فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 305 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أعيد تناول هذه المسألة رغم وضوحها لانه يعترضني كل مرة من لايفرق بين الإثنين
أن يكون أحدهم دكتورا في بحث حول زراعة الزيتون المهجن مثلا أو دكتورا في اللغة أو في الفقه، ذلك لايجعل من آراء ذلك الدكتور في السياسة أو في خطر التبعية وأهمية الهوية وغيرها من المواضيع الفكرية متميزة، فقد تكون بمستوى آراء إحدى جداتنا
سبب ذلك أن الشهادة العلمية تتعلق بالمعارف أي بالمعاني الثابتة المعلومة، بينما الآراء والمواقف عموما تتعلق بالفكر أي معاني مجهولة تحتاج سعيا لانتاجها وهو ما لاعلاقة له بالمعارف
لذلك فإن الواقع لايغيره أصحاب المعارف وإنما أصحاب الأفكار، إذ أصحاب المعارف يلتزمون بالموجود ويتحركون بضمنية تسليم بصوابية الإطار الواقع ولا يعارضونه ولا يشككون به، وإنما يكون هدفهم الاقناع بالموجود وتبرير أسسه التصورية الاولى
وإن وجد صاحب معرفة شذّ عن هذه القاعدة فهو إنما تحرك ببعده الفكري وليس ببعده المعرفي
بهذا المعنى فإن أصحاب المعارف لا يجب أن ينظر اليهم في مستوى انتاج الفكر باعتبار قيمتهم المعرفية، لانهم سيعيدون إنتاج الإطار التصوري الذي أوجد قيمتهم واعطاهم شهاداتهم المعرفية، وان انتجوا فكرا فهو لاعتبار غير المعرفة
وعليه فإن من يريد فعلا تغييريا للواقع ويسعى في ذلك لاساتذة الجامعات إنما يقوم بفعل عبثي، لأن أولئك أولا ليسوا منتجي فكر وأنت تبحث عن الفكر وثانيا فإن هؤلاء سيعيدون الاقناع بما تلقوه أي ماهو موضوع تغيير
بعض أمثلة ذلك أن عموم قادة التغيير الجذري أي الثورات لايكونون أصحاب معارف متقدمة، لأنهم يتحركون من خارج منظومة التشكيل الذهني
بينما المجتمعات المستقرة يكون القادة عادة من أصحاب المعارف لأنه لايحتاج للفكر وإنما يحتاج للانضباط بالموجود
الخلاصة في حالة التغييرات الكبرى أي الثورات يحتاج لأصحاب الفكر (وقد يكون ذا شهادة معرفية لكن ذلك ليس شرطا) لا أصحاب المعارف، بينما في حالات الاستقرار فإنه يحتاج لأصحاب المعارف