البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

لماذا رفضت الأقلية النخبوية قبول نتائج الانتخابات

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9196 karimbenkarim@yahoo.fr


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


إنّ من أبسط قواعد الديمقراطية هو احترام الأغلبية لحقوق الأقلية في الاختلاف، و كذلك قبول الأقلية لإرادة الأغلبية و الالتزام بها.

لكننا في تونس لم نكن واثقين تماما من قبول ما يسمى بالأقلية النخبوية ممثلة أساسا في الفرنكفونيين ذوي التوجهات المتطرفة التي تتبنى التوجه الانسلاخي عن الهوية العربية الاسلامية، لإرادة عموم أفراد الشعب التونسي و لما أفرزته الانتخابات التأسيسية. و سبب التوجس من هذه المسألة يعود إلى خمسة أسباب أساسية وهي:

أولا:سيطرة الأقلية النخبوية على ميادين بعينها كالفن و الاعلام و جزءهام من التعليم العالي و الادارة، بالاضافة الى بعض الميادين الاقتصادية الأخرى. وهذا ما يعطي هذه الأقلية سلطة اعلامية لا يستهان بها في حال رفضها لارادة الأغلبية الشعبية.

ثانيا:النظرة الفوقية لهذه الأقلية لعموم الشعب التونسي، و عدم ثقتها بإخياراته و التي قد تختلف تماما عن الايديولوجيات التي تسيطر على هذه الأقلية.

ثالثا:التصريحات التي نسمعها من حين لآخر من قبل بعض الشخصيات من هذه الأقلية و التي تعبر عن رفضها اما العمل مع القوى التي تتبنى نهج الهوية أو تهديدها حتى بمغادرة البلاد في صورة فوز غريمها. و المظاهرة الهمجية التي تمت أمام قصر المؤتمرات للتنديد بنتائج الانتخابات قبل اعلانها.

رابعا:استعمال المال السياسي خاصة داخل الاوساط الشعبية و بالجهات المحرومة قصد التأثير على الناخبين البسطاء و شراء أصواتهم والذين عادة ما يفضلون التوجه التونسي الأصيل على التوجه التحرري من الضوابط الاجتماعية و الأخلاقية. ومحاولة التأثير على الطلبة ايديولوجيا و ترهيبهم من الهوية و تصوير الانهزام الحضاري على أنه تفتح و حداثة

خامسا:المحاولات التي لا تنتهي للحد من سلطات المجلس التأسيسي تارة بالمبادرة المواطنية و طورا بميثاق المسار الديمقراطي، و محاولة اعادة طرحهما بعد الانتخابات.

كل هذه العوامل تدل على قلق كبير داخل النخبة الفرنكوفونية الاستئصالية المتطرفة ( و الممثلة أساسا بالقطب الحداثي الذي أثبتت الانتخابات أنه لا قطب و لا حداثي بالنظر للنتائج الهزيلة التي حصل عليها مقارنة بالامتيازات في التغطية الاعلاميةالتي حصل عليها،ورفضه لنتائج الانتخابات) و التي تخشى أن تفقد سيطرتها على ميادين الاعلام و الفن و التعليم والادارة و غيرها. كما يمكن أن تفقد الأولوية التي كانت تتمتع بها، زمن الديكتاتورية، في مجالات التشغيل و بعث المؤسسات و الحصول على التمويل و الصفقات العمومية و اسناد مقاسم الارض و... و... لتحل محل هذه السيطرة ارادة شعبية تكرس العدالة و المساواة بين جميع التونسيين. كما أن قلق هذه النخبة نابع من خشيتها أن تفقد الامتيازات التي كانت تتمتع بها زمن الرئيس المخلوع خاصة في ما يتعلق بغياب المساءلة و المحاسبة، حيث كانت النخبة الفرنكفونية تحظى بمنزلة المواطنين من الدرجة الأولى مقابل بقية يُعتبرون مواطنون من درجة ثانية أو ثالثة اذا تعلق الامر بأبناء الجهات الشعبية و الداخلية الفقيرة.

القلق العميق أيضا لهذه النخبة من أن يتم وضع ضوابط لبعض مظاهر الانحلال الاجتماعي و الأخلاقي بحيث تصبح الدولة أكثر حرصا على تطبيق القانون خاصة بالنسية للسياقة تحت تأثير الكحول و العلاقات الخنائية العلنية، و الخيانة الزوجية و المراودة و العنف اللفظي، والفساد المالي و الاداري و التهرب الضريبي.

كما أن أجواء الحرية التي تنعم بها تونس اليوم، لم تكن في صالح الأقلية النخبوية حيث صاروا يسمعون اصواتا أخرى تختلف تماما عن توجهاتهم، و يرون مظاهر لا تعجبهم كنتاج لتبدد مناخ الخوف و خاصة فيما يتعلق بإنتشار الحجاب و الملتحين و امتلاء المساجد بالمصلين من مختلف الأجيال. و قد لوحظ أنه لا يكاد يبث برنامج تلفزي أو اذاعي أو حوار صحفي مع أحد أفراد الأقلية النخبوية الا و يبدي قلقه و أسفه العميق لإنتشار مظاهر التدين و عودة العفة للمجتمع حيث يعتبر ذلك رجعية و ظلامية و ابتعادا عن جوهر الحضارة الغربية الحديثة. و قد جعلت كثرة هذه التصريحات المواطن التونسي يتساءل عن مدى مصداقية النخبة "الحداثية" حيث يطالبون بحقوق "الشواذ" و ينتقدون و بشدة حرية "التدين" والتي تعتبر من أبجديات الحرية بالنسبة للأفراد.

ان انتخابات المجلس التأسيسي و مايحدث بعدها كان اختبار حقيقي لمدى وطنية الأقلية النخبوية. فهم لم يقبلوا بالنتائج بكل روح رياضية ، عكس ماكانوا يروجون قبل ذلك. كما أثبتوا أنهم غير مستعدين للتخلي عن صفة "مواطن فوق العادة" و يتساوون مع جميع فئات شعبنا، هم لم يقبلوا بحق الاختلاف والخضوع للنتائج الانتخابات المنبثقة عن ارادة الشعب .

بعد ردة الفعل العنيفة لما يسمى بالقطب الحداثي و رفضه لارادة الشعب في انتخابات شهد كل العالم على نزاهتها و شفافيتها، أثبت هؤلاء أنهم غير وطنيين و أن الدروس التي أوجعوا رؤوسنا بها في قناة نسمة و حنبعل و الاذاعات و التلفزات الوطنية و التي كادت أن تكون حكرا عليهم خلال التسعة أشهر الماضية، لم تكن سوى تنظير حيث أنهم و في أول امتحان فشلوا في اثبات أنهم ديمقراطيين و منفتحين و يقبلون ارادة الشعب و حق الاختلاف.

لقد أثبت القطب "الحداثي" أنهم رواد الفكر الواحد المتسلط و المتزمت للايديولجيا الاقصائية. و أثبتوا أنهم مفلسون شعبيا و أنهم لا يمثلون الا أنفسهم، و أن الشعب لفظهم، و كره طرحهم و توجهاتهم التي لا يختلف اثنان أنها لا تعدوا أن تكون تقليدا أعمى للغرب ليس في التقدم العلمي و الاقتصادي بل في جوانب الانحلال و التحرر من القيم الاجتماعية و الروابط الاسرية و الأخلاقية. و لكننا كتونسيين نقول لهذه الأقلية نحن نقبل بكم بيننا، فاحترموا خياراتنا.

كريم السليتي
خبير بمكتب استشارات دولي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، المجلس التأسيسي، الحداثيون، الحداثة المزيفة، نتائج الإنتخابات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-10-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - محمد بن موسى الشريف ، منجي باكير، محمد عمر غرس الله، فتحي العابد، طلال قسومي، سامر أبو رمان ، عواطف منصور، سفيان عبد الكافي، عزيز العرباوي، محمود فاروق سيد شعبان، كريم فارق، د. صلاح عودة الله ، حسن عثمان، أنس الشابي، د. عادل محمد عايش الأسطل، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رشيد السيد أحمد، محمد الياسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الناصر الرقيق، عبد العزيز كحيل، تونسي، وائل بنجدو، عراق المطيري، أحمد ملحم، سليمان أحمد أبو ستة، صباح الموسوي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد الحباسي، صلاح الحريري، إيمى الأشقر، إياد محمود حسين ، نادية سعد، د- هاني ابوالفتوح، سلوى المغربي، محمود سلطان، محمد الطرابلسي، صفاء العربي، المولدي اليوسفي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فوزي مسعود ، عبد الله الفقير، عبد الغني مزوز، علي الكاش، بيلسان قيصر، د - محمد بنيعيش، أحمد بوادي، ضحى عبد الرحمن، عبد الرزاق قيراط ، جاسم الرصيف، سعود السبعاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمد رحال، المولدي الفرجاني، عبد الله زيدان، د. طارق عبد الحليم، فهمي شراب، فتحـي قاره بيبـان، د- محمود علي عريقات، مراد قميزة، عمر غازي، مصطفى منيغ، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، محمد العيادي، محمد يحي، طارق خفاجي، رافد العزاوي، حميدة الطيلوش، صفاء العراقي، رافع القارصي، يزيد بن الحسين، د - المنجي الكعبي، الهادي المثلوثي، أحمد النعيمي، يحيي البوليني، الهيثم زعفان، د. أحمد بشير، د.محمد فتحي عبد العال، سلام الشماع، محمد أحمد عزوز، د - شاكر الحوكي ، محمد اسعد بيوض التميمي، إسراء أبو رمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مصطفي زهران، صلاح المختار، أ.د. مصطفى رجب، خالد الجاف ، د - صالح المازقي، فتحي الزغل، د - مصطفى فهمي، د. عبد الآله المالكي، عمار غيلوفي، د. أحمد محمد سليمان، حاتم الصولي، محمد شمام ، حسن الطرابلسي، محمود طرشوبي، ماهر عدنان قنديل، مجدى داود، محمد علي العقربي، رضا الدبّابي، صالح النعامي ، رمضان حينوني، محرر "بوابتي"، كريم السليتي، أبو سمية، د - الضاوي خوالدية، د- جابر قميحة، أشرف إبراهيم حجاج، سيد السباعي، ياسين أحمد، العادل السمعلي، د - عادل رضا، رحاب اسعد بيوض التميمي، علي عبد العال،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء