فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 330 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الفعل الذي يتحرك في اتجاه الزيادة يولّد سلطة ما لدى صاحب الفعل لأنه نوع من إيجاد بعد عدم
والإيجاد صنف من القوة كتفريق له عن العجز وهو وضع العدم الأصلي حينما لم يكن هناك فعل، ثم هو تفريق عن الفعل الذي يتحرك في اتجاه التنقيص الذي هو تراجع عن وضع سابق، فيفهم بمعنى الضعف (مثل التصدق، المسامحة...)
لذلك هذا النوع من الفعل يخلق انطباع القوة لدى عامة الناس، التي تفترض أن من أوجد فعلا إنما يملك إمكانيات قوة، أي أن القوة المنتجة للفعل الملاحظ، صفة دائمة لدى الفرد
وهذا التصور عن الفعل لديهم يتعلق بفهم الايجاد وليس بمحتوى الإيجاد، لأن الناس تتعامل مع الفعل بأدوات الإدراك البدائية تقرب للتي لدى الحيوانات، فهي تلاحظ الفعل كتعبير مادي فقط وتسجله، وهي في ذلك المستوى لا تتعامل مع الفعل من زاوية معيارية أي مدى صوابيته لأن هذا التقييم الإضافي يفترض وجود مرجعية عقدية فكرية ضابطة تستعمل كمسطرة، وهذا المستوى الأرقى يختلف فيه الناس من حيث مدى انضباطهم الطوعي به ومن حيث قدرتهم على الالتزام به
لذلك الناس تشترك في قدرات إدراك المستوى المادي من الفعل، لكنها تفترق بعد ذلك في تقييم الفعل معياريا
ولأن الانتقال من مستوى الإدراك المادي للفعل لمستوى تقييمه معياريا، يتطلب مستويات ذهنية لا تتوفر لدى الكلّ، فإن عامة الناس تكتفي بالتقييم الإدراكي للفعل بمعناه الذي ذكرته سابقا، وهو تصورهم للفعل بمعنى أن الإيجاد دليل قوة لدى موجده
---------
هذا التفسير للفعل، يعني في الواقع، التالي:
- الناس تهاب المجرم والقاتل والجريىء عموما، رغم أن هذه الأفعال معياريا فاسدة، ولكن الفساد المعياري لايمنع من كون أصحاب تلك الأفعال يكسبون نوعا من التقدير بفعل انطباع القوة الذي تركوه لدى الناس
- بالمقابل الذي يفعل في اتجاه التخفيض، يعطي انطباع الضعف، فلا يقع تقديره، من مثل: التنازل عن الحق، التواضع، السكوت عن الظلم وعدم الرد، لأن هذه أفعال كانت في اتجاه تخفيض قيمة وليس زيادة قيمة، رغم أنها معياريا أفعال جيدة
- هذا يعني أنه إن التقى طرفان للمنافسة على التحكم في الواقع أهل قوة من جهة وأهل مبادىء من جهة ثانية، فإن الناس ستفضل صاحب القوة على صاحب المعيارية والمبدئية، وسبب ذلك أنهم يكتفون بالمستوى الأول من الإدراك كأداة تقييم كما وضحت سابقا
يجب القول أن هؤلاء الذين نتحدث عنهم أنهم عامة الناس وأنهم يكتفون بالمستوى الأول من الإدراك البدائي، هم عموما يمثلون الفرد التابع الإمعة الذي يتلقى مؤشرات الإدراك بما تنقله له أدوات التشكيل الذهني التي تتحكم فيه وتعمل على إبقائه في ذلك المستوى المنخفض من الفهم