الوهم حينما يستبدّ بالمشتغلين بالثقافة والفكر: أدونيس ومدرسو الفلسفة بالجامعة التونسية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 373 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الوهم يمنع رؤية الحقيقة الموضوعية، من خلال تكوينه حاجزا يمثل نظارة سميكة تعطل عمل الذهن
الوهم يمكن أن يتحكم في عموم الناس ممن يتخذ الشيوخ والزعماء أربابا، لكنه يغشى أيضا أولئك الذين يشتغلون في مساحات الثقافة والأدب والفلسفة
------
رأيت بعضهم يعيد نشر ما قُدّم أنه قصيدة جديدة ل"أدونيس"، ثم يُحتفى بها ويعلّق حولها ويتداولون حول "المعاني العميقة والأفاق الإنسانية العليا" لما تحتويه، في تحرك يوحي بالحذر والأناة والتهيّب من تلك القصيدة، بما يكاد يشبه الفعل الطقوسي مما يذكرنا بطقوس المريدين مع شيوخ الصوفية ودراويشهم
الآتي من خارج حلقات المريدين تلك ممن لايحمل نظاراتهم ولا يلزم نفسه بسقف مسبق من التقييم المعياري، لايمكنه إلا أن ينظر موضوعيا، وهو إن فعل وجد تلك القصيدة كلاما مبهما لا هو بالشعر ولا هو بالفكر وإنما هو كلام سائب يقرب للخواطر والتأملات، ثم هو كلام لايمكنه أن يكون بذلك القدر من الرفعة مما توهمه أولئك المسرفون في التعامل مع قصيدة أدونيس تلك
وإنما هو الوهم حينما يتخذه البعض نظارة فيكون مصادرة تلزمك باستحضار التقييم المعياري المتميز قبل أن تنظر في موضوع التقييم
------
ثم إني كنت فترة ما مشتركا في مجموعات فايسبوكية تعنى بالفلسفة
وقد جلب انتباهي مرة احتفاؤهم بأحدهم فهمت أنه من كبار مدرسي الفلسفة بالجامعة التونسية لقبه التريكي أو التركي، وهو -كما يبدو- عَلَم لدى طلبته ممن يحمل نظارة التقييم المعياري الرفيع المسبق
فرأيت -أنا الذي لايحمل تلك النظارة-، ما نشره كلاما من حيث شكله وصياغته (قبل المرور للمحتوى)، مضطربا يوحي بغياب فكرة ناظمة ومنهج لدى كاتبه
ثم حدث أن قرأت اليوم مقالا نشره مدرس الفلسفة بالجامعة التونسية ذلك، وكان مقالا بإحدى الجرائد
وكان انطباعي الجديد داعما لما كونته حوله من قبل مما عرفته عنه في تلك المجموعة الفلسفية
كلام فضفاض ومصادرات ومسلمات تطلق هكذا سائبة و أفق ايديولوجي نمطي يشتكي من "الظلامية"
---------
و كنت مرة من قبل أيضا قرأت لإحداهن تشتغل هي أيضا مدرسة الفلسفة بالجامعة التونسية، قرأت لها بصفحة تحتفي بها، مقتطفا من إحدى كتبها، وعلقتُ أن هذا الكلام يقرب للحشو، يكاد ينعدم فيه المنهج والترتيب الذهني حيث المصادرات والنمطيات الجاهزة والمسلمات وتغيب البرهنة
فغضب بعض أولئك المتابعين، وتم حظري
-------
إذن الوهم حينما يتعامل به في مساحة الثقافة والفكر يصبح خطرا كبيرا لأنه يمثل طريقا مفتوحاً للمسلمات ويحجز النقد ويمنعه وينتهي لتكوّن الصنميات الفكرية