اقتداء ب"حماس": لماذا لا نطور موقفنا من فرنسا لعمليات مقاومة ضدها
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 361 محور: تفكيك منظومة فرنسا
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عموم ردودنا عما تنجزه المقاومة بقيادة "حماس" لا تجاوز الانفعال العاطفي مما يقرب لانفعالات تشجيع الفرق الرياضية، فهي نشوة سرعان ماتتلاشى ولا تترك نتيجة في سلوكنا ولا تنتج تأثيرا في واقعنا
وسبب ذلك أننا نتعامل مع فعل المقاومة كأحداث سائبة وليس كمسألة فكرية لها خلفية وامتداد وسياقات
تقدير فعل المقاومة ل"حماس"، يفترض تناوله بعمق ومن زوايا عديدة، ولو فعلنا فإننا سنجد أن نجاح فعل المقاومة لدى حماس كان بسبب :
- عدم القبول بالواقع في مستوى تأسيساته التي لم يساهموا في إيجادها وإنما كانت واقعا فرض نتيجة غلبة الطرف المحتل، ففعلهم يعني عدم القبول بالموجود وكون أمرا ما موجودا، لايجعله سليما علينا القبول به
- عدم القبول بالطرف الذي روج له المغالب، أي ما يمكن تسميتهم منتسبي المحتل وهم جماعة "فتح" و"عباس"، فكون طرفا ما له أسبقية العمل السياسي والتحكم في الواقع لايجعل منه شرعيا
من زاوية أخرى، يمكن فهم الواقع الدولي الحالي أنه بصدد التشكل في مايشبه الحقبة الجديدة، وأن رفض ما وقع فرضه علينا من طرف القوى الغربية منذ أكثر من قرن بصدد الزوال، فإ س ر ئ يل ذاتها نموذج للغلبة الغربية لأنها كانت عينة للتمدد الغربي في بلداننا، وهاهي بصدد التراجع
يمكن التذكير بنماذج أخرى تحركت فيها شعوب لرفض التواجد الغربي وطردته من بلدانها، وهي انتفاضات بلدان جنوب الصحراء الإفريقية لطرد الفرنسيين من أراضيهم واقتحاماتهم للمقرات الفرنسية
ويمكن كذلك التذكير بالمقاومة الافغانية وأنها انتهت بطرد المحتل الامريكي، أي أن رفض الواقع رغم ضعف احتمالية تغييره، لم يمنع من تغييره
وهذه كلها موجات لتفكيك ما بقي من التحكم الغربي في بلداننا
فلماذا لا نساهم نحن كذلك ونشترك في موجة المقاومة والتمرد هذه على واقع الإخضاع الغربي الذي نعيش تحته منذ عقود ممثلا بأسوأ نماذجه وهو التحكم الفرنسي، فننهي كل ذلك
---------
ما أقوله ينبني على الفرضيات التالية:
- أن تونس تتحكم فيها حاليا فرنسا من خلال منتسبيها الذين يتبنون المركزية الغربية المغالبة ويتخذون فرنسا قدوة، ومنتسبو منظومة فرنسا هؤلاء كانوا أولا ماسمي نخب الاستقلال ثم أصبحوا من نعرف أولئك المتحكمين حاليا في مختلف أدوات التشكيل الذهني من تعليم وتثقيف وإعلام، وشبكات اقتصادية مصلحية
- أن واقعنا الحالي ليس وضعا سويا وأن ما يحكمنا ومن يحكمنا طوال عقود ما بعد ما سمي استقلالا وضع فاسد يجب أن ينتهي بفعل تحرري
- واقعنا الحالي في مستواه التأسيسي التصوري العقدي والفكري، لم نساهم في تسطيره وإنما قررته فرنسا إما مباشرة أو ضمنيا من خلال منتسبيها الذين نشأتهم ورعتهم ثم سلمتهم حكم تونس، فواقعنا في مستوى بنائه العقدي الذي يدور حاليا في أفق المركزية الغربية المغالبة، يجب أن يرفض لأنه فرض علينا ولم نختره ولم نقرره
- نحن تتحكم فينا منظومة معقدة تنتهي لخدمة مصالح فرنسا اللغوية والثقافية والإقتصادية بصيغ ما، وهذا يجب أن ينتهي ويكون محل رفض من التونسيين وموضوع مقاومة منهم لإنهائه
- إنهاء حالة التبعية لفرنسا يكون بتفكيك منظومات إخضاعنا التي بنتها فرنسا طيلة عقود مستعينة بمنتسبيها التونسيين، وهذا الفعل المقاوم يكون بتفكيك أدوات التشكيل الذهني من تعليم وتثقيف واعلام وتحريرها من منتسبي فرنسا
- عدم الاعتراف بكل ما بني كأفعال تأسيسة لتونس الحديثة طيلة عقود، لكن يمكن التعامل مع ذلك الموجود كإطار واقع، مثلما تتعامل حماس مع سلطة "عباس" وتعاملت المقاومة الإفغانية مع السلطة التي كانت خاضعة تحت الاحتلال الأجنبي وتعاملت حركة المقاومة في جنوب افريقيا مع نظام الميز العنصري
--------
هذا التصور النظري للخطر الفرنسي وحقيقة تحكمه فينا منذ عقود ووجوب التحرر منه، يمكن الرجوع لتفسيره أكثر في ماكتبت في كتاب الربط اللامادي وفي مئات المقالات الأخرى
أنا ما أقدمه واقترحه هو المستوى الفكري التأسيسي لفعل الرفض، لكن التنزيل الميداني لفعل المقاومة، يترك لمن سيقوم بالعمل الذي يمكن أن يكون في شكل منظمات أو أحزاب، سرية أو علنية
ثم حينما تتكون بذور المقاومة لمنظومة فرنسا، ستكون تفاصيل أخرى عملية تنفيذية وسيكون لكل حادث حديث، وهذا المستوى مما ينظر فيه أصحاب التشكيلات المقاومة كل حسب طاقته