كريم السليتي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8779 karimbenkarim@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بمراجعة العديد من المقالات، ومشاهدة البرامج التلفزية والاذاعية و الاستماع لعديد الاصدقاء و بعض الناس في الشارع، لاحظت أن لغة التشاؤم أقوى من نبرة التفاؤل بالمستقبل: اعتصامات و اضرابات هنا و هناك، فساد ينخر بعض المنظمات الوطنية، غلاء في الأسعار، بطالة ، احتكار الإعلام من قلة لا تمثل الشعب، انتشار إيديولوجيات السبعينات، انقسام في المجتمع التونسي بين موال و معاد للهوية العربية الإسلامية...
لكن و مع كل ما ذكرت فإن الوقت ليس وقت تشاؤم و إحباط، بل وقت تفاؤل وعمل، اذ " لابد لليل ان ينجلي و لابد للقيد أن ينكسر"، و قد انجلت ظلمات بن علي و انكسر قيده، و أصبحت الحرية هي القاعدة، و المنع هو الاستثناء، وهذا سبب كاف لوحده للتفاؤل، لأن الحرية المسؤولة هي رديفة الإبداع و النجاح.
تذكروا أيها التونسيون أن بن علي لم يتجاوز مستواه التعليمي الرابعة أو الخامسة ثانوي و أنه كان محدود الذكاء ومحدود القدرة على التواصل، مع ما كان في نظامه من فساد و محسوبية و تحجر واستبداد و عدم اتصال بالتونسيين و بالرغم من كل ذلك استطاع تسيير البلاد 23 سنة .
اليوم الوضع أفضل بكثير، اليوم نتحدث عن ساسة بمستوى دكتوراه و مهندسين و محامين و ... اليوم من سيحكم هو من أبناء الشعب، ويخشى الله فينا، اليوم هناك شعب يقض.
اليوم نحن أمام حقيقة هي أن الفساد إلى زوال شاء من شاء و أبى من أبى في جميع المجالات، وأن احتكار السلطة من فئة قليلة لا تمثل الأغلبية قد انتهى، و أن الإعلام الخشبي المنغلق و المتحجر الذي يصيب التونسيين بالأمراض المزمنة، بسبب نشره للكراهية و الحقد و الإقصاء، سيتغير ليصبح حياديا، لا ينحاز إلا لمصلحة الوطن لا إلى الإيديولوجيات المندثرة تحت جدار برلين.
اليوم نحن أمام حقيقة بأن مسألة الهوية هي في صميم برامج حزبين من بين الأحزاب الثلاثة التي ستحكم، و تعلمون أننا لو تخلصنا من أزمة الهوية، سيتفرغ التونسيون بعدها للبناء و سيتجنبون النقاشات البيزنطية التي تؤخر و لا تقدم و تفرق و لا تجمع، و تهدم ولا تبني.
و في كل الأحوال فلسنا وحدنا الذين نعاني أوضاعا اقتصادية غير مستقرة، أنظروا إلى من حولنا، سواء عند جيراننا العرب في شمال إفريقيا، أو جيراننا في شمال المتوسط من اليونان إلى اسبانيا مرورا بايطاليا و فرنسا، كساد و تشاؤم أسوء بكثير من الذي نعانيه.
لذلك فإني متفائل بغد أفضل لكل التونسيين، فالفترات الانتقالية لا تدوم، و الصدمات بين اليمين و اليسار ستنتهي عندما يجلسون للحوار مع بعضهم و سيزول الخوف و تصبح العلاقات طبيعية، عندها نبني تونس التي نحلم بها جميعا
كريم السليتي
خبير بمكتب استشارات دولي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: