وجوب إعادة تعريف بعض المفاهيم والمصطلحات: مفهوم الدين
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 275 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
علينا إعادة النظر في العديد من المفاهيم وفي المصطلحات، وعدم القبول بالتحديدات السائدة من تلك التي تضخها أدوات التشكيل الذهني خاصة جامعاتنا شق الانسانيات التي تعتبر حواضنا لتفريخ مجهود الإقناع بالتبعية العقدية والفكرية للمغالب الغربي
لأن المصطلح وعاء لغوي ذو حمولة معرفية تدور وجوبا في أفق مركزية عقدية ما، و لاتوجد مصطلحات محايدة سائبة (*)
إذن من شروط تحررنا من الخضوع للمركزية الغربية، هو التحرر من الخضوع الذهني لأوعيتها المفهومية ومنها المصطلحات كمصطلح استعمار الذي يمثل القبول به، قبولا بعلوية الرجل الأبيض وموافقته على أدواره الاعمارية الحضارية المزعومة من خلال سيطرته على الغير طيلة القرون الفائتة
ثم إن بعض مايجب إعادة النظر في معانيه، مفهوم الدين، إذ الدين بالمفهوم الحالي مما يدرس في معارف الإنسانيات (تسمى علوما) بجامعاتنا ليس الدين كما يفترض أن نفهمه باعتبارنا مسلمين
هم يروجون للدين بمعنى تجربة بشرية غرائبية، في أفضل حالاتها أنها فعل ثقافي، لذلك تؤسس في جامعاتنا تلك، مخابر باسم "الظاهرة الدينية"، مما يحيل للدين كفعل بشري ثقافي، وهي كلها معاني مشتقة من هذا الفهم للدين المقتبس من تصورات المركزية الغربية
بينما يفترض أننا كمسلمين، الدين له معاني أخرى أوسع من ذلك، الدين في فهمنا هو باختصار مركزية عقدية ضابطة وموجهة لكل مساحات الواقع بل لما بعد الواقع
فالدين لدينا إذن يوازي المركزية الغربية وليس يوازي المسيحية
والنظر في تجربة التدين لدى المسلم عمل يوازي النظر في فعل الممارسة السياسية أو الثقافية أو الحربية لدى الغربي، لأن الدين لدى المسلم هو منظومة تؤطر كل الحياة
لكن جامعاتنا لا تؤسس مخابرا للنظر في النشاط السياسي والثقافي والحربي لدى الفرد المسلم، لأنها تفهم الدين أنه تصورات طقوسية ثقافية، ولو كانت تفهم الدين كما يدركه المسلم، لما كان هناك مبرر لوجود تلك المخابر المريبة المحدثة بأثر النقل عن المغالب
لكن المنظومة التصورية الغربية ورافعو راياتها المتحكمون في جامعاتنا لايقبلون بذلك، فهم لايستوعبون أن الاسلام مركزية عقدية مثل المركزية الغربية وليس تجربة تدين فردي كالمسيحية لديهم، ويوافقهم في فهمهم الضيق هذا، الضحايا ممن لدينا أولئك الذين خضعوا لآليات الصياغة الذهنية بجامعاتنا
لايجب أن نتوقف عند أي مسلمات مفهومية، لأن اللاماديات تخضع وجوبا وتشتق من مستوى تصوري أعلى هو المركزية العقدية، وعلينا أن نكف عن توهم وجود مفاهيم إنسانية وقيم كونية
هذه فرضيات غير سليمة، تعمل على إدامة دوراننا في أفق المركزية الغربية وثنينا عن النظر في المسلمات المفهومية والاصطلاحية
علينا النظر المعمق في المفاهيم والمصطلحات كمقدمة لكسر القيود التي تشدنا للمركزية الغربية منذ عقود