الهشاشة النفسية لدى التونسيين تمنعهم من تحمل المسؤولية ومن الفعل
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 345 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الناس لكي يكونوا أصحاب قضايا عليهم أن يكونوا ذوي مسؤولية، وهذا أمر يتطلب حدودا دنيا من صفات إيجابية في الشخصية منها الثقة بالنفس ووجود إنجازات في الحياة وتوفر إطار عقدي يضبط الفرد يجعله ثابتا زمنيا من حيث بنائه النفسي
بفعل عمليات التهشيم والإذلال النفسي التي تعرض لها التونسيون طيلة عقود من الاخضاع الذهني من طرف منظومة فرنسا التي حكمتنا، تم إنتاج فرد ينقصه البناء التصوري القادر على أن يكون من خلاله مسؤولا في مستويات معينة مما يعنينا في موضوعنا، فضلا أن يتحمل قضايا من نوع الم.قا.ومة وإدراك خطر فرنسا
لذلك نلاحظ نوعا من الوجوم والبهتة لدى عموم الناس حينما تتحدث معهم عن مواضيع تتعلق بأفكار متعالية
عموم الناس من التونسيين تعاني من نوع من الهشاشة النفسية وفقدان الثقة بالنفس بدرجات كبيرة، ومؤشراتها يمكن بيسر تتبعها على شبكات التواصل الإجتماعي حينما تجد هؤلاء يستجدون التعاطف أو الشكر والإشادة أو طلب البروز والتمجيد من الغير من خلال توظيف مناسبات خاصة كموت (1) أو نجاح فرد قريب أو زواج أو سفر، أو شراء سيارة أو أكل بمطعم، وعموم المناسبات التي يبرز فيها الفرد بنوع من التمايز الاجتماعي، فتجدهم يسارعون لإشهار ذلك على العموم كفعل يريدون من خلاله انتاج أهمية متوهمة لذواتهم يحاولون بها إسكات ما يستشعرونه من فراغ وفقدان رصيد للقيمة الذاتية يغالبهم ويحثهم على الفعل فلايستطيعون
فهي كلها مناسبات خاصة تافهة لكنها توظف بقوة من الفرد يستدعيها شعور لديه يغرقه في أحاسيس فقدان التقدير الذاتي وانعدام الانجاز
هذا دليل على أن جزءا من الشعب يعاني ومثل هؤلاء لايستطيعون أنواع الفعل الذي يتطلب المستوى الذهني المتميز وبناء شخصيا بحدود دنيا من الصلابة، وهذا نوع من التهتك النفسي نتيجة فعل أدوات التوجيه والقصف الذهني التي صيّرت التونسيين لما هم عليه من تيه وانبتات وقلة القيمة الذاتية، أوصلتهم لطريق التفاهة والإغراق في الهوامش والسعي اللامتناهي في ركض محموم وراء اهتمامات موهومة لا يمكن إشباعها
لذلك أعيد القول أن مشاكلنا تصورية ذهنية، وأن حالنا لن يستقيم إلا باستنقاذ التونسيين من أسر أدوات الإخضاع الذهني التي تدور في مجال مفاهيمي مغالب يتحرك في أفق المركزية الغربية
علينا التحرر من منظومات التشكيل الذهني تلك (تعليم، تثقيف، إعلام) بتفكيكها وطرد منتسبي فرنسا ممن يديرها منذ عقود، ثم ارساء منظومة تشكيل أخرى تدور في أفق المركزية الاسلامية تصبح هي منبع ضخ المعاني في التعليم والتثقيف والإعلام
--------
(1) ليس بالضرورة كل من أعلن عن موت قريب هو من هذا النوع من الأفراد، وإنما يكون ذلك حينما ينضاف لمؤشرات أخرى