الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7375
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الإعلام و ما أدراك ما الإعلام، هذا السلاح الفتاك الذي يمكن أن تشهره الدول في وجه أعدائها فتقهرهم من خلال فضح ممارساتهم، كما يمكنها استعماله في المساهمة في نهضة المجتمع و الأمة.
قد يبدو هذا الكلام منطقيا و معقولا في بلاد أخرى غير البلاد التونسية، لأنه في تونس أختص الإعلام منذ زمن المخلوع في نقيض ذلك تماما، حيث لم نره يوما نصر مظلوما إمتهنت كرامته و لا دافع عن صاحب حق أغتصب حقه، بل على العكس تماما كان سيف مسلطا من قبل النظام على رقاب المستضعفين في هذه البلاد.
فقد كنا منذ الصغر لا نصحو إلا على البلاغات الكاذبة في المحطات الإذاعية و التلفزية عن وجود إرهابيين مزعومين يريدون قتل هذا الشعب المسكين الذي يدافع عنه النظام عملا بقوله صلى الله عليه و سلم" كلكم راع و كلكم و كلكم مسؤول عن رعيته"، كما كنا لا نشاهد في صحفنا اليومية نقلا للواقع المزري للمواطن التونسي الذي كان يعيشه و صنوف الظلم الذي يلاقيه من قبل أجهزة القمع و المسؤوليين، بل إختصت أغلب الصحف التونسية في السب و القذف و الشتم و التشهير و التعدي على أعراض المواطنين ممن إختاروا طريق المعارضة للنظام بهدف الإصلاح و ذلك في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الأخلاق المهنية.
و لعل من أهم ميزات الإعلام التونسي و التي تخصص فيها و بشكل مميز، تزييف الحقائق و إلباس الحق بالباطل، حيث غالبا ما أورد حقائق و أرقام مغلوطة عن حقيقة أوضاع حقوق الإنسان و حقيقة الأوضاع الإقتصادية في تونس.
ميزة أخرى من ميزات الإعلام التونسي وهي النفاق اللامحدود، إذ طالما أصم أذاننا بصفات الفخامة و السمو و الرفعة و حتى القداسة بحق أفراد العصابة الحاكمة سابقا، إلى حد غير معقول لدرجة أنك حين تفتح صحيفة تونسية أو تستمع لنشرة إخبارية إذاعية أو تلفزية تخال نفسك أنهم يتحدثون عن إلاه حاكم و ليس بشرا، فحتى الفراعنة لم يصلوا لتقديس حاكمهم للمستوى الذي وصل إليه الإعلام التونسي في تقديس المخلوع، و الشواهد عديدة في هذا المجال فيكفي ان يعود الواحد منا لأرشيف الصحافة التونسية و سيرى العجب العجاب.
أما اليوم و بعد الثورة التي خذل فيها الإعلام التونسي الثوار و أبى نصرتهم و ظل وفيا لسيده إلى أن أطاحت هذه الثورة بهذا الإله الورقي، و بالتالي تحول إعلامنا من إعلام النفاق إلى إعلام الشقاق حيث أصبح الشغل الشاغل لصحافتنا بث الأكاذيب و الأخبار المغلوطة و المضخمة للتحريض على الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، من ذلك الحملات المضادة للحكومة المنتخبة و التربص بكل أخطائها حتى و إن صغرت و إظهارها بمظر الأخطاء الجسيمة التي لا تغتفر، و التي قد تؤدي بنا إلى الكارثة أو من خلال التركيز و بصفة تدعو للريبة على المشاكل المتراكمة على مدى عقدين من الزمن لدى المواطن، و إظهار و كأن الحكومة الحالية هي المسؤولة عن هذه المشاكل.
أما بالنسبة لموضوع الحريات الدينية فحدث و لا حرج إذ ترى جميع المؤسسسات الإعلامية تجتهد صباحا مساءا لإظهار المتديين و كأنهم مخلوقات فضائية أو وحوش كاسرة غزت بلادنا لتسيطر عليها و القضاء على أهلها.
هذا باختصار الإعلام التونسي و أود أن أشير إلى مسألة معينة و هي حقيقة لتعرفوا مستوى هذا الإعلام و مستوى العاملين فيه، فقناة الحوار التونسي وهي قناة إنطلقت في البث بعد الثورة و تبعا لذلك فقد شرعت في إنتداب الصحفيين و المنشطيين و من بين من إنتدبتهم القناة شخصان أعرفهما جيدا ( مع التحفظ على الأسماء) و كلاهما لم يتحصل حتى على شهادة الباكالوريا و مستواهم لايتعدى الخامسة ثانوي و هما مكلفان بإعداد تقارير لفائدة هذه القناة فبالله عليكم أبهؤلاء سيتطور المشهد الإعلامي و أين المهنية و المصداقية و أخلاقيات العمل الصحفي لكن هذا هو الواقع الذي نأمل في أن يتغير مع مرور الوقت لان كل شيء في تونس تغير إلا الإعلام أبى.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: