فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 339 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لسبب ما يصر الفرد التابع على استدعاء الخوارق والتفسيرات غير المدركة حين تناول سلوكيات الناس وقدراتهم وتميزهم وعدمه
لما يراد فهم الواقع وأسبابه من زاوية تفاعل الناس، لايقال أن ذلك الفرد تصدى لذلك الفعل لتميز في شخصيته أو لكفاءته في موضوع ما، ولا يقال إنه ذو صفات جيدة لاجتهاد ألزم ذلك الشخص نفسه به، وإنما يقال هو تميز لأنه "ابن أصل" وأن صفاتها جيدة لأنها "بنت أصل" أي أنه تميز لأن تلك طباع ورثوها
وحين يقعد الفرد عن الفعل الجيد يقال أن أصله هو الذي دفعه لذلك الخور والجبن، وحين تنحرف الفتاة يقال إن "أصلها السيىء" هو الذي دفعها لذلك
وهم يجعلون "الأصل" تفسيرا غامضا له فعل أكثر من فعل الدين وباقي الأسباب، فهم يستقيلون من تربية الأبناء ومتابعتهم، ويزعمون أن"أصل" الفتاة هو الذي سيحميها من الضياع، هكذا إذن يوجد شيىء اسمه أصل له قوة تأثير تغالب مفاعيل شبكة الأسباب الموضوعية
وهم لايفسرون العلاقات الزوجية بأسبابها النفسية والإقتصادية والإجتماعية، وإنما يتركون كل ذلك ويقفزون لاستدعاء "أصل" الزوجة، فهي إن كانت "بنت أصل" ستصبر على زوجها وإلا فإنها ليست "بنت أصل"، هكذا هو إذن، تفسير خارق تبسيطي ومتجاوز للأسباب الموضوعية وحتى للإسلام ومنظومته التفسيرية التي تضبط العلاقة الزوجية بأسباب نجاح
ما نلاحظه في هذا التفسير هو التالي:
- اعتماد تفسير غير موضوعي باعتباره المؤثر بل الموجد لأفعال الفرد، يعتمد سببا غامضا قويا يوجد في مستوى انتمائه الدموي السابق الممتد لأجيال، وهذا هو المقصود بالأصل
- هذا التفسير يصور الفرد ضحية عوامل خارجة عن نطاقه هي التي تدفعه رغما عنه للفعل، مما ينزع عنه مسؤولية الأفعال في الواقع سلبا وإيجابا، أي أن الفرد لا يلام كثيرا إن فعل أمرا سيئا ولا يلام كثيرا لماذا لم يفعل أمرا ما يفترض منه فعله
- هذا التفسير حين تجاهله الاسباب الحقيقية للتأثير في الفرد والواقع، يمثل سببا للتشويش عن الإدراك والوعي بالواقع في مستوى منظوماته الفاعلة حقيقة والمنتجة لأحداثه
- هذا التفسير يمثل الخادم المباشر لسادة الواقع والداعم الموضوعي لأدوات التشكيل الذهني من تعليم وتثقيف وإعلام ومفاعيلها في الفرد والواقع ويتجاهل سلطة العلاقات الاجتماعية والثقافية والإقتصادية، لأن التفسير من خلال "الأصل"، يسند منظومات وشبكات الإخضاع تلك ويدعمها بعدم الاعتراض عليها ويعمل على تلهية الناس بصرف انتباههم لتفسيرات أخرى لأحداث الواقع، مما ينتهي بعدم الانتباه للمتحكمين الحقيقيين ولفهم الاسباب الحقيقية التي تؤثر في الفرد وتنتج أفعاله
------------------
التفسير من خلال "أصل الفرد"، أحد سمات الفرد التابع الإمعة الذي يعتبر المادة المفضلة لسادة الواقع، بسلبيته وضحالة الفهم لديه
أما الحقيقة فهي أن أفعال الفرد يتحكم فيها هو ذاته، تأثيراته في الواقع تتأتى من تفاعله هو مع مجموعة إخضاعات تصورية تضخها منظومات التوجيه الذهني التي تؤطر المجال المفاهيمي
ففعل الفرد نتيجة لمدى وعيه الذي يقرر مقدار قبوله بالاخضاع الذي يستهدفه من خلال منظومات التوجيه النفسي
الفرد قد يرث من آبائه صفات مادية جسدية وبعض سلوكيات بدائية أول نشأته، لكنه ككائن عاقل عليه أن يقرر لوحده مستوى مواقفه اللامادية فينمي بعضا من سلوكيات نشأت معه ويلغي أخرى، وإلا بقي كائنا بدائيا في مستواه الذهني وهو الحال مع القائلين ب"الأصل" كتفسر لأفعال الناس