البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

كيف السبيل لمحاربة الفساد المالي دون هياكل رقابة قوية ومستقلة

كاتب المقال حاتم الصولي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8562


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أفضى المخاض الثوري بتونس إلى وصول قوى سياسية تضمنت برامجها ووعودها المعلنة عن رغبتها القوية في محاربة الفساد المالي ومحاسبة المفسدين، ومع حسن ضني بصدق رغبة الساسة الجدد ب الدلخول بتونس لمرحلة جديدة تشن فيها حرب دون هوادة على الفساد المالي والعابثين بالمال العام .سيعد فعلا قظعا جذريا مع مساوئ الماضي.

و إذا إعتبرنا أن حسن تشخيص هذا المرض وأسباب انتشاره هو أول خطوة صحيحة لإيجاد العلاج المناسب لهذا الداء الذي ضل ينخر جيوب التونسيين لعقود طويلة، فإن أهل الاختصاص من العاملين في مجال الرقابة الإدارية والمالية والتصرف العمومي بالمنشات يتفقون على أن أسباب انتشار الفساد المالي والإداري بالقظاع العام يعود بالأساس إلى تغييب و تهميش متواصل لكل أركان الحوكمة بالمؤسسات، سواءا على مستوى هياكل التسيير من جهة أو هياكل المراقبة من جهة أخرى .

1- أما على مستوى هياكل االتسيير فالجدير بالذكر أن منظومة الفساد قد عمدت عمدت الأنظمة السابقة إلى تهميش هياكل التسييرمن رؤوساء مديرين عاميين ومجالس إدارات المنشأت من خلال عدم تحديد طبيعة المهام المطلوبة من قيادات المنشأت العمومية و عدم ضبط الأهداف المطلوب تحقيقها، وبالتالي دفع هده القيادات للبحث عن الضامن الوحيد للبقاء أو الترقية وهو الولاء للحزب وتسهيل أعمال هياكله لأن ذلك هو الإنجاز الوحيد الذي يضمن بقاؤه في مكانه أو حصوله على مراتب أعلى.في غياب مهام واضحة ووضع يكون فيه بين مطرقة السلطة وسندان النقابة وهذا الوضع دفع البعض إلى تولي مهام تسيير الأعمال لا غير فتراهم يمرون السنوات على مؤسسات كبرى في البلاد ولا شئ يتغير بها غير إرتفاع أعباء الأعوان وتراجع نتائجها المالية.وفي نفس السياق تم أيضا تقزيم دور مجالس الإدارات فعلى الرغم من أ همية هذا الهيكل في ضمان تسيير محكم للمؤسسات، إلا أن المتأمل في مداولاته يتأكد دوره المحدود في التطرق لمسائل التصرف العادي ا في حين يتظور دور مجالس الإدارات في العالم نحو تركيز منظومة التصرف في المخاطر و تطوير سيناريوهات لتحقيق الأهداف الإستراتيجية للمؤسسة ووضع الوثائق الإستراتيجية للمؤسسة، وعلى الرغم من حضور مراقب الدولة في هذه الجلسات أهمية الإضافات التي يقدمها المنتمين لهيئة مراقبي الدولة في سير الجلسات فإن دور هذا الأخير هو أيضا في حاجة لمزيد النظر والتعمق وخاصة من حيث توافق الوسائل الموضوعة على ذمته ( الوحيد) في مقابل امتداد وتشعب عمليات التصرف بهذه المنشآت.

2- وبخصوص هياكل المراقبة فيعتبر تهميش وظائف المراقبة الداخلية بالمنشات :من أهم مرتكزات منظومة دعم الفساد المالي والإداري و إبطال مقومات الحوكمة الرشيدة وتحديدا تقزيم وظيفتي التدقيق الداخلي و مراقبة التصرف بالهياكل العمومية ، هذه الوظائف التي يفترض أن تكون جدار الصد الأول لعمليات الفساد المالي وتصحيح المسار والمساعدة في إتخاذ القرار والوقوف على حالات سوء التصرف والفساد المالي والإداري بالمؤسسات تتعرض بشكل مستمر ومتواصل للتهميش الممنهج من خلال حرمانها من الكفاءات المناسبة من الموارد البشرية والمادية الملائمة الخاصة لتأمين مهامها المنتظرة، هذا فضلا عن عدم استقلاليتها هياكل التدقيق الداخلي حيث ترتبط وظيفيا وهيكليا للإدارة العامة للمؤسسة عوضا عن ارتباطها بلجنة تدقيق داخلي تنبثق عن مجلس الإدارة تكون مستقلة عن سلطة القرار . أما عن مراقبة التصرف فتبقى الوظيفة الأقل اعتبارا في المنشات العمومية على الرغم من أهمية الدور الذي تؤمنه من متابعة استهلاك الإعتمادات ومتابعة الإنجازات وتحليل الحيود وتبريرها.

- 3 هياكل الرقابة الخارجية :
وهي التي مورس عليها التغييب الأخطر في نظري، حيث همشت منظومة الفساد السابق دور هذه الهياكل التي تزخر بكفاءات عالية من خلال توجيه مهمات التفقد نحو مواضيع هامشية قليلا ما ترتبط بواقع الفساد المالي والإداري التي تعرفه الهياكل العمومية أو تهميش التوصيات المضمنة بالتقارير وخاصة تلك المتعلقة بالمحاسبة، ولعل عدم إصدار دائرة الزجر المالي أي قرار بالإدانة بأي متصرف خلال الخمس سنوات الأخيرة أكبر دليل على مدى فعالية منظومة الرقابة والمتابعة السابقة، كما شهدت هياكل الرقابة الخارجية تجفبفا ممنهجا لأليات العمل الرقابي كضعف الموارد البشرية الموضوعة حيث لا يتجاوز عدد المراقبين في هيئات الرقابة العامة الثلاثة مجتمعة 120 مراقبا مباشرا فقظ هم مطالبون بالتدقيق في نفقات ميزانية الدولة بقيمة 23 ألف مليون دينار علاوة على العمليات المالية الخاصة بالمنشآت العمومية خارج الميزانية، كما تشكو هذه الموارد نقص التكوين المناسب في مجال أساليب اكتشاف الفساد المالي وهو ما يعد خرق واضح للمعايير الدولية الخاصة بمهنة التدقيق التي تجعل التكوين المستمر أول متطلبات العمل الرقابي، و يعتبر أعضاء هيئات الرقابة العامة أفضل حالا من أعوان التفقديات الوزارية العامة والتي قد يقضي فيها المتفقد عمرا كاملا دون أن يتلقى تكوينا ولو بيوم واحد وذلك في مقابل تطور أشكال الفساد المالي والإداري .

- وبالإضافة إلى الصعوبات المادية واللوجيستية التي تعانيها هياكل الرقابة والتفقديات العامة والتي تجعلها بعيدة كل البعد عن المعايير الدولية المعتمدة بنظيراتها في البلدان المتقدمة وحتى المشابهة لتونس، يشكو النظام الأساسي لسلك المراقبين والمتفقدين العموميين العديد من النقائص بشكل يجرد هؤلاء من كل الصلاحيات التي تمكنه من أداء مهامه بكل مهنية وحيادية وتجرد العمل الرقابي من كل فعالية تذكر.

• إن وضع إستراتيجية لمكافحة الفساد المالي والإداري بالقطاع العمومي لا بد أن يمر بالضرورة بإصلاح عميق لهياكل الرقابة العامة والتفقديات الوزارية من خلال ضمان استقلالية هذه الهياكل واستغلال خبراتها المتراكمة في مراقبة التصرف العمومي ودعم وسائلها، والعمل على دمجها في شكل وكالة مستقلة لمكافحة الفساد والرشوة و هو ما يتفق عليه أخصائيو الحوكمة الرشيدة وانتهجته بلدان نامية أخرى على غرار بلدان أمريكا الجنوبية، و بلدان جنوب شرق أسيا ( ماليزيا وسنغافورة) كما سيكون دلك رسالة قوية تعبر عن التزام الساسة الجدد بتحقيق أهم أهداف الثورة وهو محاربة الفساد المالي ويؤمن بناء دولة القانون والمؤسسات الفاعلة والقوية .

حاتم الصولي
مراقب عمومي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، المراقبة العامة للمالية، محاربة الفساد، الإدراة التونسية، القطاع العمومي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-12-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامح لطف الله، أنس الشابي، علي عبد العال، عراق المطيري، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد اسعد بيوض التميمي، سامر أبو رمان ، منجي باكير، محمود طرشوبي، خالد الجاف ، أحمد النعيمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - الضاوي خوالدية، رافد العزاوي، نادية سعد، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح الحريري، أحمد بوادي، د. مصطفى يوسف اللداوي، جاسم الرصيف، وائل بنجدو، عمار غيلوفي، ياسين أحمد، سلام الشماع، طلال قسومي، أحمد ملحم، عبد الغني مزوز، د - صالح المازقي، د - محمد بن موسى الشريف ، د- محمد رحال، الهادي المثلوثي، كريم السليتي، عزيز العرباوي، د- محمود علي عريقات، محمد الياسين، علي الكاش، محمود فاروق سيد شعبان، إياد محمود حسين ، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رضا الدبّابي، صلاح المختار، صفاء العربي، صباح الموسوي ، د- هاني ابوالفتوح، صفاء العراقي، فتحـي قاره بيبـان، حميدة الطيلوش، مراد قميزة، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، حسن الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، حاتم الصولي، محمد الطرابلسي، رافع القارصي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، المولدي الفرجاني، د - محمد بنيعيش، محمد أحمد عزوز، مصطفي زهران، عبد الرزاق قيراط ، يحيي البوليني، فوزي مسعود ، د - مصطفى فهمي، د. خالد الطراولي ، د - المنجي الكعبي، عواطف منصور، تونسي، د. عبد الآله المالكي، العادل السمعلي، رمضان حينوني، سفيان عبد الكافي، د. صلاح عودة الله ، محمد يحي، يزيد بن الحسين، صالح النعامي ، د.محمد فتحي عبد العال، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، عبد الله زيدان، مصطفى منيغ، أبو سمية، مجدى داود، محمود سلطان، د- جابر قميحة، د. أحمد بشير، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد شمام ، رحاب اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، د - شاكر الحوكي ، سعود السبعاني، أحمد الحباسي، سلوى المغربي، عمر غازي، إسراء أبو رمان، خبَّاب بن مروان الحمد، ماهر عدنان قنديل، فهمي شراب، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فتحي العابد، إيمى الأشقر، د - عادل رضا، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. طارق عبد الحليم، عبد الله الفقير، أشرف إبراهيم حجاج، فتحي الزغل، حسن عثمان، ضحى عبد الرحمن،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء