فتحي الزغل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7765 groupfaz@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
رغم أن المحكمة الابتدائية بالعاصمة صرَّحت أخيرا بحكمها القاضي بعدم سماع الدّعوى التي رفعها ناشطون وحقوقيّون ضدّ القائمين على نشرات الأخبار ووسائل إعلامنا بإلزامهم بعدم نعت رئيس الجمهورية و أعضاء الحكومة بالمؤقّتين، و لأنّ الحكم غير باتًّ، إذ يمكن استئنافه و تعقيبه و إعادة نشره... أرى من الواجب الوقوف عند تعبيرات سياسيّة أراها تُمرّر بخبث عبر هذا النعت، في نفس الوقت الذي يقع فيه تمرير رسائل تتقاسم كلّها صفة العداء لخيارات الشعب، و لمن اختار أن يحكمه... حتى أنّ الأمر أضحى يقترب من حلبة لمعركة باردة...
فكلمة "مؤقّت" أفرغت من مدلولها المعجمي في نشراتنا الإخبارية وعند المشرفين عليها، لتصبح ذات دلالة تُحيل إلى التّشفّي وتسجيل الأهداف في شباك المسؤولين التّنفيذيين، تُضاف إلى الأهداف الّتي لا تخلو منها نشرة أخبار، أو مقال مكتـــــوب، أو روبورتاج مركّب، و التي تُنفّذ بتصويب كيديٍّ من جماعـــة متواطـئة مع الحيف و التهويل و الترويع، بعيدا كلّ البعد عن الحرفية و أصول المهنة.
و أنا و كما ذكرت في مداخلات سابقة، لازلتُ أصرّ على أنّ صفة "المؤقت" و " الوقتي" لا تُطلق على المسؤول الشّرعي الذي وصل إلى خطّته بانتخابات، و لو كانت تلك الخطة محدودة الزمن مثل لجان التحقيق في الكوارث مثلا... و أنّ "المؤقت" في المناصب و المسؤوليات هي صفة لمن توافق عليه الشعب أو فئة منه، ليقوم مقام الشرعي ريثما يقع انتخاب غير المؤقت. و إلّا فلماذا لم يوصف عديد الرؤساء و المسؤولين السامين المنتخبين في عديد الدّول بصـــــــفة المؤقت و هم يُتمّمون مدد سلفهم ممّن وافتهم المنيّة قبل عام من انتهائها مثلا؟
و لعل هذه التّعابير و التّصرّفات و النّعوت قد انكشفت اليوم أكثر لسائر المتتبّعين، فنحن مع إعلامنا المقدام، تُهوّل الأحداث البسيطة و تُتجاهل الإجراءات العملاقة ولو كان ذلك باستعمال الفوتوشوب. وهنا لا أقصد البرنامج المعلوماتي الذي تعرفون... بل اختراع جديد لهؤلاء، يعملون في الحقيقة بمعاوله، حتى أصبحنا نرى فوتوشوبا جديدا في المقالات، و فوتوشوبا في التّحاليل الإخبارية، و فوتوشوبا في تركيبة ضيوف حلقات النِّقاش، وفوتوشوبا في أخبار الجهات... بدليل تثمينهم لجهود الجيش الوطني و فرق الحماية المدنيّة في الفيضانات الأخيرة، و عدم نسبة تلك الجهود إلى من أرسل هؤلاء المأمورين، من الوزراء و المسؤولين المدنيين سواء في الجهات، أو في الحكومة... حتى غدوا كأنهم يتحدّثون عن جيش المالديف و فرق إنقاذ الهونولولو...
ومن تلك التعابير أيضا تكرار بعض الأسماء و التصريحات في كلّ وسائل إعلامنا حتى يُخيّل إليّ أن البلاد قد خلت من الرجال سواهم، و أنّ نساء الوطن عقمن فحولا عداهم، فلم يُنجبن أسودا إلّا هم ... لهم السؤدد من الرأي متى نطقوا، و الحكمة من القول متى ظهروا، و العصمة من الخطإ متى أمروا... و إلاّ فكيف أجد – كمتتبِّع مستقلٍّ للشّأن العام في بلدي – تبريرًا يُقنعني قبل غيري، ظهور واحد ممَّن يُصنَّفون ضمن المعارضة الشّرسة للحكومة الحاليّة، و لنتائج الانتخابات التي أفرزتها، و تحصّل فيها على أقل من واحد من عشرة بالمائة من نسبة الأصوات... ظهورا يقترب من فرضه على المشاهدين و المستمعين فرضا سمجا... ظهورا لا يعكس شعبيّــــته، و لا النِّسبة التي اصطفّ بموجبها في خانة التّرتيب المتدنّي... إذ لا نكاد نسمع أو نشاهد محطَّة إعلامــــــيّة، إلاّ و نجده الضّيف المحلّل، و السّياسي المُنتَدب، و الفحل المفكّر... بينما غيره ممّن اختار الشّعب يُنعت بالـ"مؤقّت".
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: