لماذا إصدار مرسوم تنظيم مهنة المحاماة في هذا الوقت بالذات؟
القاضي مراد قميزة - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9119
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صدور المرسوم المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة في هذا الظرف ليس من باب التحدي للقضاة الذين رفضوا تمريره او لغيرهم من مساعدي القضاء والمهن الذين يعتبرونه تعد صارخ على اختصاصاتهم وحقوقهم، فالحكومة بقيادة السبسي ليست غبية الى هذا الحد لتسقط في تحديات هي في غنى عنها او لتثير غضب بعض القطاعات وتفتح الباب لاحتجاجات قد تتسبب في تأجيج الشارع.
هذه الحكومة تدرس جيدا أوضاع الساحة السياسية والوطنية وتقيم التحركات والاحتجاجات تقييما صحيحا ثم تناور لإفشال كل تحرك يهدد وجودها. هذه المرة أيقنت حكومة السبسي ان الكثير من الأحزاب والجمعيات والحقوقيين وخاصة القضاة والمحامين جمعهم مطلب وحيد وهو استقلال القضاء وهي تعي جيدا أن وجود القضاة والمحامين في الصفوف الأولى للمحتجين جنبا إلى جنب، يجعل التحرك قويا وفعالا ويشجع كل الأطياف للوقوف إلى جانبهم، فيشكل بالتالي خطرا محدقا يجب التصدي إليه وإحباطه، فأخرجت ورقة كانت تحتفظ بها منذ شهر جوان على مكتب الرئيس المؤقت المختص في الإمضاء على كل ما يقدم إليه، وهذه الورقة هي المرسوم المتعلق بمهنة المحاماة الذي صادقت عليه حكومته في وقت سابق وتم ختمه من رئيس المراسيم ونشر بالرائد الرسمي والحكومة بالطبع تنتظر ردود أفعال مرتقبة ومتوقعة منها ان لم نقل مخطط لها.
ينتظرون أن يثير هذا غضب القضاة ويطالبوا هياكلهم بالتحرك والاحتجاج فيحصل في البداية انشقاق يبن القضاة والمحامين فيتفرقوا وتتفرق تحركاتهم ويضعف ضغطها وجماهريتها ثم تركب النقابة كالعادة على الحدث لتوظيفه في نضالية خداعة تزيد في شعبيتها لدى القضاة، مقابل إضعاف الجمعية فتتولى إصدار البيانات المنددة والتلويح بالإضراب وحتى الدعوة له في ثورية مصطنعة لا تخرج إلا في أوقات معينة ووفق رزنامة مبرمجة بدقة في كواليس وزارة اللاعدل ، وفي هذا الخضم يبقى القضاة حبيسي المزايدات والصراعات الداخلية ويقبر موضوع تطهير القضاء واستقلاليته . اما المحامون فهم كذلك ستشق صفوفهم لان الكثير منهم وهم المناضلون اليوم يرفضون طريقة تمرير المرسوم ويعتبرونها عار على تاريخهم النضالي وعلى وقفتهم الشجاعة ايام الثورة مع ابناء الشعب وقد كانونا صوتوا ضد المشروع وقاطع التصويت اغلبية منهم .وهكذا تتحول الاسرة القضائية الى حلبة صراع بين قضاة ومحامين وقضاة وقضاة ومحامين ومحامين ولا تطهير ولا استقلالية.
لقد أزعجتهم كثيرا مسألة إعداد قوائم الفاسدين ومطالبة المحامين وجمعية القضاة باستلام القوائم التي عثرت عليها لجنة تقصي الحقائق في قصر المخلوع ويريدون إسكات هذه الأصوات بأي ثمن.
فحذار يا قضاة من السقوط في الفخ ولا تتخلوا عن مطالبكم ولا تقعوا في شراك النقابة انها سم زعاف ، ولا بديل عن مطلب التطهير واعادة الحركة ولو بمجلس تنتخبونه انتم رغما عن انف الحكومة ووزارة اللاعدل، ولا بديل عن ادخال نفس جديد على القضاء بقضاة مستقلين في مراكز القرار والنفوذ.
وحذار يا محامين ان تغركم المكاسب القطاعية وتتخلوا عن مواقعكم النضالية ولا تقبلوا هذه الهدية المسمومة من حكومة تلتف على ثورة الشعب التي كنتم في صفوفها الاولى ولا تنسوا ان التاريخ كما سجل لكم شرف قيادة الثورة سيسجل عليكم عار التخلي عنها ان اخجلتكم هدية السبسي وكونوا جنبا الى جنب مع القضاة لاستكمال المسار الثوري الذي اخترتموه منذ البداية
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: