فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 318 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اعتقد يمكن لمن يكتب كلاما أن يكفّ عن الصفات التالية التي يمكن أن تلصق بحديثه:
1- يمكنك أن تنقل المعنى من دون أن تصف غيرك بالجهل والغباء وغيرها من صفات الذم، فأنت تحدثنا عن فكرتك وهي في صوابيتها وصحتها لا تعلق لها بالغير ومدى فهمهم وقبولهم لها وعدمهما
فلايهمنا كثيرا أو قليلا الآخرين، فركز إذن على فكرتك ومعانيها ووضحها ورتبها، ودعك مما عدا ذلك
ويمكن القول أن هذا الخلل سببه التناول بمحورية الفرد عوض محورية الفكرة، فالذي ينقل المعنى في تعلق بالأفراد بدرجة أولى استبطانا لموقف فرد ما له معه خصومة أو لافتراض موقف جهة مغالبة ما، سيجعل ذاك الفرد ومواقفه هي المحرك لفكرته، فتنتهي للانحراف والهبوط لشتم الغير مسبقا، بينما لو تحدث عن فكرته غاضا الطرف عن مواقف الغير منها، لما كان في حاجة لقذف الغير
2- يمكنك أن تنقل فكرتك من دون الحاجة للمبالغات والحشو، البعض كأنه يرى ألفاظ اللغة العربية عاجزة عن نقل معاني فكرته، فيقفز للبحث عن ألفاظ أكثر إيقاع سمعي وطنين وإيحائية، فتكون المبالغة، بينما الحقيقة أن ألفاظ اللغة العربية في مستواها العادي قادرة على نقل أي معنى، وإنما الإشكال يتأتى من جهتين
أولا عدم تمكن الكاتب من اللغة العربية فيتوهم عجز المتوفر من اللفظ اللغوي على استيعاب معاني فكرته التي يعتقد بسموها وعلوها من أن تستوعبها الألفاظ المتداولة، فهو موقف نتيجة ضعف معرفي وإسراف في تقدير الذات
ثانيا وَلَع بالتأثير الواقعي وليس بالتأثير الفكري أي اعتماد الواقع أنه هو الحقيقة وليست الفكرة هي الحقيقة، لأن التأثير من خلال المعاني فقط يمر بمسار ذهني طويل في الزمن نسبيا، أما التأثير من خلال الإيحاء والطنين فهو ذو نتيجة مباشرة يقرب للمغالطة ولأدوات التشكيل الذهني
فيكون تفسير ذلك أن الذي يعتمد المبالغات يقصد التأثير الحيني المباشر في الغير ولايقصد تبليغ الفكرة التي ستمر من خلال مسار زمني لاحق
ويمكن القول أن هذا الخلل أي المبالغات والاعتناء بالنتيجة الفورية، سببه اعتماد محورية الواقع عوض محورية الفكرة
ثم إن التناول بمحورية الفرد ومحورية الواقع عوض محورية الفكرة في الحالتين، تمثل أهم صفات الفرد التابع الذي يُوظف للتحكم في الواقع من طرف منظومات التشكيل الذهني والإخضاع النفسي