البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

الشــــعــــب يـــريــــد ...

كاتب المقال د.الضاوي خوالدية - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8803 dr_khoualdia@yahoo.fr


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


إن الإسلام، كما العروبة التي تماهت فيه قرونا، مقوم أساسي من مقومات الأمة المتميزة بوعيها بهويتها التاريخية و الدينية و الثقافية و اللغوية والمكانية و السياسية و (مقومات) الشخصية المميزة للذات عن غيرها من حيث الاسم و النسب و الخلقة و القيم المحدوة بمقاصد الدين.
و لعله (هذا المقوم الأساسي) الأكثر مقاومة لعوامل التدمير و تجفيف الينابيع و المسخ و الاحفظ لبقية المقومات من الفناء، إذ لولاه لما تصدت الشعوب للغزاة و لولاه لما عرف شعب استقلالا و لولاه لما برز في الأمة أشاوس في الجهاد و الوطنية و أساطين في العلوم و دواهي في السياسة و قدوات يحتذى بهم في رفعة الأخلاق و سمو القيم و نكران الذات و الغيرية...

إن الدور الحاسم للدين في بناء الشخصية السوية الحية الحاملة دوما لبذرة الثورة على كل من يمتهنها و يحط من كرامتها و يحد من حريتها و يستغلها ليبرز بكثرة في تاريخ العرب القديم بروزه خاصة في تاريخهم الحديث و المعاصر.
فتونس المسلمة، على سبيل المثال، قام جنوبها و وسطها و شمالها الغربي قومة رجل واحد في وجه الغازي الفرنسي 1881 مقاوما إياه عنيف المقاومة ملحقا به خسائر فادحة جعلته يفكر جديا في الانسحاب من الأراضي التونسية مطلع القرن العشرين و استمر الوازع الديني في التقوى و التوهج و شحذ الهمم منغصا حياة المستعمر راصدا سياسة مسخه و استغلاله و تنصيره و تجنيسه موقفا حركتها و مبطلا آثرها.ذ

و كان شعار مقاومي التجنيس من الأدباء : "من تفرنس جنسية تنصر دينا و اضمحل كيانا" يقول الشيخ سالم بن حميدة :

فهل من مسلمين يعز عنهم***ضياع مفاخر السلف العظام
فيلقون النفوس إلى جهاد***يصان بفضلها دين التهامي
و يفنون البنين و كل مال***ليحيوا مجد آباء عظام


قول ثلاثة رجال مسلمين أبدعوا في تثوير الشعب التونسي اجتماعيا و سياسيا و فكريا و ثقافيا و تنويريا مدخليه التاريخ و هم : الطاهر الحداد ومحمد على حامي و أبو القاسم الشابي...
و تأكدت فرنسا في العشرينيات من القرن العشرين أن دعاة اندماج الشعب التونسي في الشعب الفرنسي وملتمسي المساواة بين الفرنسي و التونسي و الأغنياء الموالين و ضعاف الشخصية و الإيمان و مشرعي التجنيس (من رجال الدين و آخرين) قد نبذهم الشعب التونسي و لفظهم و مقتهم فأعدت خطط مكر تمثل بعضها في إثارة الصراعات بين جامعة عموم العملة التونسية و الحزب الحر الدستوري و بين مكوني هذا الحزب فنجحت في الإجهاز على جامعة عموم العملة و نفي محمد على، نجاحها في تفجير الحزب الدستوري مطلع الثلاثينيات و تغليب الهائمين بحضارتها على غيرهم من التاصيليين.

و أخذ التوتر منذ ذلك الوقت يشتد بين التغريبيين معتبري تونس محمية فرنسية والتأصيليين، حتى كانت ثورة الشعب التونسي المسلم المسلحة على المستعمر يقودها المجاهدون كما سماهم التونسيون الأصلاء، و الفلاقة /قطاع الطرق، كما سمتهم فرنسا و بورقيبة و فئته و "الحركيين".

و لوحت فرنسا المنهوكة بحرب فيتنام و معركة "ديان بيان فو" و بداية حرب الجزائر التحريرية باستقلال تونس الذاتي المنقوص فوافق بورقيبة مسرورا ورفض صالح بن يوسف فانفجرت الحركة التحريرية حربا بين" الإخوة" تؤججها فرنسا بدعم بورقيبة عسكريا و مخابراتيا و ماليا، و اعتمد بورقيبة الاستبداد أسلوب حكم و استئصال الإسلام و الإسلاميين و العروبيين وثقافتهم (و بعض اليسار في فترة معينة) إستراتيجية للنظام، و كانت الانتخابات في تونس، كما كانت في البلاد العربية، تزكية لرئيس السلطة الملهم و رجال حزبها الطلائعي بـ 99،99 % كما كانت الرعية (في تونس و البلاد العربية) مقتنعة بفعل الدعاية و الراي الأوحد و الاستكانة و رواسب التاريخ أن قادتها الأعاظم و أحزابها المناضلة المبدعة ستقفز بها من عالم الفقر و الجهل و التخلف و الضعف إلى عالم الحداثة و الرخاء و التطور والعلم، لكن نهاية الستينيات كانت مروعة إذ المستور قد كشف : إفلاس اقتصادي و فقر مدقع و تفكك اجتماعي وهزيمة عسكرية غير مسبوقة في التاريخ و "قادة" خرق هوج عفك و أحزاب عصابات سمسرة و دعارة.

لعل ما يدل على هذا و يصوره أحسن تصوير تحول البلاد العربية يوم هزيمة 1967 إلى مناحة نائحوها و نائحاتها لا يعبرون عن الفاجعة فقط و إنما يعبرون عن انهيار آمالهم و فظاعة خديعتهم عقودا من السنين فاستصغرت الرعية المدمرة أنظمتها و استكانت هذه الأنظمة انتظارا لمرور العاصفة و أخذت تبرز أصوات ناقدة سرعان ما تشكلت في تنظيمات حزبية و اجتماعية و ثقافية... معارضة فشحذت الأنظمة أنيابها من جديد مفترسة هذا التنظيم مخترقة الآخر و كان الضحية كالعادة الشعوب التي ازداد فقرها و جهلها و بطالتها و كانت ثورات الخبز العربية و كان الإفلاس العام اقتصادا و ديونا و نهبا و تشريدا و تفككا و انهيار قيم و اعترافا بإسرائيل... الذي كاد يفقد الشعب مقومات وجوده و انتظامه فانكفأ على ذاته باحثا في أعماق تاريخه عن آخر قارب نجاة يتشبث به عله يمنيه و يسليه و يحد من التحلل و الذوبان، فكان الإسلام الذي قامت عليه حضارته في غابر الأزمان و بذلك ظهرت حركات إسلامية ثورية رجت الأنظمة و نشرت الهلع بين صفوف مريديها و أخافت الغرب على مصالحه مما حتم وصفة جديدة شديدة الفعالية تديم بقاء الأنظمة و تجمل وجوهها و تؤمن مصالح الغرب الاقتصادية و السياسية و الإستراتيجية، من مقوماتها:
• ربط الاقتصاد "العربي" المتداعي بالاقتصاد الغربي المزدهر مع ما يتطلبه ذلك من " إصلاحات" " هيكلية"، "شرا كية" " تحديثية"... مميتة للبلاد و العباد.
• إحداث تعددية سياسية و مدنية شكلية مسيرو أحزابها و جمعياتها و منخرطوها منتقون من الأحزاب الحاكمة أو من الدائرين في فلكها الشاكرين النعم...
• إغراق السوق بصحف الفضائح و الدعارة و الجنس
• إعلان الحرب الاستئصالين على كل ما هو عربي (قومي) إسلامي تنظيمات و أفرادا و قيما و ثقافة و عبادة...
• استيعاب و إشراك بقايا اليسار الماركسي في أجهزة الحكم المهمة، هذا اليسار الذي كان في السبعينيات من اشد معارضي الأنظمة العربية و الذي أصابه التفكك و الانحلال نتيجة لسلوكه السياسي و تشرذمه و رفض المجال العربي لنظام فكره الغريب (حتى في مراكز حكمه التي انهارت دفعة واحدة).

و استمرت الأنظمة تحكم بالحديد و النار و الحرب على الإرهاب و التوريث و النهب و النجاح في الانتخابات بالنسبة المشهورة جدا و التفقير والفساد و الإفساد و البطالة، حتى كانت الثورات العربية 2011 الشعبية ذات الشعارات : الحرية و الكرامة و الهوية و الخبز و الشعب يريد إسقاط النظام و تساقطت الأنظمة كأوراق الخريف تحت ضربات الشارع و صفعات الساحات و لعنات التاريخ و غضب الخالق، و ما أن دعي الشعب إلى انتخابات حرة نزيهة شفافة حتى اختار ما حاربته الأنظمة المخلوعة مدة ستين سنة حرب إبادة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، الثورات الشعبية، الربيع العربي، اليسار العربي، الحداثة المزيفة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-12-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد الياسين، أحمد النعيمي، محمد أحمد عزوز، بيلسان قيصر، منجي باكير، أحمد ملحم، صالح النعامي ، د- جابر قميحة، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، ضحى عبد الرحمن، محمد شمام ، علي الكاش، ماهر عدنان قنديل، د - مصطفى فهمي، جاسم الرصيف، العادل السمعلي، عمار غيلوفي، د.محمد فتحي عبد العال، د - شاكر الحوكي ، أنس الشابي، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، د - الضاوي خوالدية، صلاح الحريري، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد علي العقربي، عمر غازي، عبد العزيز كحيل، فتحي العابد، يزيد بن الحسين، د. أحمد محمد سليمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سفيان عبد الكافي، سلوى المغربي، سامح لطف الله، المولدي اليوسفي، يحيي البوليني، إياد محمود حسين ، مراد قميزة، حسن الطرابلسي، علي عبد العال، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حاتم الصولي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. خالد الطراولي ، د- محمود علي عريقات، د. عبد الآله المالكي، عبد الله الفقير، حسن عثمان، د- هاني ابوالفتوح، عراق المطيري، الناصر الرقيق، محمد الطرابلسي، محمد يحي، طارق خفاجي، أ.د. مصطفى رجب، رشيد السيد أحمد، عبد الغني مزوز، سيد السباعي، صفاء العربي، رافع القارصي، د. صلاح عودة الله ، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - عادل رضا، محمد اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، وائل بنجدو، فتحـي قاره بيبـان، أشرف إبراهيم حجاج، نادية سعد، ياسين أحمد، عبد الرزاق قيراط ، محمود سلطان، محمود طرشوبي، د. أحمد بشير، مصطفى منيغ، رمضان حينوني، خالد الجاف ، صفاء العراقي، رافد العزاوي، فتحي الزغل، إيمى الأشقر، تونسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم فارق، فهمي شراب، مجدى داود، د - محمد بنيعيش، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهيثم زعفان، د- محمد رحال، فوزي مسعود ، رضا الدبّابي، طلال قسومي، مصطفي زهران، سعود السبعاني، المولدي الفرجاني، سليمان أحمد أبو ستة، الهادي المثلوثي، خبَّاب بن مروان الحمد، حميدة الطيلوش، محمد العيادي، أبو سمية، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، عزيز العرباوي، أحمد بوادي، عواطف منصور، كريم السليتي، محمود فاروق سيد شعبان، سلام الشماع، عبد الله زيدان، إسراء أبو رمان، صلاح المختار،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء