات الأمنية مطالبة بتعقب هذه الشبكات الإجرامية التي تقوم بتدمير الإقتصاد من وجهين الأول هو تجميعها للمال بطرق غير مشروعة و ربما إستعماله في أتشطة إجرامية و حرمان المجموعة الوطنية من التمتع بهذه الاموال التي من الممكن إسثمارها في عدة قطاعات و من وجه ثاني هو تدمير الرأسمال البشري حيث أن هذا المهاجر الشاب الذي يدفع أمواله للحصول على تأشيرة سفر غالبا ما يفاجئ عند وصوله إلى وجهته الأروبية بزيف ما كان يحلم به فيضطر للإختباء خوفا من إلقاء القبض عليه من قبل السلطات هناك ثم غالبا ما ينخرط في الأعمال الغير مشروعة نتيجة عدم تمكنه من الحصول على عمل على إعتبار أنه لا يملك تصريح إقامة و بالتالي تحرم بلادنا من الإستفادة بأبنائها و أموالهم و بالعودة للحديث عن الدولة الأوروبية المقصودة فهي مالطا حيث أن الراغب في الهجرة بعد إتفاقه مع احد السماسرة الذي يقوم بالتكفل بعملية الحصول على التأشيرة من سفارتها بتونس و من ثم بعد سفر الشاب إلى هذه الدولة يقوم في مرحلة ثانية برحلة أخرى نحو وجهته الرئيسية التي غالبا ما تكون فرنسا و لعل ما يثير التساؤل هنا هو كيف أمكن لمثل هؤلاء الحصول على تأشيرات السفر بهذه السهولة دون عناء يذكر إن لم يكن هناك من يقوم بإسداء مثل هذه الخدمات لفائدتهم من داخل سفارة هذه الدولة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: