د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8387
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نص الحوار الذي أجرته الصحفية فاطمة مقني مع الدكتور المنجي الكعبي في إذاعة صفاقس، ضمن برنامجها "فوانيس" مساء الثلاثاء 2012/2/14، من الساعة العاشرة والربع مساء الى منتصف الليل، ويدور الحديث (على مباشر) حول زيارة وجدي غنيم لتونس وتصريحات السيد وزير الداخلية حول إجهاض محاولة إقامة إمارة سلفية بسجنان.
مقدمة البرنامج السيدة فاطمة مقني:
... نعود لاستضافة الأستاذ المنجي الكعبي وهو كاتب ومفكر، ورأيه في زيارة وجدي غنيم لتونس وتصريحات السيد وزير الداخلية حول إجهاض محاولة إقامة إمارة سلفية بتونس، بعد هذا المقطع من النغم (...)
- "وطن القمر"، هذه أغنية أهديها لضيفي الأستاذ الكاتب والمفكر المنجي الكعبي، مرحباً بك عبر موجات إذاعة صفاقس في "فوانيس" الليلة.
- مرحباً بك سيدتي
- أهلاً سيدي، سؤال صعب جداً، وأردت من خلاله أن أستقي رأيك في زيارة وجدي غنيم لتونس، هذا من جهة ومن جهة أخرى كما أسلفت القول رأيك في ما قاله السيد علي العريض في محاولة إجهاض إقامة إمارة سلفية في تونس.
- شكراً، والله الأمر ليس صعباً كما تتصورين أو كما أشرت بهذا السؤال حول زيارة الشيخ الأستاذ وجدي غنيم إلى تونس..
- هو ليس رأيي، ولكن من خلال ما رأيناه رواج في الصفحات الاجتماعية وحتى في الإعلام.
- أيوه، أنا أحاول من خلال الإجابة هذه أن أجعل الأمر ليس بهذه الصعوبة التي واجهه بها الناس
- ليس كما أثار من ضجة
- إيه، ليس كما أثار من ضجة، ما كان ينبغي بعد ثورة تحررت من كابوس الكبت بما في ذلك كثير من الشخصيات من أمثال وجدي غنيم وغيره، من تيارات وأفكار وفلسفات مختلفة، كان النظام السابق يمنع عليهم الدخول الى تونس، حتى التأشيرة لا تعطى لهم، فضلاً عن الزيارة السياحية أو غيره، فضلاً عن الزيارة لإلقاء محاضرات، أو الاتصال مثلاً في أحياء في العاصمة مكتضة بالسكان وترغب في الاستماع الى هؤلاء الناس لوجاهتهم في مجتمعاتهم ولأثرهم في العالم العربي والإسلامي عامة..
- ولحُسنهم في الخطابة.. خطاب سلسل ويصل الى القلوب والعقول
- أكيد، هم ما أخذوا هذه الشهرة إلا لأهميتهم في داخل الاحزاب التي ينشطون داخلها أو المجتمعات المدنية التي يتحركون من ضمنها. فقلت أن النظام السابق كان يمنع دخول هؤلاء الناس الى تونس، بحيث كان يجعلها مكاناً مفتوحاً لمن يسانده فقط ومن يدعو لمناشدته في الانتخابات ومن يزكي أعماله الاقتصادية وغيرها، وعرفنا فيما بعد نتائج هذه الأشياء. بحيث نحن بعد ثورة المفروض نحتضن كل من يرغب أن يزور تونس أو نحسن استضافة كل من يستضيفه إخواننا في تونس من أجل الاستماع إليه ونكون أكثر رحابة صدر، بحيث نتبادل الرأي معه ونعرف ماذا يحمل في جعبته، وماذا لدينا في جعبتنا من أفكار قد يحملها وقد يعدّل بها مواقفه إن كانت له مواقف ربما لم تتعدل بعد، لسبب من الأسباب، أنه لم يعرف تونس، لم يزرها..
- لم يكن على بينة من الواقع.
- لم يكن على بينة من واقعها كما قلت حسناً. فلذلك أنا أرى من حسن الطالع لتونس، أن نرى هذه الشخصيات تتوافد هذا اليوم، سواء كان باسم دعاة أو مفكرين أو فلاسفة أو أصحاب رأي مختلف عن رأينا. ولذلك هذه الضجة افتعلها من؟ افتعلها إما أناس لا زالت مسيطرة عليهم عقلية الماضي، أقصد النظام السابق أو يسبحون في تيارات المجتمع كله أو معظمه لا يحبذها، فلهم رأيهم ولهم توجههم، وربما المؤسسات السياسية أو الفكرية أو التنظيمية في تونس تسمح لهم بالتواجد وبالتعبير مثل غيرهم وبالتمثيل في المؤسسات، وهذا كله وارد، ولكن لا يستطيعون أن يمنعوا غيرهم من الأغلبية، من الكثرة الكثيرة أقصد، أن تستضيف هؤلاء الناس لتلقح بهم هذا المجتمع الذي فقد في يوم من الأيام هويته كما كان ينبغي أن يكون..
- إسلام معتدل
- أن تكون هو الحكَم فيها وهو سيدها. ولذلك أنا أرى في شخصية الأستاذ هذا، الشيخ وجدي غنيم، وما صرح به في كثير من المقابلات والمحاضرات واللقاءات التي قام بها لم أر فيها شيئا خارجاً عن العادة والمألوف..
- هو ما أثار الضجة خاصة رأيه في ختان البنات وكيف يجب أن يكون مطبقاً، هذا ما سمعته من أطراف معنية لكن من كان حاضراً هناك يمكن له أن يعطينا الإجابة، أو من تابع تلك الأشياء أو تلك الكواليس.
- صحيح، هم تخيروا من ألفاظه كما يقال بعض الاقتباسات خارجة عن سياقها، يعني لما يتحدث الانسان عن عادات موجودة في الشعب الأثيوبي أو المصري أو في بعض مناطق إفريقيا أو في الهند لأسباب معينة.. ويختلف العالم كله حولها، بين مؤيد وبين معارض، لأنها لا تصلح أن تطبق مثلاً في أمريكا الجنوبية أو في أمريكا الشمالية أو في القارة الأوروبية، لأسباب دينية لا يقبلها هذا ويقبلها ذاك. فهذا لا ينبغي أن نُحرّم على الشخص الكلام في موضوعات ونسمح له بالكلام في الموضوعات كما نتخير نحن، بالعكس نحن لما نستمع الى هذه الأفكار التي يدلي بها، بعض الناس لا يفقهون هذا الأمر، ربما تساءلوا ما المقصود بالخفاض، ما المقصور بختان الإناث، ما المقصود بكذا وكذا، يمكن أن يشرح لهم إذا كانوا لا يعملون ذلك. أما أن تؤخذ هذه البضاعة من فمه وتسوّق بشكل موجه لإدانته فيما تفوه به أو للإنكار عليه أن يقول هذا الكلام في تونس. لماذا؟ فهذا في الحقيقة ربما مغالاة أو مبالغات بعض المعارضين
- الاطراف
- المعارضين للحكومة الحالية أو للنهضة، أو لهذا التيار أو ذاك من التيارات الاسلامية الموجودة الآن. هذه جمعيات - أظن - التي استضافته جمعيات قانونية، جمعيات مجتمع مدني، جمعيات نقْدر أن نقول، أن نصفها بالسلفية، وإن كان هذا الوصف ليس شيّناً بحقها. هؤلاء ناس محترمون، أكثرهم شباب، متطلع الى المعرفة، يريد أن يفقه دينه، ولعلهم يستصلحون ما قد يكون من أفكارهم مخالفاً لبعض القيم والمواضعات أو التعاليم الدينية، هذا من باب العلم..
- تبقى دائماً اجتهادات..
- نعم
- هذا الشق الأول من السؤال، الشق الثاني كما أسلفت القول ، الاستاذ المنجي الكعبي، حول ما قاله السيد وزير الداخلية في محاولة إجهاض أقامة إمارة سلفية في تونس.
- أنا علمت بما سمي بإمارة إسلامية في سجنان من ولاية بنزرت، وأعرف كثيراً من المناطق مثل سجنان وغيرها لها توجهات إسلامية ربما أقوى بكثير من جهات أخرى، ربما أيضاً ساعدت الثورة أو ساعد الوضع بعد الثورة، من اعتصامات وطلب تشغيل ورغبة في إيجاد توازن عام في التنمية لدى بعض الجهات، ربما..
- تحقيق العدالة الانتقالية
- تحقيق العدالة الاجتماعية فيما يقال. فمن باب أنها تكرّم نفسها بهذه الثورة، وتجد حريتها في هذه الثورة، أن يشعر المسؤولون فيها، سواء كانوا في النيابة الخصوصية في البلدية أو في بعض المؤسسات أو في المساجد أو في أي شيء، أن يقيموا الأمر داخل هذه المعتمدية بشكل يسمح لهم أن يكونوا أكثر حرية مع أنفسهم ومع دينهم ومع دولتهم ومع قوانينها، بحيث يُحسنون ضبط الأمور بشكل أو بآخر، دون أن يدعوا أنهم يقيمون حكماً مناهضاً للجمهورية التونسية أو منشقاً عنها. هذا لم أسمع به، إلا بعض الصحافة ربما جعلت الأمر..
- هو ما راج، سيدي، الذي صار في بئر علي، وكذلك يقال أنه وقع الإمساك بأطراف حتى مش تونسية، أطراف من الشقيقة ليبيا ومن الجزائر تنطوي تحت القاعدة، في إطار بناء هاته القاعدة وهاته الإمارة السلفية، مش كان في سجنان لكن حتى في الجنوب.
- على أية حال قلت لكِ أن في بعض الجهات، سواء عندنا في الجنوب أو في الوسط الغربي أو في القيروان نفسها في بعض المعتمديات، ففي معتمدية من المعتمديات لسبب من الأسباب أقتحم بعض المدافعين عن الثورة وباسم حرية الثورة والكرامة وغير ذلك، المعتمديةَ مثلاً، ربما تسببوا في بعض الأضرار حتى الجسدية للمعتمد نفسه للسيد المعتمد.. لا علينا. سياق الحديث، هذه الإمارة الإسلامية لم يعلن عنها أصحابها بلسان حالهم..
- لكن هناك أسلحة راجت و..
- هذا شيء آخر، هذا شيء آخر، نحن الآن في سجنان، لم يقل أحد أنهم وجدوا لدى أصحاب هذه الإمارة تنظيماً أمنياً وتنظيماً عسكرياً..
- ليس في سجنان، ليس في سجنان لكن..
- إيه، إيه، قلت لك، قلت لك هذه قضية سجنان أن يقع الربط بينها وبين ما حدث في بئر علي بن خليفة، وهي منطقة من مناطق صفاقس، معروفة بنضالها وبكرامة أهلها وبحسن تضامنهم مع القضايا القومية والوطنية والدينية وغير ذلك، هذا تبين في التحقيق الأولي الذي تفضل بالإعلان عنه بسرعة قياسية أيضاً السيد وزير الداخلية، السيد علي العريض، والأمر لا زال تحت البحث والتحقيق. وُجدت أسلحة، أكيد. لأن الجانب الأيسر، الشق الشرقي من حدودنا مفتوح على ثورة لا زالت تلتهب، والسلاح كان يباع حتى في مدنين وفي غيرها من مدننا، يتسرب، أو بطريقة أو بأخرى أصبح سلعة من السلع، لكثرة من حَمَل السلاح من أجل إسقاط النظام داخل ليبيا، ونحن كنا في نظام أيضاً شبيه في ديكتاتوريته بالنظام الليبي، ولذلك فنحن لو لم يخرج، لو لم يهرب المخلوع لكان بالإمكان أن تلك الأسلحة التي وقع حجزها من بعض المراكز الأمنية والعسكرية وغيرها ربما أنها تُستعمل، ولذلك فهذه بقايا السلاح هنا وهناك، أن يلتقطه بعض التلاميذ أو بعض الطلبة، في سن مراهقة، ويدافعوا به عن قيم أو عن أشياء، ويدّعوا الانتساب الى القاعدة أو الانتساب حركات سلفية والى غير ذلك. هذا كله!
مجال تحقيق، وهذا كله من نتائج الثورة، هنا وهناك في ليبيا، وحولنا في الجزائر معروف، ثمة هناك حركات بما يسمى
- الجهادية
- ما يسمى بالقاعدة في المغرب الإسلامي، فبحيث ليس هناك غريب في الأمر أن يكتشف الأمن أربعة أو خمسة عناصر أو حتى عشرة أو حتى مائة، يتعاملون بأسلحة وبسيارات مهربة أو بتفخيخ بعض الأماكن لأغراض معينة. ونحمد الله أنه استطاعت قوات الأمن والجيش بالتعامل وبالتعاون مع الأهالي أن يحيطوا بهذه المجموعة ويستوعبوها، ومات من مات وربما تضرر من تضرر..
- يعني ما يحدث الآن هو من بين تداعيات الثورة، هي فترة من فترات ما بعد الثورة وبعدها شيئاً فشيئاً نتلمس من جديد هويتنا المتسامحة والمعتدلة وانطلاقاً كذلك من إعادة هيبة الفكر الإسلامي الزيتوني الذي كان مغيباً لفترة طويلة.
- التفكير.. ماذا قلتِ؟
- الفكر الزيتوني
- إيه، الفكر الزيتوني الإسلامي الأصيل هو الفكر التونسي الأصيل هذا. أنا، المفتى الأسبق قبل هذا في لقاء من لقاءاتي معه في مسائل علمية في قضايا القراءات وغيرها، كنت كتبت دراسة نقدية على كتاب أصدره بعض الأساتذة عن ثقافة القرآن وما إلى ذلك، فيه كثير من الأخطاء الفضيعة، فالتقيت بالمفتي ووجهت نظره، إلى أنه لو كان لدينا جهاز إفتاء وجهاز متابعة للدين في تونس بمؤسساته العلمية والثقافية وغيرها لما كان خرجت هذه النشرية التي فيها أشياء لا تليق ببلد جامع الزيتونة وإشعاعه. هل تعرفين ماذا كان رده؟ قال لي يا فلان، يا سي المنجي، أنا أقول إنه لم يبق لدينا علماء وسنحتاج في المستقبل الى استيراد علماء من المشرق، لأن الزيتونة أفرِغت من علمائها.
- وصلنا لها النقطة هذه
- إيه، فللأسف، نحن اليوم المعوّل عليه أنه تستعيد تونس إشعاعها الاسلامي العربي الأصيل وعلمائها الكبار، من أمثال سحنون وأسد بن الفرات. وهؤلاء كلهم.. اليوم نحن نتحدث هذا تونسي وهذا شرقي، وهذا دخل علينا، وهذا أتانا بمصحف بكتابة فلانية ونحن نقرأ بمصحف بكتابة فلانية.. يعني كل شيء من أين؟.. الاسلام كله أتانا من أين؟ أتانا من المشرق، لم ينبع من الغرب الأوروبي ليأتي إلينا، أتانا من المشرق، وحتى المسيحية انتقلت من المشرق إلى المغرب، إلى الغرب..
- أرض الحضارات والديانات.
- ولذلك نحن في اعتزاز أن يلتقي العالم التونسي بالعالم المصري وتتلاقى القراءات ويقع التفاهم، ولذلك رواية حفص أو رواية ورش وقالون. لا فرق، كلهم مصريون القراء هؤلاء، أكثرهم مصريون.
- كلها قراءات وكل قراءة للقرآن، كل واحد وما يرتاح إليه.
- لا، لما نقول قراءات نصوّر الأمر كأننا نقرأ في قرآن كل واحد يقرأ فيه بقرآن خاص به..
- بقرآن خاص به
- للأسف، حتى أنه بعض الطبعات الآن يقولون "المصحف التونسي" أو "مصحف الجمهورية التونسية" وغير ذلك وهي كلها مصاحف قرآنية ترجع كلها الى مصحف عثمان..
- صح
- وإن اختلفت القراءات، ولذلك، فشيء بسيط جداً قضية الخلاف بين القراءات. ولذلك لا ينبغي التركيز عليه. ينبغي التركيز على ما يشملنا ويجعلنا في شراكة واسعة من أقصى الصين، حيث هناك من المسلمين أكثر من العالم العربي أظن، ومن الهند التي أقليتها الإسلامية أكثر من العالم العربي وما فيه من المسلمين، الى آخر العالم الغربي الذي ما شاء الله أصبح فيه من المسلمين العدد الكثير وأمريكا الجنوبية والشمالية وغير ذلك، فلذلك..
- هو في إطار تخوفهم يقولون إنه في 2016 سيصبح ثمة أغلبية إسلامية في الدول الغربية
- ولذلك في تونس اليوم يجب أن تكون منارة، ليس فقط على العالم العربي، أو ما يسمى بالمغرب العربي هذا الكبير وأحياناً يقولون المغرب العربي فقط، وهذه أصلها فكرة تجزئة للعالم العربي ثم هي تجزئة للعالم الإسلامي. فلا بد أن نعود إلى إشعاع تونس الذي كان وقت من الأوقات هرثمة بن أعين الذي هو من بغداد كان هو والي القيروان، التي تمتد من أقصى فاس ربما أو طنجة الى أقصى برقة..
- صح، على كل الأستاذ المنجي الكعبي، شكراً لك على تلبية الدعوة معنا، الحديث معك حلو جداً، وإن شاء الله نرجع معك في استضافات أخرى بحول الله.
- بارك الله فيك.
- شكراً لك. وصلنا هكذا الى نهاية فوانيس، من العاشرة والربع بدأنا معكم الى منتصف الليل.. وتصبحون على محبة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: