"يجب على الشعب أن يتحرك": لايكفي وجود المشاكل وإنما يجب الوعي بها
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 583 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هناك صيغ كلامية وظيفية فارغة المعنى لكنها تستعمل لإنشاء أوعية الحديث أي قول كلام يقع المساهمة به في مساحات الثرثرة، لأنه كلام إن تأملناه وجدناه ألفاظا لا يمكن التوقف عندها لخلوها من المعنى
ونموذج ذلك مايردد كل مرة بما معناه: الشعب يجب أن يتحرك، لماذا التونسيون لايقاومون الانقلاب، لماذا لا ينتفض الناس
يعني، مالمقصود أن يتحرك الناس، هل يراد بذلك مثلا:
أن يقوم أحدهم صباحا وعوض أن يذهب للحقل أو للمصنع حيث يشتغل، يقرر الذهاب للشارع للقيام بتظاهرة
أو عوض أن يذهب المدرّس لمدرسته أو لمعهده أو لجامعته، يقرر أن يخصص ذلك اليوم للذهاب أمام احدى المقرات السيادية للسلطة السياسية
وهل سيحدث ذلك أثرا بحيث يغير الواقع
-----------
هذه التصورات عن الفعل الشعبي يستحيل أن تقع، وهي أساسا لم تقع بهذه الطريقة عبر التاريخ، لأن الشعوب لا تتحرك هكذا
رغم أن الأحداث والثورات الكبرى عبر التاريخ تنجزها وتنفذها الشعوب وهي التي تقدم التضحيات، فإن هذه الأغلبية العددية أو الجموع، لا تتحرك إلا كتابع لقرار سابق دعاها للفعل، لذلك الجموع هي من زاوية ما قطيع يأتمر بآراء فرد أو أفراد أقلية تملك الفكرة المنتجة للفعل
أي أن الجموع نسبة للزمن هي عامل تنفيذ وليست عامل تقرير، ونسبة للفكرة هي عامل استهلاك وليست عامل ايجاد
الشعوب تتحرك بعد دعوة يوجهها لها من يملك الفكرة المحركة، ودور تلك الجموع هو تنفيذ تلك الفكرة
لا يمكن أن تطلب من الجموع التحرك وهي أساسا لاتملك فكرة تأطيرية توحدها، لأنه لايكفي المعاناة وعيش المشاكل، إذ مايحرك الناس ليس معاناتهم ووجود المشكل وإنما الوعي بذلك، وبسبب هذا التفصيل يمكن أن يعيش الناس دهورا تحت وطأة المشاكل والتحكم والقهر حد التأقلم والتسليم بها فلا يثورون ضدها وذلك لغياب الوعي بمشاكلهم
لكن الوعي درجة ذهنية تتطلب إدراكا ومستوى تجريدي كبير لايتأتى الا لمجموعة تملك القدرة على توليد الفكرة المستلهمة من مشاكل الواقع، وهم عموما محركو الثورات والمحرضون عليها
--------
ما أقوله كلام يصح عبر التاريخ وليس مختصا بتونس ولا بواقعنا الحالي
فنحن نعرف أن في عهد الإسلام الأول كان زعماء القبائل يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون ثم يرجعون وقد أسلم منتسبو قبائلهم، أي أن أمرا حميميا كتغيير الدين اتخذ بتأثير فكري من أحدهم
وقس على ذلك الاحتجاجات و"الثورات" في التاريخ الإسلامي بدءا من تنازع الصحابة في أول الإسلام، مرورا بتمردات من سموهم الخوارج ثم تكوّن الدولة العباسية ثم تكوّن الدولة الأموية بالاندلس وصولا للعصر الحديث حيث ثورة البلاشفة والثورة الماوية والثورة الإيرانية
فهذه كلها كانت أحداثا أطلقها فرد أو ثلة أفراد، ثم تبعتهم الجموع بعد ذلك، وهي التي قدمت الدماء والأرواح
--------
إذن دعوات الشعب للتحرك، كلام أولا لامعنى له، وثانيا يعكس تصورا بدائيا لفعل تغيير الواقع
من يريد أن يغير الواقع عليه أن يؤسس لمنظومة فكرية جذرية يمكنها تثوير الناس من خلال إنتاجها طاقة يتجمعون حولها
التونسيون كانوا دائما يقدمون التضحيات، ولكنها كانت تضحيات من دون نتيجة بسبب فساد أو ضعف المشروع الفكري الذي تحركوا واستظلوا به
إذن يجب انتاج الفكر الثوري الجذري ثم تحريض الناس، مما سيحركهم بالضرورة ولو بعد حين
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
24-02-2024 / 20:11:29 غسان علي
التغيير من اجل النكوص
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط هو الوعي الطبقي ،اي التقاء المصلحة هو الذي يجعل الفرد يلتزم بامور الجماعة ،ودون ذلك تبقى فقط مناوشات وتعاطف هش لا يلزم الأفراد بالالتزام بالقضايا التي يمكن النضال من اجلها ،وواقعنا العربي اجهضت فيه محاولات التغيير انطلاقا من خصوصياته ،فالفئوية هي السائدة،بل وحتى النخبة المثقفون التي يراهن على قيادتها لاي تغيير هي هجينة ،بل وفي اغلبيتها متواطئة اما مع جهات خارجية أو مع السلطة ،وبالتالي فمشروعوالتغيير مشروع فاشل ،اضافة الى وجود جحفل من حماية الأنظمة يتمثل في المحافظين ،وخصوصا الاسلامويين وما يمثلونه من حربائية تشل اي تحرك واي تغيير ...
24-02-2024 / 20:11:29 غسان علي